وكأننا أدمنّا الشكاوى، أقمنا جداراً للبكاء والندب، ورمينا كل أخطائنا على الإسرائيليين والأمريكيين، واكتفينا باتهام الآخرين بحياكة المؤامرات ونصب الأفخاخ لنا، وتركنا محاسبة الذات، ولم نسأل أنفسنا ماذا فعلنا لقضايانا، وهل نقوم بالواجب وهل نتعامل بأسلوب علمي ومبرمج ونضع خططاً لمواجهة أعدائنا كما يفعل غيرنا.
نصرخ دائماً عن انحياز أمريكا الدائم لإسرائيل، وأن الإدارات الأمريكية والمؤسسات السياسية الأمريكية خاضعة لهيمنة وسيطرة اللوبي الصهيوني، خوفاً من قدراته المالية والإعلامية.. وقد يكون هذا الكلام صحيحاً.. ولكن ماذا فعلنا لمواجهة هذا التسلط اليهودي على صانع القرار السياسي الأمريكي..؟!
يتعاقب المئات من المتصلين على برامج المحطات الفضائية، بعضهم يتهم الحكومات والأنظمة العربية بالاسترخاء والكسل.. وعدم تأدية الواجب، ولم يكلف أي واحد من هؤلاء المتصلين نفسه ويؤدي هو واجبه.. مثلما يقوم اليهود والمتعاطفون مع إسرائيل..!! فالصهاينة في أمريكا وأوروبا عندما يُنشر خبر يكشف جرائم إسرائيل، أو يتخذ مواطن أمريكي أو أوروبي موقفاً شجاعاً تعاطفاً مع الشعب الفلسطيني بعد معرفته حقيقة ما يحدث في فلسطين، أو بعد تأثره بما يشاهده في التلفاز فيقدم على عمل يدفعه إليه ضجره في مواجهة الظلم والتسلط..
هذا المواطن الأمريكي أو الأوروبي يتعرض لحملة ابتزاز وترهيب والتخويف من قبل الصهاينة اليهود، بدءاً بإرسال رسائل التهديد أو المكالمات التلفونية ورسائل الإنترنت، ورفع القضايا في المحاكم بزعم التشهير أو معاداة السامية، وهذا بالضبط ما يتعرض له أعضاء الكونغرس الأمريكي والساسة في أوروبا، فما أن ينحاز أحدهم إلى الحقيقة والعدل.. بل وحتى إلى مصالح بلاده ويتصدى للتجاوزات الإسرائيلية، حتى توجه كل حملات التشهير والهجوم ضد هؤلاء السياسيين الذين كثير منهم دفع ثمن مواقفه الشجاعة ففقد مقعده النيابي..!!
ماذا فعلنا نحن العرب لهؤلاء الشرفاء، قبل أيام جرى تصويت في الكونغرس الأمريكي لتبنِّي قرار منحاز ومؤيد بوقاحة لإسرائيل وضد العرب جميعاً.. وضد مصالح أمريكا نفسها.. وقد عارض البعض هذا القرار وامتنع البعض الآخر عن تأييد القرار ستة من مجلس الشيوخ واثنان وثمانون نائباً في مجلس النواب.
هؤلاء الأعضاء في أكبر المؤسسات التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية والمؤثرين جداً في صياغة وصناعة السياسة الأمريكية، هل فكرنا في شكرهم وإرسال رسائل شكر ومؤازرة...؟!!
هل حاولنا أن نعرف أسماء وعناوين هؤلاء الشرفاء.. هل تحركت السفارات العربية في واشنطن لدعم هؤلاء المشرعين وبناء علاقات معهم..؟!!
وأخيراً هل يمكن للجمعيات والمنظمات العربية والإسلامية في أمريكا الاستفادة من صحوة ضمير ثمانية وثمانين برلمانياً أمريكياً لبناء كتلة قوية..؟!!
أسئلة موجهة للذين أدمنوا الصراخ ورموا كل أخطاء العرب.. وصمتهم وسباتهم الدائم.. على المؤامرات ولم يكلفوا أنفسهم أن يجاروا الآخرين.. ويكلفوا أنفسهم شكر من يقف مع قضاياهم العادلة.
|