* أبها أمل القحطاني:
تواجه الأم في أوقات كثيرة نماذج من الاسئلة يطرحها عليها أطفالها وفي بعض الاحيان تكون الاسئلة حرجة ولا تستطيع الام الاجابة عليها جميعها.. ولو اجابت على أحدها لوجه الطفل سؤالاً آخر مباشرة ولكن ينبغي على الام ان تحاول الاجابة عليها وألاَّ تحبطها هذه الاسئلة أو تعجزها.
فالطفل عندما يسأل هذه الاسئلة انما يكشف عن اهتماماته التي أخذت بالتوسع وذكائه الذي اخذ بالنمو ومن الطبيعي جداً ان يستولي الفضول على الطفل المتفتح عن هذه الحياة والفضول وحب الاستطلاع يدفعه ليرى ويسمع ويكتشف ويتعلم كما ان اسئلة الطفل تفتح للأم طريقاً ترى من خلاله ما يجري داخل هذا العقل الصغير وبماذا يشعر وفيم يفكر.
الاخصائية النفسية الدكتورة أمينة الحسن تقول:
إن الاسئلة المتكررة والمحرجة من الطفل لابد من النظر اليها على أنها محاولة اكتشاف للعالم الجديد الذي يعايشه ويكتنفه الغموض وحرصه على اجابات تبددها وتقنعه مع الحذر الشديد بأن تتلاءم المعلومات مع مستوى فهمه ومراعاة عدم تأنيبه وزجره أو حتى اظهار عدم الرضا لانه يسأل مثل تلك الاسئلة وأن ما يدفع الطفل لهذه الاسئلة هو دافع غريزي للتفتح والاقبال على الحياة وعلى العالم الخارجي حيث ان الطفل يشعر بالسعادة الغامرة عندما يحصل على اجابات لاسئلته لانه يسعى الى تأكيد ذاته في العالم الخارجي.
وعندما يكون عمر الطفل من 2 4 سنوات فهو في هذه السن متشوق لمعرفة كل شيء ومع ذلك فانه لا يبحث عن اجابات مفصلة او معقدة أو طويلة فضلا عن انه لا يستطيع استقبال الكثير من المعلومات في المجال.. لذا يجب على الام ان ترضي فضوله بجملةأو جملتين فقط.
ولأن الطفل في هذا السن لا يتمكن بعد من ضبط رغباته وحوافزه الخاصة فانه قد يثرثر بدون هدوء والأم بحاجة لطريقة لانهاء المحادثة أحياناً بدون تثبيطه أو تكديره وعندما تضع الام حداً لذلك فلتحذر من ان تقول للطفل (أسئلتك مزعجة أو سخيفة» فإنها بذلك ستهز مشاعره وتجرحه.
وتواصل دكتورة امينة حديثها قائلة: وأنا اقترح على الام ان لا تقول كفى او «ألا تستطيع السكوت وتتوقف عن طرح الاسئلة» بل من الافضل ان تقول : هذا السؤال هو الاخير سأجيب عليه الان والبقية سأجيب عليها في وقت آخر.
فهذا الاسلوب اللطيف والحازم يجعل الطفل يتوقف عن اسئلته مؤقتا دون ان يقوض اعتزازه بنفسه ويتيح للأم فرصة الراحة والاسترخاء.
وعندما يكون عمر الطفل من 4 6 سنوات فان لديه درجة من النضج والذكاء لاجراء حوار حقيقي عن الاشياء التي تهمه وأكثر ما يهمه في هذه المرحلة العمرية هو اكتساب الاحساس بالذات او الهوية وهذا يعني ان اسئلته ستسهم في اكتشافه من يكون وما سيكون عليه ومع اكتسابه قدرة جديدة اكبر على التفكير يمكنه الان ان يتعرف على الفروقات والاختلافات وينظم مايراه في تصنيفات (المتشابه قبال المختلف والكبير مقابل الصغير والطويل أمام القصير والجميل تجاه القبيح.. وهكذا) وتوجيه الاسئلة يساعده في هذ المجال.
