Friday 3rd May,200210809العددالجمعة 20 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

هيفاء معلقة على مقالة العشماوي هيفاء معلقة على مقالة العشماوي
«الغُربة» غربتنا ونحن من نُغربهم!!

تعقيباً على مقالة الأستاذ عبدالرحمن العشماوي عن غربة الأطفال أقول:
لنعترف جميعاً بأن هناك هوة ساحقة.. خلقت.. أو خلقناها.. بيننا وبين جيلنا القادم..
الذي نعول عليه الآمال.. ونرجو فيه المستقبل.. تساءلت أستاذي وقلت: ماذا فعلنا لهم؟؟
جُلُّ أمانينا أن يكون أولادنا.. أحسن منا بكثير..وأفعالنا.. لاتدل على ذلك..
فمنتهى طموحاتنا أن يذهبوا لمدارسهم.. ويؤدوا واجباتهم.. وينالوا شهاداتهم.. وأن يكونوا مطيعين.. لا يسببون لنا الإزعاج..
وأقصى ما نفعله.. تأمين المأكل.. والملبس.. والمسكن.. ولا يفوتنا توفير جهاز تلفاز.. يربط أمامه الطفل بحبال«سبيس تون» و«بات مان» وغيرها من الحبال الكرتونية التي لا نكلف أنفسنا مشاهدتها ومعرفة مضامينها.. هي فقط تبعد هذا الطفل وتريحنا من إزعاجه!!
إليك ما نفعل:
نهتم بنظافتهم الشخصية ومظهرهم.. ولانهتم بنظافة مشاعرهم الداخلية!!
يهمنا أن يتصرفوا بأدب ولباقة مع الغير.. ولا يهمنا أدبهم الذاتي!!
تهمنا صحتهم البدنية.. ولا نهتم بصحة عقولهم!!
تهمنا نتائجهم المدرسية.. ولانهتم بثقافتهم ومخزونهم الفكري!!
يهمنا أن نرضى عنهم.. ولا نهتم إن كانوا.. هم.. راضين عنا!!
نبحث في أدراجهم وأشيائهم الشخصية عن تجاوزات.. ولا نبحث في عقولهم عن سبب تلك التجاوزات!!
نطالب بحرية التعبير عن آرائنا.. ونمتعض ويصيبنا الغضب إن حد أحد من تلك الحرية.. ولم يسمعنا.. ولا نترك لهم حرية البكاء إن غضبوا ولا الضحك إن سعدوا!!
نخنقهم بأنظمة الحاضر والنعم.. ونخترق تلك الأنظمة على مرأى منهم!!
نأمرهم بتطبيق أمور الدين.. ولا نطبقها!!
نأمرهم بفعل الخير.. ولا نفعله!!
نأمرهم بالتسامح والنسيان والعفو.. ونحن لا نسامحهم ولا نعفو عنهم ونعاقبهم!!
نأمرهم بتجنب الكلام في سيرة الغير.. ونحن ننتقد العمة والخالة.. ونتطاول على العم والخال.. ونسفه المعلم والمعلمة.. على مسمع منهم!!
نأمرهم بالطاعة.. ونحن.. في.. قمة العصيان!!
نرمى لعب«البوكيمون».. ونجعلهم يلبسون«النيجا»!!
ننهاهم عن «التقزيع».. ونسمح لهم بقصة«فرزاتشي»!!
ننهاهم عن تقليد الغرب.. ونلبس أزياء مذيعي ومذيعات ال LBC ؟؟
هي غربتنا.. أستاذ عبدالرحمن..
غربة في داخلنا.. بلا وطن.. لم نتجشم عناء البحث عنه.. ولم نُتعب أنفسنا بالرحيل إليه..
هي الغربة التي استحلينا طعمها.. والتوهان الذي أحببنا طرقاته.. والبحر الذي استطبنا غرقه..
فكيف.. لغريب أن.. يوطن.. غريباً
وكيف.. لتائه.. أن.. يدل تائهاً
وكيف.. لغريق.. أن.. ينقذ غريقاً
لنبحث عن الوطن.. في لحظات صفاء نفسي..
نشق الدروب.. في لحظات تأنّ وتعقل
نرصف الطرقات.. في لحظات حساب حقيقي للنفس
نشيّد المباني.. في لحظات صدق ذاتي..
ونرفع البنيان على أسس قوية صلبة.. صامدة.. من قناعات صادقة.. ومبادئ صحيحة.. لا يخالطها زيف ولا خداع.. ولا يمازجها شك وتناقض ..
لحظات.. ونكون.. في أجمل الأوطان.

هيفاء الشلهوب/الجزيرة

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved