يضم الاتحاد الاوروبي عضوية خمس عشرة دولة. وافقت كلها على المشاركة في العملة الاوروبية الموحدة الجديدة اليورو ما عدا ثلاث منها هي بريطانيا والسويد والدانمارك، وقد أرجعت هذه الدول الثلاث عدم مشاركتها في التطبيق الى اسباب منها ماهو مالي ومنها ماهو تشريعي التي لم تمكنها من الانضمام الى العملة الموحدة التي تم التداول بها في مطلع العام الميلادي الحالي.
واليورو الموحد يشمل جغرافيا كلا من المانيا وفرنسا ولوكسمبورج وبلجيكا والنمسا واليونان وايطاليا واسبانيا والبرتغال وفنلندا وايرلندا وهولندا. وقد شاركت هذه الدول في القيام بدور صك عملة اليورو وفي طبع الاوراق المالية منه، وبأكثر من 15 مليون ورقة مالية لفئات مختلفة. ورغم التعاون البناء بينهم الا ان وجهات النظر قد تباينت حول مستقبل ودور اليورو في الاقتصاد العالمي، وحملت الجهود المخططة التي بذلت لتحقيق الوحدة الاوروبية المشتركة منذ البداية والممثلة في الاتحاد الاوروبي الزراعي والمنتهية بظهور اليورو الموحد حاليا حملت داخلها الكثير من الطموحات والآمال لسكان القارة الاوروبية لم تعرفها منذ قيامها في نهاية الخمسينيات من القرن المنصرم الميلادي، ويبدو الآن ان اليورو يحمل ايضا الكثير من التساؤلات واختلافات المصالح بين اعضائها، فهناك من يعتقد بان اليورو سيكون منافسا جيدا امام عملة قوية هي الدولار الامريكي. وتعتقد بان اليورو سوف يلعب دوراً نقدياً عالمياً تكاد لا تشابه عملة اخرى في مفعوله المالي، والتوقعات ترى انه سوف يقوم بدور مدعم لسلة اسعار العملات الدولية سواء في استقرارها وفي تقلباتها اليومية المسجلة، وعلى النقيض، فالبعض يرى ان مستقبل اليورو انما يعتمد ويرتبط بشكل اساسي على نمو اقتصاديات الدول الاوروبية نفسها، فاذا ما استمر النمو فيها وعملت الدول الاعضاء على تنمية حجم تجارتها وصادراتها الى الدول النامية فان العملة الجديدة ستظهر قوية في البورصات العملات، اما اذا تراجع نمو اقتصادها الصناعي وطال امد الركود فيها فإنه ولاشك سيلحق باليورو اضرار وسيتراجع بالتالي في مدى منافسته للدولار، وعليه فان ما يناسب الدول النامية قد يصب في صالح الدول الاوروبية، ذلك ان كثيراً من دول العالم النامي يرى في اليورو ملاذا جيدا لما يربطها بالدول الاوروبية سياسيا واقتصاديا وبروابط هي اكثر في عناصرها من تلك الارتباطات المقيدة بالدولار الامريكي، كذلك تربط الدول الافريقية بالقارة الاوروبية روابط تتمثل في اتحادات وتكتلات اقتصادية ومنظمات منها اتحاد سوق الكمنولث مع بريطانيا مثلا، والمتوقع من الدول النامية انها سوف ترصد مبالغ نقدية ضخمة من احتياطاتها من العملة الجديدة عاملة بذلك على زيادة الطلب على اليورو والى تحول الاستثمارات العالمية اليه، ومما يعني ايضا رفع قيمته امام الدولار وعندها سوف تتوازن اسواق العملات العالمية بشكل مقبول، وقد لا تجد العملة الجديدة طريقها بالسهولة تلك، فهناك بعض السلبيات التي سوف تظهر مستقبلا فسعر الفائدة على اليورو يكون اعلى منه على الدولار في حالة استمرار نمو الاقتصاد الاوروبي وزيادة حجم تجارته العالمية مع دول العالم النامي. واذا كان سعره مرتفعا فإن اليورو سيجذب المزيد من الاستثمارات المالية من اقاليم جغرافية متباعدة مؤديا الي ارتفاع قيمته النقدية امام الدولار، ومن الصعوبات التي تقابل اليورو ما تعانيه الدول الاعضاء في المنظمة من عجز واضح في امكانية صياغة سياسة نقدية مالية ظاهرة المعالم، وقد سبب هذا العجز فقدان اليورو جزءاً من قيمته امام الدولار منذ اصداره في عام 99م عندما كان يساوى 18.1 من الدولار، وتابع انخفاضه الى ان وصل الى 83.من الدولار اي انه اقل من دولار واحد، وهو امر يؤكد على انه يواجه قضايا نقدية مهمة ينبغي للدول الخمس عشرة الاعضاء في المنظمة البدء في تذليلها باسرع وقت ممكن، واخيرا فان مشكلة التضخم في الدول الاوروبية الاعضاء تزيد من التساؤلات حول مستقبل اليورو خاصة في قدرته وملاءمته للمجموعة المتباينة في اقتصادياتها والمتفاوتة في نموها، فالتباين الاقتصادي يزداد وضوحا بين دولة مثل المانيا ودولة مثل ايرلندا والنمو يظهر جليا بين دول مثل فرنسا واليونان، والحقيقة ان معظم المحللين قد سارعوا بالحكم على فعالية اليورو في الاقتصاد العالمي، وكان من الافضل الانتظار بعض سنوات وليس بعض شهور يمكن اطلاق بعدها رؤى تفاؤلية أو تشاؤمية عليه.
|