ويتركز فضول الطفل في هذا السن على جسده (وهو جانب هام في تحديد الذات) لذلك فإن أحداهم التصنيفات لديه ستكون الاصل او النوع . كما يلاحظ ايضا ان الطفل يركز على أصل الحياة مما يمثل أولى خطواته المتساءلة عن الخلق وكيفيته والخالق ووجوده على طريق البحث الفطري المودع في النفس البشرية ومن المهم ان نقدم له اجابة بسيطة حول آثار قدرة الله وعجائب خلقه من سماء وأرض وطيور وحيوانات وأمطار وأرهار....) وهو الذي خلقنا ويرزقنا ومن المهم ان لا نعطي الطفل جرعة تزيد على ما يمكنه امتصاصه وهضمه، والاطفال عموما يحتاجون فقط الى اجابة بسيطة تتضمن الخطوط الرئيسية التي تتقبلها بسهولة هذه النفوس البريئة المتفتحة على الحياة.
وتشير الى نقطة هامة قائلة: ان الطفل في سن 6 10 سنوات فان أسئلته تزداد وتعكس ما يتعلمه في المدرسة حيث ان الطفل يقضي معظم يومه في المدرسة يتلقى المعلومات المتفرقة في المناهج الدراسية كأساسيات فان الاسئلة التي يطرحها في هذه السن انما هي انعكاس لما يتلقاه على مقعده الدراسي والذي يهدف الى توسيع مداركه ومعارفه، فيجب على الام والاب ان يوجها الطفل في هذه السن الى المكان الذي سيجد فيه الاجابة على اسئلته التي يطرحها مثل كتاب معين او موسوعة أو كمبيوتر ... الخ.
كما يمكن تشجيعه على الاطلاع عن طريق ابداء الاهتمام من قبل الام والاب بسؤالهما له بل وتقديم الاجابة الصحيحة اذا كانا يعرفانها.
أما الطفل في سن 10 12 سنة فانه عندما يقارب على المراهقة فان أسئلته تكون اكثر تحديا واصرارا على معرفة كل شيء.. وفي الحقيقة ان ذلك سلوك اعتيادي تماماً في محاولة الولد لاظهار انه خرج عن الحدود وكبر عن الانصياع لسلطة الوالدين وانه يعرف التصرف حسب المطلوب .. ولكن معرفة ذلك لا يجعل منها امراً سهل القبول على الوالدين وقد يكون من الخطأ الاجابة عل اسئلته بغضب شديد وكأنها تقول لابنها (انني قلت ذلك) ولكن هذه الاجابة من الاقرب ان تؤدي الى زيادة تحديه لانها لا تبدي أي اهتمام بوجهه نظره والتفسيرات الطويلة او الدفاعية لن تجدي ايضا لانه ليس هناك ما يقنع مراهقاً مصمما على انفاذ رغبته ومن شأن الاطالة في الكلام ان تستمر المناقشة والجدل إلى ما لا نهاية والرد الافضل تقديم اجابة بسيطة قصيرة حازمة وتنطوي على الاحترام له ومثل هذا الرد المعقول الذي ينطوي على مراعاة نفسية المراهق والالتزام بالقوانين المنزلية انما يدعم نموه عاطفيا ونفسيا ويبلغه رسالة محملة بالود بمقدار ما هي محملة بالاهتمام وفيما يلي نموذج لبعض الاسئلة الصعبة وكيفية الاجابة عليها.. فعندما يسأل الطفل كيف يولد؟ فتذكر له الام انه قد عاش في بطنها 9 أشهر ويبقى هناك حتى يصبح جاهزاً للولادة.. وعندما يسأل الطفل الام.. هل سأموت؟
فتبين له الام ان من سنة الله في هذا الكون هو ان يولد الناس ويعيشون فترة معينة كتبها الله لهم ثم يموتون.. وهكذا..
وأخيراً فانه يجب تذكير الامهات باجتناب بعض الالفاظ عندما يسألهم الاطفال بشكل كثير ومتكرر مما يسبب للطفل عقدة نفسية.
كما يجب على الام ان لا تشعر الطفل بالتضايق والغضب عندما يطرح عليها اسئلته لان ذلك يحرج الطفل ويجعله يشعر بالذنب كما ان مهاجمة الطفل تؤدي تقديره لذاته وتحبط حبه للاطلاع والمعرفة.
كما نتمنى من جميع الامهات ان ينتهجن الاساليب التربوية الصحيحة في تربية أطفالهن حتى ينشأ جيل واع غير معقد.
|