Monday 6th May,200210812العددالأثنين 23 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في معركة مخيم جنين في معركة مخيم جنين
25 شهيداً من المقاتلين الفلسطينيين مقابل 23 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً!!!

* رام الله نائل نخلة:
تتضح الصورة يوما بعد يوم في مخيم جنين الذي سطر فيه قلة من المجاهدين الأفذاذ أروع صور الصمود والمقاومة والتحدي أمام مايوصف برابع أقوى جيش في العالم هو جيش «الدفاع» الاسرائيلي.
يجمع المراقبون والمحللون العسكريون حتى من الصهاينة أنه لم يكن بمقدور (100) مسلح فلسطيني بأعلى تقدير الصمود والمقاومة لتسعة أيام دون تخطيط محكم وإدراك واع لطبيعة المعركة واستعداد استمر لعدة أشهر حجم القوات الإسرائيلية التي شاركت في الهجوم على مخيم يقطنه اثنا عشر ألف فلسطيني على مساحة لاتتجاوز الكيلو متر مربع أصابت من راقب العملية بالذهول والصدمة.
فرقتان كاملتان من القوات النظامية بكامل معداتهما آلاف الجنود، طائرات الأباتشي التي أطلقت اكثر من 300 صاروخ جو أرض، طائرات ال اف 16 التي دكت أحياء المخيم اكثر من مرة، 50 جرافة D9 هدمت 800 منزل وجرفت أحياء كاملة وهي في النهاية من حسمت المعركة، وكل هذه القوات تم استبدالها ثلاث مرات خلال الهجوم تحت شعار «إعادة إنعاش القوات».
على ماذ ارتكز الصمود؟ وكيف تمكن 100 مقاتل استشهد ثلثهم واعتقل الثلث الثاني وتمكن الثلث الأخير من الهروب من صد جيش يملك أفضل التسليح والتدريب لمدة تسعة أيام بلياليهن؟
تخطيط محكم وتصميم
على القتال حتى الموت:
أول عمل بادرت إليه المقاومة إقامة غرفة عمليات مشتركة للمقاومين، وهي مكونة من (مقاتلي كتائب القسام) (حماس) وكتائب شهداء الأقصى (فتح) وسرايا القدس (الجهاد الإسلامي) رغم وجود مرجعية ميدانية لهؤلاء المقاتلين كل حسب قيادته التنظيمية.
محمود أبو حلوة، الذي سقط في ساحة المعركة، قائدا ميدانيا لمجموعات القسام العاملة في هذه المعركة، وكان الشهيد محمود طوالبة، قائدا ميدانيا لسرايا القدس، وكان المعتقل جمال حويل، قائدا ميدانيا لكتائب الأقصى في أرض المعركة، أما الشهيد يوسف ريحان الملقب «أبو جندل» فكان يرأس فرقة من الأمن الوطني الفلسطيني تخوض بقيادته المعارك في المخيم خلال الاجتياحات المتتالية السبعة له.
عدم تكرار الأخطاء السابقة:
الاجتياحات الستة التي واجهها المقاتلون في مخيم جنين طوال انتفاضة الأقصى المباركة حتمت على قيادتهم الميدانية التعلم من الأخطاء التي كانت تقع في السابق وعدم تكرارها وهذا بالفعل ماحدث.
مقاتل من كتائب عز الدين القسام تحدث إلى «الجزيرة» قائلاً: تقوم القوات الصهيونية وعند بدء اجتياحها للمخيم في كل مرة بقطع شبكة الهاتف، وتعطيل شبكة الهواتف النقالة «الجوال»، وتعطيل شبكة الكهرباء، فوفرنا للمجموعات هواتف خلوية متعددة ولشركات مختلفة وتجاوزنا مسألة قطع الاتصالات، الكهرباء لم تكن لنا ضرورية سوى لشحن الوبايلات فوفرنا مانورات صغيرة إلى جانب بطاريات السيارات وخصص لهذا الغرض أناس معينون.
