Thursday 25th April,200210801العددالخميس 12 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في الاقتصاد في الاقتصاد
تنمية عربية مشتركة
د. سامي الغمري

ان امكانية الوصول إلى تكامل اقتصادي عربي أصبح متطلبا تفرضه الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة. ولا يفترض منه ان يعد بعد حلما إقليميا يراود بعض مفكريه الذين ينتمون إليه، ذلك ان التكتلات المماثلة الدولية في أوروبا وأمريكا وآسيا أظهرت نجاحات ومكاسب تجارية لسكان أقاليمها الجغرافية رغم الفوارق والتباين الشاسع في اللغات والمعتقدات هناك. إلا ان هذا لم يمنع تلك المصالح تلك الاقتصاديات من تكاملها واتحادها في مجموعات لها ثقلها الحاضر العالمي اليوم ومساعدة لها في نموها وتفوقها المقارن.
ويمكن القول إن التكاملات الموقعية الخليجية التي ظهرت في العقدين الماضيين في الوطن العربي والتي حققت نجاحات اقتصادية واجتماعية (مجلس التعاون الخليجي) قدمت نموذجا جيدا مشجعا لاحتمالية قيام تكامل اقتصادي شامل مستقبلا يخطو بخطوات ثابتة تدريجيا محققا للمنطقة ما حققته مجموعة دول السوق المشتركة في أوروبا من انتعاش وازدهار تنموي. ورغم العوائق والقيود التي تحد من قيام التكامل حاليا إلا انه بالمقارنة نجد ان اقتصاديات الدول العربية هي أفضل حالا عما كانت عليه قبل نصف قرن مضى تحت وطأة الاستنزاف الاستعماري فيها. ويمكن الشروع بداية بأن توضع خطط مرحلية استراتيجية تكاملية ترتبط جميع الدول العربية بموجبها باتفاقيات تقيم على الأقل الحد الأدنى من تكوين سوق اتحادي عربي. وتأتي من أولى مراحل هذه الخطط ومن ضمنها مثلا زيادة التعاون البناء في التسهيلات التنقلية للأيدي العاملة العربية وتخفيض قيود تأشيرات السفر بين دولها. على ان يتم تقديم التسهيلات وإزالة العوائق والقيود في الانتقال الموقعي والعمل لجميع الفئات بداية من الإداريين والمهندسين والعلماء والمفكرين ونهاية بالاستغناء عن القوى العاملة غير العربية. ونرجع الاستغناء عن القوى العاملة غير العربية على أساس انها تختلف عن مجتمعاتنا في مسائل عديدة من حيث التقاليع والتقاليد غير الملائمة المغايرة لنا والتي قد لا تتناسب مع الدين والعرف والقيم العربية مما يتسبب في الإضرار بالمجتمعات العربية المحافظة. ثانيا على الخطط تحفيز وتشجيع انتقال الرساميل والاستثمارات العربية التي يؤمل منها ان تساهم مساهمة فعالة على المدى البعيد في ارتفاع معدلات التبادلات التجارية للسلع والخدمات بين الأشقاء على ان تلعب التسهيلات المصرفية المقدمة في شكل قروض ومنح الدور الريادي في تنمية قطاع الاستثمارات الانتاجية خاصة الصناعية والزراعية منها طبقا للشرع الإسلامي في مشاريعها التنموية. فالدول العربية النفطية تملك القدر الكافي من الأموال السائلة التي تمكنها من الاستثمار المباشر داخل المجموعة العربية عند مرحلة توثيق التعاون العربي التالية. ثالثا ان التنسيق التام في دول التكامل يهدف إلى معرفة واستنباط جميع اللوائح والتنظيمات الموقعية للأنشطة الاقتصادية لكل بلد عربي على حدة. وهذا المتطلب يعد أمرا ضرورياً قبل تطبيق الاستراتيجيات الاقتصادية الشاملة وتنفيذها أو الشروع فيها حيث ان الأنظمة المختلفة للمصارف والبنوك العربية تتفاوت من بلد إلى آخر. ومن الطبيعي ان تقابل المصارف صعوبات نظامية مؤقتة فيما يخص انتقال وحرية الرساميل واستثماراتها بين دولها. ولها ان تبادر بمواكبة التغيرات والمستجدات العصرية لتتمكن من تذليل تلك الصعوبات والاستعداد للمرحلة الانتقالية كما يمكن لها ان تأخذ بالأساليب والتطورات الحديثة في عالم الصيرفة الحادث حاليا في الغرب على أمل ان يقوم هذا بدوره في تفعيل مسؤولياتها المالية بشكل أفضل ونحو مشاركتها في بناء البنى التحتية وفي تمويل وتحسين المرافق العامة لها.
ان التنسيق بين السياسات النقدية والمالية يستوجب ان يكون قائما على مبادئ التعاون البناء نحو أهداف التنمية العامة شاملا استقراراً في أسعار السلع وفي العملات. ويتوقع ان تظهر مشاركة المصارف ذات مساهمة فعلية تقيم توازنا ومساواة في توزيع الدخل العام وتقلل التباين الواضح في مداخيل الفرد العربي من موقع لآخر. رابعا فالمرحلة تحبذ تخفيف ارتباطية التبعية العربية الاقصتادية للغرب. قد تكون البداية مركزة على قيام وتحديث القواعد الصناعية الانتاجية وبدعم القطاعات الخاصة والعامة لجميع المجالات سواء في أفضلية المشتريات الإقليمية أو في إحلالها محل الواردات الأجنبية تدريجيا وأن تحظى الصناعات العربية بمعاملة جمركية أفضل من دول غيرها فيما يمتنع إعطاء أي ميزة نسبية لأحدها دون الأخرى.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved