قطعا نحن متفقون على أن سكان هذا البلد العظيم على مختلف لهجاتهم ومناطقهم وثقافاتهم هم عبارة عن جسد واحد ونسيج واحد.. وهذه قاعدة استمدت رسوخها وثباتها من روح الأسرة الواحدة التي توارثتها الأجيال بعد أن وضع أولى لبناتها المؤسس طيب الله ثراه.. ثم من عمق قناعة مطلقة جوهرها المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص.. والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.. بمعنى أن ذلك مبدأ ثابت لا يختلف عليه اثنان ولا تتناطح فيه عنزان.
وفي ذات السياق: لا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة أن بلادنا حماها الله هي عبارة عن قارة مترامية الأطراف.. مختلفة التضاريس والأجواء المناخية والظواهر الجوية.. فهناك من قطاعاتها ما يحاذي أو يحتضن إما ساحل البحر الأحمر أو الخليج العربي.. ومنها ما يقع على أعالي المرتفعات بارتفاع شاهق يقدر بآلاف الأمتار عن سطح البحر.. ومنها ما يتداخل مع صحراء هنا أو أخرى هناك، مما يعني بالضرورة وجود فوارق جوية ومناخية جذرية بين كل منطقة وأخرى.
المقدمة أعلاه أردت الدخول من خلالها للحديث عن حقيقة أخرى تكتسب من الثوابت والحيثيات ما تكتسبه الحقائق التي أوردتها آنفاً، بما لا يتعارض بين أي منها.
تلك الحقيقة تتمثل بالإجحاف الذي يقع على كاهل متصدر الدوري التمهيدي بنظامه الحالي حتى في ظل التعديلات الأخيرة.. ذلك أنه يتم وفق التعديل الجديد تكريم صاحب المركز الثالث باللعب على ملعبه مع الرابع.. وكذلك الثاني باللعب على ملعبه مع الفائز من الثالث والرابع على اعتبار أن لعب الفريق على ملعبه ووسط جمهوره ميزة معتبرة.. في حين يتم عقاب المتصدر بأداء مباراة واحدة هي النهائي على ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة سواء كان ذلك المتصدر من الشرقية أو الوسطى أو الجنوبية في لقاء مع الطرف الثاني والذي غالباً ما يكون إما الاتحاد أو الأهلي وبنسبة 99% (؟!).
فمن المعلوم والمعروف في عالم كرة القدم تحديداً أن مثل تلك العوامل ذات تأثير قوي وفعال في تحديد مسار أو توجيه البطولة بنسبة كبيرة جداً (؟!).
مما يستدعي وقفة منصفة في هذا الجانب ترتكز على أحد أمرين.. إما الغاء هذا النظام والسير في ركاب بقية اتحادات العالم.. أو منح المتصدر فرصة حقيقية توازي أحقيته حسب الأنظمة المعمول بها في نيل شرف البطولة.. وألا تتوقف المميزات الممنوحة له عند حدود أداء المباراة النهائية في أي ظروف وأي زمان وأي مكان (؟!).. هذا في حالة الاستمرار بالتمسك بتطبيق هذا النظام العجيب (!!).
اتركوا التمياط وشأنه
اللهث المحموم الذي تمارسه بعض الصحافة الرياضية إزاء قضايا معينة تحت بند السبق الصحفي يفضي في كثير من الأحيان إلى الإضرار بهذا الطرف أو ذاك وأحياناً بكليهما سواء تم ذلك بقصد أو بدون قصد.
خذوا مثلاً: موضوع احتراف الدولي نواف التمياط في أوروبا.. وكيف تحول إلى مادة تسويقية طاغية دسوا في ثناياها السم بالعسل مستغلين شهرة الهلال ونجمه التمياط.. من خلال تصعيد أساليب تسويق مادتهم الصحفية، فضلاً عن محاولة دق الأسافين بين اللاعب وناديه من خلال المبالغة في التكهنات، واختلاق العراقيل ونسبها إلى هذا الطرف أو ذاك بغية إحداث فجوة بين اللاعب والنادي (؟!).
كل هذا يجري ويحدث بينما اللاعب وناديه وكذلك المنتخب في أوج الاستعداد والتحضير لحصاد الموسم والمشاركة في مونديال (2002) الذي أضحى على الأبواب (!!).
كل هذه الدلائل تشير إلى أن نوايا هؤلاء غير حسنة تجاه الهلال ونجمه.. فالوقت لا يحتمل مثل هذه المزايدات والإيذاءات.. والتوقيت أيضاً يحمل الكثير من الدلالات على أن ما يبطنه أكثر هؤلاء عكس ما يظهرونه.. فهلا تركوا الهلال ونجومه وشأنهم.. يا ليت.
صبرت ونلت يا أهلي
كعادة الكبار دائماً حينما لا تهب الرياح بما تشتهي سفنهم.. فإنهم يظلون أشد تماسكاً، وأكثر ثباتاً في وجه الريح حتى إذا حانت اللحظة المناسبة التي يتمكنون فيها من إدارة دفة الأمور والإبحار إلى المرافىء الآمنة البهيجة.
هكذا تماماً كان الأهلي ممثلاً بكوكبته الإدارية والعناصرية والفنية وحتى الجماهيرية حين انتزع كأس سمو ولي العهد الأمين حفظه الله من بين مخالب جاره اللدود في ليلة غطت فيها الخضرة مساحات عروس البحر الأحمر ورددت جماهيره:
مين قدك يا أهلي يا صعبي وسهلي
صبرت جماهير الأهلي طويلاً وكانت تتحرق شوقاً لمعانقة الذهب ولاسيما وهي تشاهد الكؤوس تذهب في كل اتجاه إلا الاتجاه المؤدي إلى شارع التحلية رغم أحقية فريقها المرصع بالنجوم بأكثر من لقب.. وظلت على عهدها ووفائها لعشقها إلى أن حانت عودة الدفة إلى اتجاهها الصحيح المؤدي إلى مرفأ الذهب.. فانهمرت الكؤوس تباعاً بدءاً بكأس الصداقة الدولية.. مروراً بكأسي الأمير فيصل بن فهد رحمه الله وكأس الخليج.. وانتهاء بكأس ولي العهد.
من هنا أحست جماهيره وغيرها من الجماهير الأخرى الواعية، والتي لا تشكو من أمراض التعصب والحسد بأن المستديرة قد انصفت أخيراً هذا الكيان الرياضي الكبير.. ألف مبروك للأهلي، ولكل من شجع وتعاطف وصفق للأهلي.
درة الصحافة
النقلة النوعية الجبارة التي تحققت مؤخراً لجريدتنا المتميزة دائماً «الجزيرة» جاءت لتنصف وتساهم في اعطاء هذه المطبوعة الرائدة حقها الشرعي باحتلال المكانة المرموقة التي تستحقها.
وحين يتطابق المظهر مع الجوهر، ويتمازج الشكل مع المضمون فالأكيد أن الرابح الأول هو القارىء.. والذي يستحق فعلاً مكافأة على بحثه الدائم عن الجديد والجيد، ولاسيما في خضم هذا الزخم الجارف من الغث الصحافي المتداعي.
حقيقة لقد ترددت كثيراً في ابداء رأيي المتواضع والإشادة بما تحقق على المستوى الطباعي والإخراجي والفني.. فضلاً عما تحقق على مستوى استقطاب تلك النخبة الممتازة من الكوادر الإدارية والإبداعية، على اعتبار أن شهادتي مجروحة كوني أحد منسوبي الجزيرة.
إلا أنني إزاء اعتزازي بشرف الانتماء، وأمام غبطتي بما تحقق رأيت أن من واجبي كقارىء لا ككاتب أن أهنىء وأشكر كل من سعى وساهم بأي جهد أو رأي تمخض عنه وضع درة الصحافة في مكانها اللائق، وبثوبها القشيب. وفق الله الجميع.
|