في الغرب وعلى مدار خمسة القرون الماضية جاءت التحولات الاجتماعية والفكرية والفنية كحالة طبيعية تسير وفق قانون الحياة المتطورة باستمرار في اطار من الحرية والعمل والمراجعة.. فنتج عن ذلك الرومانسية والواقعية والرمزية والعلوم الطبيعية التي شكلت المكون الثقافي لتلك المجتمعات وجعلتهم أكثر قدرة على التعبير الفعَّال والفعل الإيجابي.. بغض النظر عن الإفرازات السلبية التي هي حالة طبيعية في نمو المجتمعات لا يعتد بها.
وفي الشرق الأوسط وخلال خمسة القرون الماضية.. تدخَّل من تدخَّل.. فأوقف الزمن وجمَّد سُنَّة التطور والتجديد ورسم التاريخ في صورة فوتوغرافية غير قابلة للحركة واشتغل على أوتار العاطفة.. فتكرر التعبير وتوحدت الأشكال واصبح الفرد جزءاً من زميله.. أو هكذا هي المجتمعات العربية والإسلامية بصفة عامة. ولولا الله ثم بعض القادة والمثقفين والمفكرين لبقينا إلى اليوم عند مشارف أبواب «غرناطة» نأكل الخبز اليابس.
هذه هي التحولات «الفكرية» التي طرأت على مجتمعاتنا المسلمة خلال القرون المتأخرة حتى وقتنا الحاضر انتجت انسانا ساخطا بلا فعل.. وثقافة عاطفية تختزل الزمن في جمل منمقة وعبارات شاعرية وكلام مهيج مثل: «بالدم والروح نفديك» .. وليس بالفعل والجد والمثابرة والتفكير!! انها تحولات سطحية في حقيقتها تلك التي تهتم بالشكل الظاهر وليست فكرية.. لأن الفكر اعمق.. فالفكر العميق ينتج الحضارة، اما التسطيح الشاعري والسخط المستمر فينتج حضارة عاطفية أو عاطفة حضارية.. كلتاهما سواء. المهم انها ليست فاعلة.. ربما يكون ذلك هو السبب الرئيس في تفوق الغرب على العالم الثالث.
|