وأضاف المقاتل والذي رفض الكشف عن اسمه مكتفيا بالترميز ب «م.ع» وهو يتحدث عن شبكة الاتصالات بين المقاتلين:......
لقد تم ربط المجموعات المقاتلة بهواتف لاسلكي «ميرتس» وتم توزيعها بشكل جيد، وتم تشكيل فرق خاصة للاتصالات وظيفتها ايصال كل مايجري داخل المخيم إلى كل مجموعة على حدة، فيثبت المقاوم في موقعه وهو يعرف وبدقة متناهية مايجري في المواقع الأخرى، ولهذا دور كبير في ثباته، إضافة إلى انه يكون على دراية تامة بتحركات الجيش الصهيوني في محيطه، وعليه يكون جاهزاً لقنصهم والانقضاض عليهم ما وقع الهدف في الفخ.
محاربة الاشاعة داخل المخيم:
كان على المقاتلين إدارة المعركة على اكثر من صعد، فالأعداء ليسوا فقط محيطين بالمخيم بل هناك عملاؤهم الذين لاتقل خطورتهم عن الجنود المحيطين بالمقاتلين.
تشكيل غرفة للعمليات، إضافة إلى تشكيل مجموعات صغيرة من المسلحين يكون على رأسها مسؤول فقط يتم العمل وفق توجيهاته وفر على المسلحين تجنب الكثير من الأخطاء المقصودة.
بقي معالجة الاشاعة التي لاتقل خطورة عن السلاح، ولتفادي هذا الأمر يقول المقاوم شكلنا جهاز رصد مستقل عن باقي مجموعات المسلحين وفقط يعمل عناصره على مراقبة تحركات الجنود وجمع المعلومات، وكان القائمون على الجهاز يعينون اكثر من مراقب في نفس المنطقة ولايعرف الواحد منهم الآخر وبهذا تفادينا التضليل والوقع في شراك القوات المعتدية.
ذخيرة المقاتلين:
لكل تنظيم كان له مخازن الأسلحة والذخيرة الخاصة به بالتنسيق مع التنظيمات الأخرى، ووضع على هذه المخازن أمناء حيث تم الاعداد لذلك جيدا.
وقبل الاجتياح بيومين اجتمعت اللجنة العسكرية المكونة من الألوية الثلاثة، وأحصت ما لديها من أسلحة مجتمعة فوجد انه يوجد داخل المخيم 15 ألف عبوة ناسفة مابين كوع باحجامه المختلفة الصغيرة والكبيرة وعبوات الحنش الكبيرة وأنواع القنابل المختلفة.
إضافة إلى قاذف ار.بي.جي واحد، وثمانية صواريخ «لاو» مع قاذف واحد، وعدد كبير من الأسلحة الرشاشة وخاصة «ام 16» و«كلشن» وعدد قليل من الرشاشات الثقيلة من عيار «300» ملم.
قائمة ملاحظات:
وبحسب المقاتل فان القيادة الميدانية المشتركة للمسلحين وزعت قائمة ملاحظات عليهم شملت الآتي:
عدم الهرب عند رؤية جنود واتباع التعليمات بدقة والاتصال بباقي أفراد المجموعة بالدقة المتفق عليها.
عدم فتح الهواتف النقالة في حالة وجود تحليق للطائرات في سماء المخيم.
إطاعة القائد الميداني لكل حارة وعدم التنقل إلا بتنسيق مباشر، إذ لايجب ان يترك المقاتل موقعه إلا إذا أحضر بديلاً له في ذلك الموقع لئلا تكون ثغرة ينفذ منها العدو إلى داخل المخيم.
إبقاء جميع منازل المخيم مفتوحة على بعضها لتسهيل حركة تنقل المقاتلين من مكان إلى آخر.
الاتفاق على شارات معينة يفهمها الجميع داخل المخيم منها على سبيل المثال: ان يصدح الجميع بتكبيرة العيد عندما يتمكن المقاتلون من قتل أي جندي أو حصار جنود داخل منزل أو كسب جولة في الحارات فيبدأ الجميع يصدح بتكبيرة العيد وتبدأ تنتقل حتى يصدح بها بشكل جماعي كل سكان المخيم وتدوي عاليا في سماء المخيم وفي آذان الجنود الذين تصيبهم حينها حالة من الإرباك وخاصة أولئك الذين يوجدون في داخل المخيم، أما التكبيرة العادية فكانت إيذانا بسقوط شهيد في ساحة المواجهة.
الجوانب الإنسانية كانت حاضرة:
بالرغم من الظروف الميدانية الصعبة والقاسية التي عاشها المقاتلون الفلسطينيون إلا أنه لم تغب المظاهر والجوانب الإنسانية عن سلوكياتهم حتى أثناء المعارك.
يقول هذا المقاتل: كنا نحضر الحلوى ونوزعها على الأطفال المحاصرين في داخل بيوتهم.ولم يغب القرآن عن جلساتهم ولقاءاتهم، فقد كان المقاتلون يشتركون في قراءة القرآن الكريم بصوت مرتفع واحياناً بشكل جماعي.
لقد كان المقاتلون يأكلون وجبة واحدة في اليوم وعادة ما تكون خفيفة ساندويش وهي طبعا وجبة إفطار الصائم، باستثناء اليوم الأول للاجتياح الذي كانت تقوم النساء فيه بطهي الطعام للمقاتلين، حيث خصصت نساء في كل حارة للقيام بهذه المهمة بحسب (م.ع).
لقد تميزت معركة مخيم جنين ورغم شراستها بقلة عدد الشهداء المقاتلين.
إذ ان غالبية الشهداء هم من المدنيين سواء أكانوا شيوخا أو نساء أو أطفالاً.
وقد تبين ان عدد شهداء المقاومة قد بلغ 25 مقاتلا وسط عشرات آخرين اعتقلوا بعد ان نفدت دخيرتهم.
ولعل هذا العدد القليل من الشهداء المقاتلين قد شكل صفعة قوية للمؤسسة العسكرية الصهيونية، إذ أنه وبكل بساطة فإن عدد الجنود الصهاينة القتلى قد فاق عدد الشهداء المقاتلين مع استثناء المدنيين، وذلك يعود إلى ان كل رجل منهم يعد بألف من هؤلاء في المواجهة المباشرة.
فكم من مرة وخلال هذه المعركة بكى الجنود الصهاينة وهم يتوسلون إلى رجال المقاومة إلا يقتلوهم بعد ان يتمكنوا من حصارهم داخل المنازل، وهم ينادون بأعلى صوتهم يا شيخ فلان، ياحج فلان ، من الأسماء التي عباهم بها اعلامهم ضد هذا المخيم، في مقابل رجال أقر الجنود الصهاينة أنهم لم يروا مقاتلين قط في هذه الشراسة وان جميع المعارك التي خاضوها في السابق لم تكن سوى نزهة إذا ما قورنت بمعركة مخيم جنين.
قائمة الشرف:
قائمة شهداء كتائب شهداء الأقصى في معركة مخيم جنين:
1 الشهيد البطل هاني عطية أبو ارميلة، استشهد بتاريخ 3/4/2000.
2 الشهيد البطل زياد ابراهيم عبد عامر، استشهد بتاريخ 3/4/2002.
3 الشهيد البطل علام محمد قنيري، مجهول تاريخ الاستشهاد.
4 الشهيد البطل نضال محمد توفيق اغبارية، عضو في جهاز الأمن الوقائي، استشهد بتاريخ 21/4/2002.
5 الشهيد البطل محمد خليل النورسي، عضو في جهاز المخابرات العامة، مجهول تاريخ الاستشهاد.
قائمة شهداء الأمن الوطني الفلسطيني، فرقة الشهيد ابو جندل:
6 الشهيد البطل القائد يوسف محمد أحمد قبها «أبو جندل»، من قرية برطعة في القضاء، مجهول تاريخ الاستشهاد.
7 الشهيد البطل طارق زياد عادل درويش، استشهد بتاريخ 5/4/2002.
8 الشهيد البطل وليد ابراهيم سعيد محمود، من قرية سيريس في القضاء، استشهد بتاريخ 6/4/2002.
9 الشهيد البطل فادي كمال جميل قاسم، من قرية عقابا في القضاء، استشهد بتاريخ 17/4/2002.
10 الشهيد البطل مجدي ناجي محمد خليلية، من قرية جبع في القضاء، مجهول تاريخ الاستشهاد.
قائمة شهداء سرايا القدس
في معركة مخيم جنين:
11 الشهيد البطل القائد محمود طوالبة، استشهد بتاريخ 18/4/2002.
12 الشهيد البطل طه الزبيدي.
13 الشهيد البطل الشيخ رياض محمد علي بدير، من طولكرم، مجهول تاريخ الاستشهاد، عثر على اشلائه تحت الانقاض.
قائمة شهداء كتائب
القسام في معركة المخيم:
14 الشهيد البطل محمود حلوة: قائد كتائب القسام في معركة مخيم جنين.
15 الشهيد البطل أمجد فايد خبير متفجرات في كتائب القسام.
16 الشهيد البطل محمد فايد، شقيق الشهيد أمجد الفايد.
17 الشهيد أشرف أبو الهيجا، قائد سرية في كتائب القسام.
18 الشهيد البطل نضال حسني أبو الهيجا، استشهد بتاريخ 15/4/2002.
19 الشهيد البطل منير وشاحي.. عمل في مجال ضرب وتفجير العبوات الناسفة.
20 الشهيد البطل عبد الرحيم علي فرج.
21 الشهيد البطل محمد عطية.
22 الشهيد البطل نضال محمد سويطات، استشهد بتاريخ 17/4/2002.
23 الشهيد البطل نزار محمد مطاحن.
24 الشهيد البطل محمد محمود طالب.
25 جابر حسني صابر جبر، وقد عثر على جثته تحت الأنقاض.
أبو جندل خلق ليكون رمزاً:
أبو جندل، مقاتل فلسطيني من قوات الأمن الوطني، في الخمسينيات من عمره، خدم في مدينة بيت لحم قبل ان ينتقل إلى جنين ليشرف على قيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني هناك ولكنه كان القائد الميداني لرجال المقاومة في مخيم جنين واستحق ان يكون شهيدا.
أبو جندل وبسبب خبرته العسكرية أشرف وبشكل مباشر على تقسيم المقاتلين على المحاور، وكان ذا حنكة شديدة، إذ كان يحدد لكل مقاتل موقعه.
ويقول «م.ع» في إحدى المرات وبينما كان أبو جندل يتمركز ومجموعته في أحد الأحياء، دخل أحد الجنود الصهاينة إلى زقاق الحارة بعد ان كشف عدم وجود مقاتلين في المنطقة، وهو يعطي ظهره للخلف، وعندها تجهز المقاتلون لقنصه، فأمرهم أبوجندل بألا يطلقوا رصاصة واحدة، فاغتاظ المقاومون، وماهي إلا لحظات حتى دخل جندي ثان وبنفس الطريقة، وعندها أمرهم أبو جندل أيضا بعدم إطلاق النار، حتى ان أحد المقاتلين أخذته الشكوك في أبي جندل، وماهي إلا لحظات حتى دخلت الفرقة كاملة إلى الزقاق وتوغلت فيه، فأمرهم حينها أبو جندل بإمطارهم بالرصاص والعبوات ويوقع العديد منهم بين قتيل وجريح.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved