Thursday 25th April,200210801العددالخميس 12 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

تنقّل بين المسرح والتليفزيون والأغنية تنقّل بين المسرح والتليفزيون والأغنية
عبدالله الباروت: لا تشغلني القضايا الكبرى.. وأهتم بحزن الإنسان
تعمدنا توريط المشاهد في كوابيس العرض

* القاهرة مكتب الجزيرة عمر محمد:
في تجربته الأولى مع المسرح التجريبي قدم لنا المؤلف عبدالله الباروت صوتاً شعرياً مميزاً في مسرحيته (الزاوية المظلمة) إخراج السوري وليد الدبس، التي مثلت المملكة مؤخراً في مهرجان القاهرة الدولي الثالث عشر للمسرح التجريبي. وقبله مثلت فرقة الدمام في عدة مهرجانات محلية وعربية حيث حققت المركز الأول في مهرجان الجنادرية المسرحي الأخير، إضافة إلى جائزة أفضل ممثل ل«راشد الورثان»، والأهم بالنسبة ل «الباروت»، كأفضل نص في مهرجان «أبها»، كما مثلت المملكة في مهرجان الأردن المسرحي الثامن.
ورغم بعض غموض في الرؤية التي يقدمها النص المسرحي إلا أن طابعه الشعري أكسبه الكثير من الحكمة والتكثيف في معالجة عذابات، أحلام وهواجس إنسان سجين.
* سألنا الباروت عن أسباب اختياره اللغة الشعرية.. هل هو ميل شخصي أم اختيار فرضته الدراما؟
اللغة الشعرية فرضت نفسها أثناء الكتابة أردت أن يأخذ الحوار الشكل الموسيقى. بالنسبة لي الكتابة الحوارية لابد أن يكون لها إيقاع معين حتى بالنسبة للدراما، التي أرى أنها تكون أكثر راحة وإمتاعاً للمتلقي ومن قبله للممثل نفسه، خاصة وأن كتابة الحوار بالفصحى ساعدتني على أن يكون سلساً وموسيقياً حتى يسهل على الممثل حتى المبتدئ استيعابه ثم اداؤه أيضاً.
* إذاً كان اختيار الفصحى ضرورة فنية؟
أولاً.. هناك إنسانية وعمومية القضية التي يناقشها العرض، ثانياً.. لأنه أول عمل أجهزه لمهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة.. أردت تقديمه بالفصحى وليس بلهجة محلية حتى يفهمه أي متلق عربي وتصل له ذات الروح التي يحملها العرض.
* في «الزاوية المظلمة» إيحاء بأن تلك المخاوف والأشباح هي دوائر مغلقة تتوارثها الأجيال خاصة في مشهد الولادة والتلقين بتعليقه المصاحب للمشهد.. «أنت الآن نحن»؟
بالنسبة لي المشهد عادي.. في الحياة الإنسان يولد ويتعلم، ربما ما أعطى الإيحاء أكثر هو مشهد الميلاد وهو رؤية المخرج الخاصة وقد اضافه من عنده فلم يكن في النص.
* وهل يحق للمخرج برأيك الإضافة للنص؟
له رؤيته للنص وقراءته الخاصة.. لذلك يصبح له الحق في الإضافة أو الحذف بالاتفاق بيننا بما لا يخالف روح ورؤية النص. لذلك يظل احساس المؤلف ان ابداعه هو نصه على الورق.
* العرض يقدم صوراً متنوعة من المخاوف والهواجس بينها العمى والعجز عن الحركة، والسلطة وغيرها.. هل أردت تقديم رؤية لكل ما يعوق الإنسان عن التواصل مع الحياة؟
لو أردت إيضاح رؤيتي لقدمت مسرحية كلاسيكية عادية، إنما قدمت رؤية يستطيع كل متفرج أن يفسرها كما يرى في إطار المسرح التجريبي.
* لكن يظل واضحاً أنك قدمت شخصية ما في صراعها مع أشباحها؟.
بالنسبة لي قدمت مواضيع عديدة لم أحددها فهذا الشخص قد يكون نائماً في حلم طويل، أو مريضاً لم أرد المباشرة. قد يكون مجرد إنسان حساس جداً يعاني من حالة سيكولوجية قد تصل به إلى الاكتئاب أو يصبح مريضاً بالفصام... لكنه عندي هو من يشعر بكل ما لا نشعر به نحن الناس العاديين هو شخص مقهور يحس ويفسر كل شيء بطريقة مرضية.
* وما ضرر أن تتضح الرؤية؟
لأنها بالنسبة لي ليست فقط الرؤية. هي لوحة من خلال صياغة مسرحية فيها تشكيل وكلمة شعرية واجتهاد.. بداية من الفكرة إلى المخرج وأداء الممثلين تتضافر كلها لتقدم لك عملاً تريد مشاهدته وتستمتع به وأيضا نعطي فكرة جيدة عن المسرح السعودي. لم تكن قضيتي مناقشة القضايا الكبيرة لأن كل القضايا نوقشت وقدمت في أعمال كثيرة.
* غياب دور الأم التي لم نسمع إلا إشارة عن وفاتها.. هل كان خاصاً بظرف المسرح السعودي أم فرضته الدراما؟
هي غير موجودة وفي لحظة موجودة بالصوت نسمعه في الخلفية في «هدهدة»، النوم للطفل.. حين نسمع صوت المرأة كأنه آت من ذاكرة الولد.. لم نحتجها أكثر من ذلك في دراما العمل، حتى «الهدهدة»، كانت موقعة أكثر عندما قالها الأب في مشهد مع الابن.
* الابن في هذا الصراع كان المشارك مرغماً في البداية حتى انطلق خارجاً من الزاوية المغلقة المظلمة.. هل أردت أن يرث الابن مخاوف الأب أم تراه حلقة مختلفة؟
الابن بالضرورة يتأثر بحالة الأب...لكنه يرفضها وبعد صراع بينه وبين هذا الجو المحيط به يرفضه ويخرج منه. الأب أيضاً كان يحثه على الخروج.. خاصة عندما وجد الحلقة تضيق عليهما وتصبح سجناً يقبرهما معاً، وهكذا خرج الولد حتى لا يصبح امتداداً، اصبح حراً بعالمه هو يختاره كما يشاء.
* رغم حيوية أداء الممثلين، إلا أن محاولات إيضاح فكرة المخاوف بصيغ كثيرة لتعميق الإحساس بحالة الاختناق الكابوس التي تعيشها الشخصية اشعرتنا بشيء من الإطالة ألم يكن من الأجدى اختزالها خاصة مع طبيعة الحوار المعتمد على التكثيف؟
على العكس تماماً فالنص كان أطول مما قدم في الحوارات لكن المخرج اختار أن يختصر منها ويستعيض باللوحات التي يبرزها الاخراج بدون حوار، وهو ما وافقته عليه حتى تكون اللوحة مكثفة ويتم التعبير بالإضاءة والحركة في أحيان كثيرة بديلاً عن الحوار.. غير أن التنويع في المخاوف وأشكال القهر كان محاولة لتوريط المشاهد في الحالة الكابوسية التي تعيشها الشخصية ورغم ذلك راعينا ألا تخلو من اللمحات الساخرة والروح الكوميدية.
* الأغاني التراثية المصاحبة أعطت العرض مذاقه الخليجي... أليس هذا خروجاً عن شمولية فكرته؟
قدمنا رؤية لحالة إنسانية.. لكن من داخل ثقافتنا الخاصة، لذلك كان اختيار هذه الأهازيج الشعرية الأربع لتصاحب مسيرة الإنسان في الحياة منذ الولادة بدءاً من الهدهدة للنوم إلى تعليم المشي في «بأربعة ربوه» والأهزوجتان الأخريان المعبرتان عن حالة انفعالية.. وهي لون شعبي حافظنا على ايقاعه وموسيقاه، لكنني قمت بتعديل بعض المفردات لألفاظ مقعرة لأنها بالأساس أهزوجة قديمة، ولأننا نعرض لجمهور يتحدث لهجات مختلفة حولتها إلى مفردات أبسط، خاصة مع طبيعة المسرحية التي نقدمها بالفصحى وليس بلهجة محلية.
* لغة الشعر التي قدمت بها «الزاوية المظلمة».. هل نجدها في أعمال أخرى لك؟
أنا أكتب الشعر الغنائي وأيضا الشعر الحر، وستجد ملامح لهذه الشعرية فيما قدمته من مسرحيات منها مثلاً «ليلة العيد»، إخراج مصطفى عبدالخالق، ومسرحيات غنائية كتبتها لمسرح الطفل.. أشهرها.. «غابة الحلوين»، إخراج راشد الورثان، «الغوص»، إخراج مصطفى الطحان، و «ورطة» لإبراهيم السويلم.
* بعيداً عن المسرح.. هل يشغلك الشعر أم الدراما؟
لا تناقض.. لكنني اشتغل مؤخراً بالكتابة الدرامية للتليفزيون حيث قدمت مع التليفزيون السعودي عملين مميزين من إخراج رضوان القرقاري من مصر وهما مسلسل «حامض حلو»، بطولة إبراهيم جبر وعلي السبيعي، و«مواقف رمضانية»، عن المشاكل الاجتماعية في حلقات منفصلة بطولة السبيعي وعبدالله السبحان ونجوم آخرين كثيرين.
* وهل ستأتي خطوتك القادمة في المسرح أم التليفزيون؟
انتظر إنجاز عملين للتليفزيون قيد التجهيز قدمتهما لتليفزيون الشارقة، هما مسلسل «الساحة الأخيرة» وسهرة طويلة ساعة ونصف بعنوان «عش من ورق».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved