لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا الأمم المتحدة ولا غيرهما يمكن أن تردع إسرائيل، والحقيقة أن إسرائيل هي التي صارت تفرض مرئياتها على الأمم المتحدة،
حيث دفعت المنظمة الدولية إلى حالة تشبه اليأس بسبب مماطلاتها بشأن لجنة تقصّي الحقائق إلى الدرجة التي جعلت أمين عام الأمم المتحدة يفكر جديّاً في «تسريح» اللجنة.
وهذا وضع دولي مختلٌّ كلياً وينذر بكارثة حقيقية في العلاقات الدولية، لكن الكارثة الأكبر هي ما يتحمله الفلسطينيون من هذا النظام الصهيوني الذي لا يستطيع أن يلجمه أحد أو يحدَّ من عدوانيته.
لقد طلبت إسرائيل ثلاث مرات من عنان تأجيل إرسال اللجنة الخاصة بتقصّي الحقائق في المذبحة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مخيم جنين والتي قتلت فيها المئات من الفلسطينيين.
واضطُّرَ أمين عام الأمم المتحدة إلى التنازل أمام الضغوط الإسرائيلية.. الأمر الذي هزَّ كثيراً من هيبة المنظمة الدولية..
ومن الواضح أن إسرائيل تخفي الكثير عن المذبحة ولا تريد أن يطَّلع العالم على فظائعها، وهذا الكلام ردَّده وزير الخارجية الإسرائيلي ذاته أمام حكومته وحذّر من أن الرفض المستمر للجنة يعني أن إسرائيل تخفي شيئاً، ومع ذلك فإن شارون لا يأبه لما يقوله وزير خارجيته بل يتجاوز ما حدث في جنين إلى ارتكاب المزيد من المذابح مثلما حدث أمس في رفح بقطاع غزة حيث قصف السكان المدنيين في منازلهم ليستشهد العديدون منهم في إطار عدوان واسع ينذر بتكرار ما حدث في جنين.
إن استسلام العالم بأجمعه لإسرائيل بهذه الصورة المهينة يعني أن علينا توقع المزيد من الاستفزازات الإسرائيلية، لكن في كل مرة فإن الفلسطينيين هم الذين يتجرعون هذه الفظائع والمرارات إلى أن يقرر المجتمع الدولي أنه يمكنه اللجوء إلى الآليات التي من شأنها تأديب الخارجين عن القانون والذين يشكلون أكبر تهديد لعالم يجهد نحو قدر من الأمن والاستقرار، وإلى ان يحدث ذلك فإن على إسرائيل أيضاً أن تتحمل نتائج جرائمها وهي تعرف أن هذه الجرائم لن تمر في كل مرة دون رد، ورغم ضآلة هذا الرد فإنه يكفي لإفزاع شارون وعصاباته الاستيطانية.
|