تأكيد الرئيس الأمريكي مرة أخرى عشية زيارة سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة أن الحل في المنطقة يستوجب قيام الدولة الفلسطينية ، هو تأكيد مهم، غير أن المطلوب دائماً أفعال وليس مجرد أقوال، والأفعال المطلوبة، تتناول ما يحدث حالياً حيث واصلت الولايات المتحدة سياساتها الداعمة بقوة لإسرائيل حتى وهي ترتكب المذابح ضد الفلسطينيين.
ولهذا فإن أفعالاً أمريكية مؤثرة وإيجابية بهذا الشأن تكفي للاقتناع بأن واشنطن جادة فيما تقوله بشأن الدولة الفلسطينية.. فالمطلوب حالياً من الولايات المتحدة كف العدوان الإسرائيلي، ولدى واشنطن من الوسائل ما يكفي للضغط على إسرائيل، فهناك المساعدات المالية المليارية التي تتدفق على إسرائيل، وإسرائيل ترتكب اعتداءاتها بطائرات الأباتشي و«اف16» الامريكية لضرب الفلسطينيين وتدمير منشآتهم، ويكفي أن تقول واشنطن لإسرائيل إن عليها الانسحاب أو تحمل عواقب الرفض..
وبصفة عامة فإن نهجاً أمريكياً عادلاً تجاه الصراع سيفرز إيجابيات لا حصر لها، مثل ترميم العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية، وهي علاقات تضررت كثيراً بسبب المساندة غير المحدودة لإسرائيل، كما أن المسلك العادل من شأنه المساعدة في تعزيز آليات التسوية التي تستند على قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن إعادة الأراضي وعودة اللاجئين.
وهناك آفاق واسعة للعمل المشترك والتعاون إذا أبدت واشنطن قدراً من الحيادية التي يمكن أن تساعد في تجاوز المصاعب الراهنة والتاريخية، خصوصاً وأن شعوب المنطقة تتطلع إلى التنمية والرخاء من خلال تطوير إمكاناتها الطبيعية وثرواتها وقواها البشرية وهذا أمر يمكن أن تسهم فيه الولايات المتحدة بطريقة فاعلة تستفيد منها هي ذاتها.
كل هذه الهموم يستصحبها سمو ولي العهد معه في زيارته للولايات المتحدة، وقد نبّه سموه مراراً قبل هذه الزيارة إلى أهمية أن تراعي الولايات المتحدة مصالحها مع العالم العربي، وأن ذلك يتطلب أن تعطي الاعتبار اللازم لآمال وطموحات العرب والمسلمين، وهي طموحات عادلة ومشروعة تتمثل في إعادة الحقوق الفلسطينية، والحفاظ على المقدسات فضلاً عن حق الجميع في العيش في أمن وسلام.
إن النهج الحاسم لسمو ولي العهد يرمي إلى وقف المماطلات تجاه هذه الحقوق المشروعة، فسموه يدرك حالة الغليان التي تعم المنطقة من هذه الاعتداءات الإسرائيلية ومن الدعم الأمريكي لإسرائيل، وهو كعهده واضح في هذا الأمر وعلى قناعة بأن تأجيل التسوية والمماطلة فيها يعني فقط ضياع المزيد من الحقوق من خلال تكريس سياسات الأمر الواقع التي تتبعها إسرائيل منذ نشوء النزاع قبل ما يقارب الستة عقود.. ولهذا طرح سموه مقترحات السلام التي تبنتها القمة العربية الأخيرة كمشروع عربي للسلام تميز بكامل الموضوعية والواقعية.
وعلى الرغم من كل ما يجري، ومن وصول الأوضاع إلى حافة الهاوية فإن تضافر جهود الدول المؤثرة في عالم اليوم وإجماعها على أسس الحل يمكن أن يزيل كافة العوائق، خاصة إذا ارتبط ذلك بعزم قوي على تناول الأمور بالموضوعية والنظرة العادلة.
|