يؤكد المحللون أن الدور الناجح الذي لعبته الإدارة الأمريكية في التوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني لإنهاء حصار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقر رئاسته برام الله هو خطوة ناجحة من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لاستعادة المصداقية الأمريكية لدى الدول العربية من خلال إعادة صياغة السياسة الخارجية لأمريكا في الشرق الأوسط. ولكن الأزمة الخطيرة في فلسطين تواصل بث تأثيراتها الخطيرة إلى باقي الدول العربية ومازالت تسوية هذه الأزمة بعيدة، ومازال بوش يواجه تحديا صعبا لكي يعيد الأطراف المتصارعة إلى مائدة المفاوضات، حيث مازالت هناك توقعات بممارسة ضغوط أمريكية على الجانبين.
كما نجحت الدبلوماسية الأمريكية في نهاية الأسبوع الماضي في تمهيد الطريق أمام قدوم مراقبين دوليين وغير عسكريين من البريطانيين والأمريكيين لمتابعة اعتقال الفلسطينيين الستة المطلوبين إسرائيليا والذين كانوا موجودين داخل مقر رئاسة الرئيس عرفات.
وقال مسئول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية إن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول حاول جاهدا ضمان الدعم لفكرة المراقبين الدوليين أثناء وجوده في إسرائيل خلال الشهر الماضي ولكن الإسرائيليين لم يكونوا مستعدين لذلك وبخاصة شارون على حد قول المسؤول الأمريكي، ولكن في منطقة تتشابك فيها المصالح الأمريكية لدى طرفي الصراع بهذه الصورة يتحتم تحرك بوش ليبعث رسالة مهمة للدول العربية المعتدلة تقول إن بوش مستعد لممارسة المزيد من الضغوط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون لتخفيف المواجهة التي تهدد استقرار المنطقة.
يقول خبير شؤون الشرق الأوسط انطوني كردسمان: إن هذه مجرد بداية وأن الولايات المتحدة كان عليها أن تعيد التوازن لسياستها بشكل مستمر وطول الوقت وإلا فإن الجميع سيفقدون ثقتهم في كيفية التعامل مع إدارة الرئيس بوش.وجاءت دبلوماسية التليفون التي اتبعها الرئيس بوش بعد تحذير ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز للرئيس بوش من مخاطر انعدام الثقة بين الإدارة الأمريكية والعالم العربي والإسلامي إذا لم تتدخل الولايات المتحدة لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. ويثير هذا تساؤلا فوريا عما إذا كانت عملية دبلوماسية هي التي أعادت بوش إلى لعب دور في إنهاء حصاررام الله. يقول المسؤولون السعوديون إن ولي العهد السعودي غادر الولايات المتحدة وهو مقتنع بأن إدارة الرئيس بوش سوف تتحرك بفاعلية كبيرة لوقف العنف وإيجاد إطار عمل جديد للمفاوضات يمكن أن يتم الكشف عنه خلال الأيام القليلة القادمة. وقال أحد المسؤولين إن الفترة القادمة ستشهد المزيد من التحركات وأضاف المسؤول أنه يعتقد أن تشهد الأيام القادمة انسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من المناطق الفلسطينية المحتلة وإنهاء الحصار على كنيسة المهد في بيت لحم بنفس شروط فك الحصار عن الرئيس عرفات بحيث يتم سجن المسلحين في سجون فلسطينية تحت حراسة بريطانية أمريكية.وقال أحد المسؤولين السعوديين إن الأمير عبدالله يمكنه الشعور بأن زيارته للولايات المتحدة حققت شيئا إيجابيا ورغم التزام البيت الأبيض الصمت بشأن التحركات المستقبلية فإن الرئيس بوش أشار إلى أنه يتوقع تقدما ملحوظا في القريب العاجل في الوقت نفسه أكد الرئيس بوش أن تحركه القوي يستلزم استجابة من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بنفس القدر لإدانة ووقف أعمال الإرهاب كما قال بوش للأمير عبدالله إن هناك مسؤولية على العالم العربي وقد حرص مسؤولو الإدارة الأمريكية على التأكيد بأن تحرك بوش جاء بمبادرة منه وليس تحت أي ضغوط من الامير عبدالله الذي طار إلى تكساس الأسبوع الماضي لكي يعبر عن إحباط عربي جماعي بسبب ضعف الدور الامريكي.وفي يوم الأحد لم يعلن المتحدث باسم البيت الأبيض آري فليتشر عن الاتصال التليفوني الذي جرى يوم السبت بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون لأن الرئيس فضل ان يلجأ إلى الدبلوماسية الهادئة.وأن الرئيس يهتم بالعمل والدبلوماسية أكثر من اهتمامه بالتفاوض عبر وسائل الإعلام ومع ذلك فالواضح أن البيت الأبيض كان مهتماً جدا بالإعلان عن نتائج هذا التحرك الدبلوماسي الهادئ بطريقة تدعم مباردة الرئيس بوش في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا متزايدة من جانب مؤيدي إسرائيل في الكونجرس ومن جانب الدول العربية أيضا، ورغم ذلك يتم الاتفاق على العناصر الملحة على أجندة السلام فقد واصل وزيرالخارجية الأمير سعود الفيصل لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين على هامش زيارة الأمير عبدالله.وقال الأمير سعود الفيصل إن وجود مراقبين مدنيين لن يكفي للفصل بين القوات الإسرائيلية التي ستظل مرابطة خارج المدن الفلسطينية وبين الفلسطينيين الغاضبين.
هيرالد تريبيون الامريكية | 
