إن صحت الأنباء الواردة من نيويورك والتي تفيد بميل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عن التخلي عن إرسال فريق تقصي الحقائق في جنين إلى فلسطين المحتلة بعد وضع العراقيل من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وقد تعززت أنباء حل فريق تقصي الحقائق بقوة بعد قول المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة جون نيفروبوتي للصحفيين إن كوفي عنان قدم اقتراحين لمجلس الأمن الدولي في اجتماعه الأخير يقضي الأول بأن يعمل فريق تقصي الحقائق في جنيف حتى يتم الاتفاق مع إسرائيل للسماح له بدخول الأراضي الفلسطينية.
أما الاقتراح الثاني فهو ببساطة التخلي عن المهمة لاستحالة التوصل لاتفاق مع حكومة شارون أو الرضوخ لشروطها.
من كلام المندوب الأمريكي الذي يعتبر الآن «الآمر الناهي» في مجلس الأمن ومن عدد مرات تأجيل سفر فريق تقصي الحقائق إلى فلسطين لرفض شارون وحكومته إعطاء «الإذن» لأعضائه بدخول فلسطين.. ومن خلال الموقف المتخاذل لكوفي عنان ولكل أعضاء مجلس الأمن الدولي..
فالواضح من كل ما تقدم أن اقتراح إلغاء مهمة فريق تقصي الحقائق في جنين هو الأرجح وأن حل الفريق استجابة للرغبة الأمريكية وانصياعاً لأوامر شارون هو الأكثر ترجيحاً، فبعد السقوط المريع لهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن فيها، وهيبة الأمين العام إن كانت له هيبة بعد الإذعان المتكرر لرفض حكومة إسرائيل إعطاء الإذن بدخول فريق تقصي الحقائق «لأرض محتلة».. والمواقف المتخاذلة لجميع أعضاء مجلس الأمن الذين كانوا يوافقون كل مرة على تأجيل سفر الفريق، وينهمكون في بحث «الشروط الإسرائيلية» ويتركون أعضاء الفريق بشخصياته الدولية المرموقة ينتظرون كل هذه المدة في جنيف بانتظار أن يأذن لهم شارون.
كل هذه التنازلات والقبول بالخنوع لإرادة الإسرائيليين والتي وصلت إلى إذلال شخصيات دولية مهمة «تطوّعت» لإظهار الحق، تعد سقوطاً مذلاً للأمم المتحدة ولمجلس الأمن فيها ولأمينها العام، فالإذعان للعجرفة والصلف الإسرائيليين لم يقتصر على المنظمة الدولية وإحدى أكبر المؤسسات الدولية فيها مجلس الأمن.. بل تعدى ذلك إلى ثلاثة من أكثر الشخصيات الدولية إسهاماً في خدمة الإنسانية، فالسيدة أوغاتا المفوضة السابقة لشؤون اللاجئين التي أفنت عمرها في تقديم العون للمشردين في العالم والسيد كورينيليو الرئيس السابق للجان الصليب الأحمر الذي ينتشر رجاله في مختلف مناطق العالم، حيث تندلع الحروب، والرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري الذي رغم كبر سنه والاصابة التي يعاني منها في ساقه كان مستعداً دائماً للقيام بالمهام الإنسانية كما فعل في الشيشان وكوسوفا إبان رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي.
هؤلاء الرجال ومعهم عشرون رجلاً يتركون أكثر من أسبوع بانتظار الإذن من إرهابي تفوح رائحة إجرامه كشارون..!! هل هناك أكثر إذلالاً من هذا؟!! وهل هناك سقوط أكبر من كل ما جرى للأمم المتحدة؟!
|