Thursday 2nd May,200210808العددالخميس 19 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

سيكولوجية الزمن سيكولوجية الزمن

الزمن.. هو تلك الآلة التي تصنع لنا الأيام والليالي.. التي نستطيع بواسطتها أن نتعرف الى طبيعته وحكمته وآثاره من خلال مايقدمه لنا من أفراح وأتراح عبر مساره الموغل في القدم.. الممتد حتى البدء.. الضارب في أعمق أعماق الحياة والمكان والإنسان.. يقول كاتب فرنسي شهير «لا يوجد في هذا الكون شيء أطول من الزمن.. كما لا يوجد فيه شيء أقصر منه أليس الزمن هو المقياس الأوحد الذي نقيس بواسطته الخلود، ومع ذلك فإننا نراه وعلى الدوام يضيق عن إتمامنا لما نرغب أن ننجزه.. ويقصر عن تنفيذنا لما نود أن نحققه؟» مايعنيه الكاتب هنا الزمن الذاتي أو النفسي وليس الزمن الخارجي الموضوعي.ربما يشعر الإنسان أحياناً أن الزمن قصير أو طويل حسب الظروف والحالة النفسية، هذا بالنسبة للزمن الذاتي، أما الزمن الموضوعي الذي تقيسه دقات الساعة فإنه لايختلف، فمع الساعة أصبح الزمن بعداً موضوعياً لا شخصياً، فالزمن ظاهرة سيكولوجية مثلما هو ظاهرة فيزيائية، فعلينا أن نميز منذ البداية بين المنظور الزمني وبين ادراك الزمن Time Perspection إن ساعتنا الذاتية أو مايسمى زمن الميقات الذاتي Subjective clock قد تكون أبطأ أو أسرع من الزمن الموضوعي Objective Time، كما أنها تتأثر بالموقف والحالة التي نكون فيها وبما نفعله ونشعر به، كما تتأثر الساعة الذاتية بأشياء أخرى، فقد بينت الدراسات ان بعض العقاقير تتسبب في اضطراب الاحساس بالزمن وتقديره، فعقار الهلوسة «البيلويين والثيروكسين.. وغيرها» تعمل على المبالغة في تقدير الوقت، والساعة قد تنقضي كأنها ساعتان، على العكس من المهدئات التي يستشعر الشخص فيها ان الساعة قد مرت وكأنها نصف ساعة.فنحن هنا بين مفهومين: مفهوم الزمن الموضوعي، ومفهوم الزمن من الوجهة النفسية. يقول نيوتن: «الزمان المطلق الحقيقي الرياضي، يتدفق من تلقاء نفسه، ومن طبيعته الخاصة، تدفقاً متساوياً دون علاقة بأي شيء خارجي» والزمن الموضوعي يمكن قياسه فنحن نوقت الزمن بميقات الساعة أو اليوم أو الفصل فيتحول التوقيت الخارجي إلى إيقاع داخلي ينظم حياة الأفراد في نومهم ونهارهم وإنجاز أعمالهم. هل نتصور أن الزمن يوجد في الطبيعة كأي شيء خارجي أم أنه من المفاهيم المجردة؟ الحقيقة أن الزمن لايوجد في الطبيعة، لأن الطبيعة لاتضم إلا أحداثاً متعاقبة، فالزمن مفهوم نفسي تتألف فكرته المجردة مع النمو العقلي والحضاري للانسان فبعض الشعوب البدائية إدراكها للزمن قاصر يتضح ذلك من خلال تعبيراتها عن الأزمان في تعاقبها وتتابعها، والزمن لا يتشكل عند الصغير حتى سن الثامنة تقريباً.
كيف يتشكل مفهوم الزمن عند الأطفال؟
الأطفال في سن الطفولة المبكرة يعيشون في الحاضر وحده ثم يتطور مفهوم الزمن عند الطفل. وإدراك المدة وديمومة الزمان درسها عالم النفس الشهير «جان بياجه» وذكر ان القدرة على تقدير طول حادثة ما في حدود ثواني الساعة المعيارية تنمو أول ما تنمو في الأطفال الذين هم في سن السادسة والسابعة وتستقر جيدا في سن الثامنة. والسبب في بطء تكون مفهوم الزمن عند الأطفال لأنه من المفاهيم المجردة ويحتاج إلى قدرة عالية على الاستدلال وعلى نمو بعض المفاهيم الأخرى، فمثلاً إدراك معنى الشهر لدى الطفل لا يتحقق إلا إذا تكونت عنده الفكرة الصحيحة عن العدد «30» والفكرة الصحيحة عن الأسبوع، لذلك يحتاج إدراك مفهوم الزمن إضافة الى النمو في العمر، النمو في الخبرات التي يستمدها من حياته الخاصة في البيت والمدرسة.
كيف يبدو الوعي بالزمن؟
ثلاثة مظاهر لوعي الإنسان بالزمان:
1 الإحساس بزمان اليوم.
2 إدراك المدة الزمنية أو ديمومة الزمان.
3 امتداد الوعي خلال الزمان في الماضي والمستقبل عن طريق الذاكرة والتوقع.
الإنسان إلى حد ما يدرك الاشياء فهناك روائح لا يمكن أن يشعر بها الإنسان وتحسها الكلاب، وكذلك الأصوات إلى حد ما يسمعها الإنسان، ولكن هناك أصوات لا يمكن أن يسمعها وتسمعها غيره من الحيوانات، كذلك بالنسبة للزمن. ماهي أقصر مدة زمنية يمكن أن يدركها الإنسان؟
أقصر مدة زمنية يمكن أن نخبرها ويعيها الإنسان هي اللحظة وقد لاحظ نيكولز Nichols ان علماء النفس قد ميزوا بين الاحساس بالزمن وبين أشكال الإحساس الأخرى، ويبدو أن الإحساس بالزمن ليس على هذه الدرجة من البساطة التي لأشكال الإحساس الأخرى، لأن الإحساس بالزمن ينشأ من تغذية راجعة مضاعفة حين نستجيب لبيئتنا الداخلية والخارجية.
المصادر:
1 سيكولوجية الزمن دراسة للدكتور محمد قاسم عبدالله، مجلة المعرفة السورية، العدد 445 أكتوبر 2000م.
2 علم نفس النمو الدكتور حامد عبدالسلام زهران، القاهرة، عالم الكتب.

فؤاد أحمد البراهيم

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved