* إسلام آباد وكالة أنباء جنوب آسيا:
أعلنت مفوضية الانتخابات النتائج الرسمية لعملية الاستفتاء، والتي بموجبها حصل الجنرال برويز مشرف على الأغلبية الساحقة للبقاء في كرسي الرئاسة لمدة خمس سنوات أخرى وسيمكنه الاستمرار في الاصلاحات الهيكلية التي بدأها منذ أكثر من سنتين، هذا ما جاء على لسان رئيس المفوضية وقاضي القضاة السابق ارشاد حسن خان.
وحسب الاحصاءات الرسمية التي عددها المسؤول الحكومي فإن الجنرال برويز مشرف حصل على 3. 40 مليون صوت في استفتاء ابريل وهو ما يمثل 98% من المواطنين الباكستانيين المؤهلين للتصويت.
ولنتوقف قليلاً عند هذه الاعداد الحكومية، فمن المعروف ان حزب الرابطة الاسلامية التي يرأسها نواز شريف قد حصل على 8.8 ملايين صوت في انتخابات عام 1997م، وفيها حصلت بانزير بوتو على رأس حزب الشعب الباكستاني 2. 4 ملايين صوت. أما في انتخابات عام 1993م فقد توجت فيها بانزير بوتو رئيسة للوزراء بعد حصولها على 6. 8 ملايين صوت، بينما كسب نواز شريف 8.8 ملايين صوت وأخذ أغلبية الثلثين في البرلمان.
وإذا قمنا بجمع الأصوات التي حصل عليها الحزبان معا في انتخابات 97 فإنها تصل الى 3. 10 ملايين صوت وسط وجود مئات المرشحين الذين عملوا ليل نهار بدفع الناس الى مراكز الاقتراع والتصويت لصالحهم، فكيف يعقل لرجل واحد كالجنرال مشرف وهو في بزته العسكرية ان يكسب 3. 40 ملايين صوت؟!!.
وبالنظر الى نسبة التأييد التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات في استفتاء اكتوبر فإنها 5. 97% وتصل في بعض الأحيان الى 98%، وهي هذه المرة تمثل مفاجأة كبيرة تجاوزت كل الأرقام القياسية السابقة المسجلة في تاريخ باكستان، وحتى لو قمنا بمقارنتها مع استفتاء الجنرال ضياء الحق ونجاحه التاريخي آنذاك أو مجموع الأصوات التي حصل عليها حزبا الرابطة الاسلامية والشعب الباكستاني، خلال الانتخابات الثلاثة الأخيرة فإن نتيجة الاستفتاء ستكون مدهشة.
فالنسبة التي حصل عليها الجنرال ضياء الحق كانت 71. 97% وبذلك زاد الجنرال برويز مشرف عليه وجعلها عددا سليما خاليا من الكسور وهو 98%، أما بخصوص نسبة التفاعل الشعبي العام في الاستفتاء فكانت هذه المرة 06. 56%، حيث ان سبب انخفاض نسبة التفاعل هذه المرة ربما للغموض السائد في الدوائر الحكومية حول العدد الصحيح للأفراد الذين تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة.
ما هو معروف للمراقبين ان الانتخابات التاريخية عام 1970م، والتي فاز فيها حزب الشعب الباكستاني مع الرابطة الشعبية برئاسة مجيب الرحمن كان أنشط حدث انتخابي في تاريخ البلاد وكانت نسبة التفاعل فيها آنذاك 87. 59% أي بزيادة 8. 3% فقط عن استفتاء مشرف، و13. 5% أقل من استفتاء ضياء الحق.
وبالمقارنة مع مجموع الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب السياسية في انتخابات 88 و90 فإن عدد الأصوات في الاستفتاء أكثر منها بثلاثة ملايين صوت حيث كان في الانتخابات المذكورة 98. 40 مليون صوت، بينما في الاستفتاء فإن مجموع الأصوات الايجابية والسلبية هي 70. 43 مليون صوت.
ومثل ذلك فإن مجموع الأصوات في انتخابات عام 90 و93 «التي كان فيها حجم المشاركة أكبر بكثير من انتخابات 88 و79، قد بلغت 68. 41 مليون صوت، وهي أقل من عدد أصوات الاستفتاء ب29. 2 مليون صوت.
