Thursday 25th April,200210801العددالخميس 12 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

بين التوطين والاستيراد.. مسافة ما؟ بين التوطين والاستيراد.. مسافة ما؟
عبدالرحمن بن علي الجريسي

تمثل المكتشفات العلمية في حقب التاريخ المتلاحقة إطاراً عاماً ونقطة فارقة لنقلة كبرى مرتجاة في مسيرة البشر في هذه الحياة فالانتقال من العصر الحجري الى الزراعي الى الصناعي، كان ينقل البشر معه الى دورة حضارية جديدة تنصقل خلالها مواهبها وتتفتح طاقات افرادها الى فضاءات جديدة. لكننا اليوم نجد انفسنا امام تحد جديد وغريب يتمثل في انتقال فجائي، بيد انه مبدع، فجائي من حيث تكثفه واختصاره العميق للتجربة البشرية الطويلة في لحظة حاسمة، هي ما يمكن مناداتها بلحظة «عصر الإنترنت»، الذي يقود المسيرة هذه الأيام.
يقيني ان المهتمين من العلماء الأجلاء، بتطوير التجربة البشرية انسلكوا طويلاً وعميقاً في التجريب والتبديل والحذف والإضافة، سهروا الليل وسكبوا العرق ودفعوا الكثير من الأموال حتى تم لهم ما أرادوا.
ومن المؤكد هنا ان هؤلاء العلماء جميعاً كانوا يعملون في اطار بيئة منسجمة ومناخ اجتماعي وثقافي واقتصادي مواتٍ، لأنه من المستحيل وطبقاً لمبادئ التطور الحضاري واشتراطاته، ان يكون هناك تطور علمي او اقتصادي في ظل تأخر اجتماعي او ثقافي فالتطور هنا عملية تتكاتف في شأن تحصيلها جميع القطاعات المكونة للمجتمع، وقد نجح الغرب، رغم اختلافنا العميق معه، ايما نجاح في استنبات التقنية لتوفيره الحاسم استحقاقات الابداع البشري.
وفي مناسبة احتضان العاصمة السعودية للتظاهرة التقانية العلمية «المؤتمر السعودي الثالث للتجارة الإلكترونية ومعرض جيتكس السعودية»، فإن الذهن يجب ان ينصرف كلياً الى ضرورة الاستفادة القصوى من انعقاد هذه الفعالية الكبرى لتعبئة الطاقات، لإحداث نقلة مهمة في تعاملنا مع التكنولوجيا.. نقلة تتلخص في ضرورة التخلص من التعاطي البارد مع أدوات العصر، تعاطياً لا يتجاوز على الأغلب مظاهر الإبهار الاجتماعي والتجمل وإظهار النفس وكأنها استكملت خطوط «الموضة والإتيكيت».
إننا بحاجة ماسة لردم الفجوة العميقة بيننا وبين الغرب، فجوة تتمثل في ان الغرب لايزال ينتج في حين اننا لانزال نستهلك!!، كيف يتم ذلك؟ الإجابة تحتاج إلى عمل كبير وغسيل شاق ومكلف لا دواء الكسل والانتظار وربما التغافل عن حقيقة العالم «الجديد» في هذا التوقيت الحاسم.
ويجب الإشارة هنا إلى أن أول ما يجب ان نبدأ به هو نظامنا التعليمي بحيث لابد ان نمزج فيه بين ضرورات الحياة وضرورات الدين، حتى يمكن لأجيال الخريجين كسب معركة البقاء عوضاً عن الوفاء لضرورة وجودنا الموجب والفاعل في هذه الحياة.
ستخسر شعوبنا العربية كثيراً إذا لم تتدارك اليوم، وليس غداً حجم الفارق الكبير بينها وبين الغرب.. وما لم تستفد الدول ذات الإمكانات المادية الواسعة في تجسير هذه الهوة، فإن جميع منافذ التمدين والتحضر ستنسد امامها في نقطة ما بسبب عجز أفرادها عن مماشاة الآخرين في هذا التطور اللاهث الذاهل.
سينفض سامر المؤتمر والمعرض وسيعود العارضون بمرابح وصفقات يسيل لها اللعاب، بيد أننا وحدنا الخاسرون، لأننا لانزال نمارس الدهشة والشراء.

رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved