هنا أمة.. ترتفع اعلامها من أعلى قمة في الجبل الأخضر وتنفض الأتربة عن ممالك مجهولة تنتصب مدهشات بزيها الشعبي الفريد.. وبسمرة الوجوه المشوبة بحمرة الحياء وإشراقات الأمل الذي ينتشر كالضوء من منبعه الحارق ليصبح علامة فارقة على جسد العالم الصعب.
وها هو النشيد الناطق بغير لغة.. يتكون كخلية تنقسم عبر عشرات الالات ومع كل دفقة ثقة إلى الاف الخلايا التي تكون في النهاية حدثا بل ربيع يدنو وينهض من مقبرة الفعل الأمنية.
إنها السيمفونية العربية العمانية التي تلفت النظر بروح التضامن والتعاون والثقة والمشاركة المدعومة من الآخر الأجنبي ولا بأس بهذا الآخر طالما أن الفكرة الجيدة تحققت على مستوى الواقع وكأنني حين أسمعها أحمل بندقية.. أحمل سيفاً ذهبياً مطعما بدم التحدي.. مُشْهَراً في وجه هذا العدو الخفي والمعلن.. هذا العدو الذي دوّخ العالم قزم أمام جبروت العرب حين ينوي ويريد ويتحدى هذا العدو الذي قَدم ليلغي ملاحم العرب وأيامهم وحضاراتهم..
وها هي عمان الخضراء.. تنخر جانب هذا العدو بهذه الإرهاصات القادمة بقوة بسمفونيات عربية عمانية جاءت كعمل فاعل موحٍ دال على أن القدرة العربية قادرة على تحقيق اختراقات واندفاعات قوية للترقي لأن السيمونية عمل راقٍ... إذ كيف لمجموعة من البشر أن تنتظم في نسق موح بزيها الشعبي لتنسج إلى جانب اللوحة التراثية ايقاعاً أخاذاً علينا أن نعيد النظر في تسميته ونطلق عليه ملحمة بدلاً من التسمية المعهودة «سيمفونية» فهي ملحمة تماثل ملاحم التراث التي امتدت من امروء القيس إلى عَبَّاد الحير، وإلى عكاظ الحجاز ونوادي بغداد وصولاً إلى قرطبة هذا الامتداد الذي انتج هذه الحضارة قادراً على أن يعطي ويحاكي بل يتفوق على التراث التليد الذي تراكم عليه جليد أوروبا في المانيا وروسيا وغيرها.. فملحمة العرب خرجت من الشمس ومن وضوح وسطوع مفعم بالحياة باعتبار هذه الحضارة العربية حضارة شمس حضارة صحراء مشمسه لا حضارة تلك الجبال التي أنهكها البرد القارس فالمشاعر تلهبها الشمس أكثر من تلك المشاعر الملفعة بالبرد والجليد..
اذاً.. لماذا لا نعيد النظر ليطرح كعمل متميز يؤخذ في الاعتبار ليكون في صدارة قائمة المهرجانات العربية التي تكرر نفسها كل عام ولعلي اتساءل.. اين المنظمون القائمون على مهرجان الجنادرية من هذا التفوق العماني وهل لايزال ينتظر من الآخر أن يثير حوله الاهتمام ويتحدث عنه في بحث أو مقال أجنبي ليتلفت العرب إلى قدراتهم التي يقمعها جهلهم وعدم وعيهم بثقافتهم التاريخية التي تجسد هنا شعبا يحترق لعروبته «كعمان».
|