أما مجموع أصوات انتخابات 93 و97 فقد كانت 5. 28 مليون صوت حصل عليها نواز شريف وبانزير معا، وهذا العدد يشمل الأغلبية الساحقة التي حصل عليها نواز شريف عام 97 لكنها لا تزال أقل ب3. 14 مليون صوت من مجموع الأصوات التي يزعم مشرف الحصول عليها في استفتاء الثلاثين من أبريل.
وإذا قمنا بجمع الأصوات التي حصل عليها حزبا الرابطة الاسلامية والشعب الباكستاني في الانتخابات الثلاثة الماضية 899097 فإنها تبلغ 4.41 مليون صوت، وهنا ما زال الجنرال مشرف متقدما بفارق 4. 1 مليون صوت في استفتاء واحد فقط وليست ثلاثة.
خلال الاستفتاء الحالي نجح الجنرال مشرف أيضا في هزيمة النسبة المشتركة لفوز ذو الفقار علي بوتو وشيخ مجيب الرحمن في الانتخابات العامة آنذاك، كما عمل هذا الاستفتاء على ترفيع مستوى التفاعل الشعبي والنتيجة العامة للمشاركة بنسبة 13% عن انتخابات 93، والأغرب بنسبة 20% عن انتخابات 1997م.
ومن المثير للدهشة فإن عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء من مدينة لاهور وحدها بلغ 9. 1 مليون شخص من أصل أربعة ملايين نسمة، وهذا يعني ان عدد الناس الخارجين الى شوارع لاهور للمشاركة في الاستفتاء بلغ ضعف عدد الذين استقبلوا خميني في شوارع طهران عام 1979م أو ثلاثة أضعاف من عدد الذين احتفوا ببانزير بوتو عام 1986م وبذلك وتحت إمرة الناظم الأعلى للاهور ميان عامر محمود فإن سكانها قد استطاعوا تحطيم رقمين قياسيين في تاريخ المنطقة.
ولا يختلف الأمر في مدينة كراتشي، فرغم المقاطعة التامة للاستفتاء من قبل حزب الربطة الاسلامية وحزب الشعب الباكستاني والجماعة الاسلامية وحركة المهاجرين القومية، إلا ان نائب الناظم الأعلى لكراتشي قد سجل أرقاما خيالية للأصوات.
أما عن بلوشستان فحدث ولا حرج وشكرا للمسؤولين والموظفين الحكوميين وعائلاتهم الموقرة الذين حرصوا على المشاركة في الاستفتاء لتسجيل أرقام عالية رغم مقاطعة رجال القبائل للعملية بأسرها.
وفي إقليم الحدود الشمالية الغربية فلا مجال للحديث عن الاستفتاء وسط التيار الحكومي الجديد الموالي للحضور الأمريكي داخل أراضيه.
هنا، بات من الواضح بعد الاعداد المذكورة أعلاه حجم المشاركة الشعبية الفعلية في الاستفتاء، ومدى رفض الناس أو بالأصح عدم مبالاتهم لمثل هذه الأحداث بعد ان فضلت الأغلبية التمتع بالاجازة يوم الثلاثين من أبريل أو على الأقل البقاء في البيوت لمشاهدة التلفاز.
ولو ان لجنة حقوق الانسان الباكستانية التي تعمل ليل نهار لتشويه سمعة البلاد ولا تحترم المصالح الوطنية قد اخترعت من عند نفسها النسبة الطوعية لخمسة بالمائة، فإن لا أحد من التحالف الدولي ضد الارهاب سيسمع لهذه الشرذمة من الليبراليين المتطرفين.
أما وزير الاعلام الباكستاني نثار ميمن فله أسبابه الخاصة عندما يصف التقارير الصحفية المتحدثة عن اختلال جوهري في الاستفتاء بأنها غير صحيحة ومبالغ فيها، وأخيرا إذا كان البرلمان القادم سيحدد كل شيء فما هي الحاجة الى هذا الاستفتاء؟
فبعد الحصول على هذه الشعبية الكبيرة ما الحرج من الحصول عليها مرة أخرى في انتخابات اكتوبر القادم، هذا إذا كان هناك من لا يشك في عملية الاستفتاء؟ أو إذا كان أحد لا يرغب في خلق صدام بين الشعبتين!!.
لك الحق أن تتساءل: هل كان استفتاء مشرف حقا شفافاً؟!!!.
|