* الكويت أثير السادة:
اختتمت في الأسبوع الفائت فعاليات مهرجان الكويت المسرحي السادس الذي استمر طيلة تسعة أيام بتنظيم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والاتحاد الكويتي للمسارح الأهلية.
واشتمل مهرجان هذا العام الذي افتتحه الدكتور محمد الرميحي نيابة عن الشيخ أحمد الفهد وزير الإعلام ورئيس المجلس على ستة عروض تم إدراجها داخل المسابقة الرسمية وأربعة أخرى موازية تقدم خارجها، إلى جانب حلقات نقاشية تتناول موضوع العلاقة بين النص والعرض، فضلا عن الندوات التطبيقية التالية للعروض وندوات لعدد من ضيوف المهرجان الذين سيقدمون شهادات عن تجاربهم المسرحية وهم: ريمون جبارة وعلي مهدي ومحفوظ عبد الرحمن.
وتم اختيار الأستاذ محمد العثيم الكاتب والمسرحي السعودي للمشاركة في لجنة التحكيم الخاصة بالمهرجان إلى جانب رئيسها الفنان أحمد الصالح وأعضائها الآخرين: عبير عيسى من الأردن، عبد الكريم برشيد من المغرب، وأمل عبد الله من الكويت.
وكانت فرقة مسرح الشباب قد اختصت بتقديم أول العروض الرسمية تحت عنوان «معتقل الحكام» ونالت عنه جائزة أفضل نص لمشعل القملاس وأفضل ممثل ثان استحقها محمد الشطي .. وفي هذا العرض يتعاطى المخرج والمؤلف مشعل القملاس مع موضوعه التخاذل العربي، مريدا بها تسليط بقعة ضوء فاقعة على هشاشة المشهد السياسي العربي الذي بات منكشفا عن أمارات الهزيمة، وفق رؤية مرتبكة فكريا وفنيا ستبقي العرض رغم طموحاته الجميلة في زاوية الإشكالات المنهجية.
العرض في بنيته الدرامية يقوم على تصعيد الشعور بلا منطقية المواقف العربية وتضخيم الوجه التهكمي منها، تنفلت فيها الرغبة بشحن المشهد كوميديا عبر الملفوظ إلى الاتكاء على نزعة سردية عالية، لا تقود إلى تشييد مساحة الفعل المسرحي بشعرية الجسد المدفوع إلى زاوية السكون تحت سطوة الكلمة هناك.
على تلك السردية ينهض الحدث المسرحي بشيء من الرتابة، فالعرض لا يمضي مندفعا في تكوين الصراع ومستوياته تحريكا للمكنون الدرامي في الثيمة المسرحية، بل نراه ينأى عن ذلك إلى التشاغل بجملة الافراغات العاطفية التي بدت هاجسا أوليا لهذا العرض الذي جعل من كل شخوصه المواجهة للثعابين متجانسة على مستوى الخطاب وإن دأبت على التباين في تمظهرها الخارجي.
نلحظ صراعا بين الصحفي والعسكري/ العدو ينقطع بدخول الأول إلى السجن دون أن يمتد، ومثله في تلك التقاطعات بين السجناء/ الحكام وما يحدث من تسخين لمتشابكات الحوار، حيث لا يقود الحوار إلى التماس مع عمق فلسفي أو سبر غور إنساني كان يمكن أن يمنح المشهد قوة تعبيرية غائبة بغياب العمق في بناء الشخصيات فهي بلا أبعاد.
ثمة تشكيلات حركية تعبيرية لافتة كان لها أن تذوب بشيء من الخفة في نسيج العرض لولا طولها وانجرارها ناحية الاستعراضية .. كان يمكن أن تعوض حميمية التواصل المسرحي المتداعي جسديا أمام هذه الكثافة اللغوية بكثير من التركيز والتخلص من اغواءات البهرجة، كما في تصوير صراع الثعابين الذي صاغ لوحة مسرحية بإحساس بصري متقدم وإن بدا شأن استدماجها في العرض محل مراجعة.
زاوية يجلس فيها كاتب صحفي خلف طاولته ليقرأ مقالته الناقمة، بهذا يبدأ المشهد وسط فضاء مسرحي مشغول بالمفردات والأدوات، أشياء تغري بالتأمل في حضورها .. إحالة على الفوضى والخراب نلمسها في طبيعة توزيع المفردات وتأثيث هذا الفضاء .. المكان لا ينتسب إلى أي صورة جاهزة .. أشبه بعالم الحلم، حيث السرير المعلم والسلالم/ الأقفاص والقناع المتدلي من أعلى..
يمكن القول إنه انساق وراء البهرجة أيضا، فهي لا تبدو في مجملها مترابطة جدليا ، ولا منبثقة من ضرورات العرض الفنية وإنما ذات أثر ضئيل في الصياغة الكلية للمشهد المسرحي.
أمام هذا الفضاء الضاج بتفاصيل زائدة، استمر العرض في دورانه السلبي حول فكرة التخاذل من غير الاعتناء بتكثيف اللحظة المسرحية، وضبط الإيقاع الزمني، وتسمر الممثلون في هذيانهم وتعليقاتهم وتداعياتهم في حراك مشروط بإملاءات التقسيم الخاص بهذا الفضاء.
وهكذا أصبح المؤلف المخرج متورطا بنصه المعتل والمنبسط وبإسرافه غير المبرر فنيا على مستوى المفردة المسرحية وقلة الخبرة في التعاطي مع الإمكانات السينوغرافية .. ولذلك ما كان بالإمكان أن يشع عرض على هذه الأنقاض أو التوليفات غير الناضجة والتي وعلى رغم التزاحم اللافت داخل قاعة المسرح لم نجد ما يشفع لها أن تكون البداية لهذا المهرجان فضلا عن أن تنال جائزة أفضل نص وإن بقيت في إطار نسبية التقويم ضمن دائرة العروض المتوافرة في المهرجان علما بأنه كان هنالك نص «زكريا حبيبي» للإماراتي ناجي الحاي الذي حصد عددا من الجوائز في محافل مسرحية أشد تنافسا وضراوة.
شارك في أداء شخوص العرض: خالد البريكي، مبارك السلطان، يعقوب الصليلي، محمد الشطي، أحمد إيراج وآخرون من أعضاء فرقة الشباب التابعة للهيئة العامة للرعاية والشباب.
|