نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية مؤخرا دراسة مفصلة أعدها باحث إسرائيلي يدعي «آسي شرعابي» وقد تم تقديمها منذ عدة أشهر للبحث أمام لجنة من الأساتذة بإحدى جامعات لندن. والباحث الإسرائيلي كما تذكر صحيفة معاريف خلع عن نفسه رداء الصهيونية وحاول أن يرصد عدة ظواهر سادت في الفترة الأخيرة متناسيا كونه ضابطا سابقا في إحدى وحدات مكافحة الإرهاب في الجيش الإسرائيلي . بعدأن تفرغ لدراسة علم النفس الاجتماعي بجامعة «لندن سكول اوف أوكونوميك»، وتشير دراسته الجديدة التي طبقها على أكثر من ثمانين طفلا إسرائيليا إلى أن الجيل الحالي من الشعب الإسرائيلي استطاع أن يورث جيل الأبناء الجديدالفكر الصهيوني بدرجة تفوق الوصف . بل إن تعاليم الصهيونية انتقلت تلقائيا إلى الجيل الجديد ربما بصورة أكبر من انتقال تعاليم التوراة نفسها . وقدعرف جيل الآباء كيف يغرس في نفوس جيل الأطفال مادون العاشرة جميع مشاعر الكراهية والغضب للعرب جميعا . لدرجة أن وصل الحد إلى أن جميع من تمت عليهم الدراسةيتلذذون لموت طفل فلسطيني أو سماع خبر اغتيال أي شخصية فلسطينية رغم كون هؤلاء الأطفال في سن مبكرة للغاية .
الباحث الإسرائيلي رصد هذه الظاهرة ليعرف النتائج والأسباب . والسبب في إقدامه على هذه الخطوة كما يقول انه وجد أن العام الأخير مر بشكل غريب للغاية من النواحي السياسية والمدنية في المنطقة . ففي شهر أغسطس من عام 2000 وعد ايهود باراك بإنهاء الصراع وفي أغسطس 2001 نجد شارون يتحدث عن سياسة الاغتيالات. وفي شهر أغسطس 2000 أيضا تكلم باراك عن تسوية بشأن القدس والآن شارون يحتل بيت الشرق ويحاصر عرفات ويقوم بمذابح يشيب لها الولدان. لذلك فقد قرر الباحث الإسرائيلي أن يطبق ما درسه في لندن علي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كمايزعم ..
يتحدث الباحث الإسرائيلي بداية عن القاعدة النظرية لبحثه حيث يؤكد أن لكل مجتمع من المجتمعات سلما للقيم يختلف عن المجتمعات الأخرى . ويضرب مثالا بالسجن . فالسجناء مثلا يعتبرون أن السيجارة هي الوسيلة الأفضل للبقاء على قدرمن الحكمة والاتزان داخل هذه الحجرة المظلمة . بينما تأتى النقود بالنسبة لهم في مرتبة متدنية للغاية . أما في الحياة الخارجية فالعكس. وهكذا يفترض الباحث أن أبناء الدولة العبرية الذين قسمهم إلى ثلاثة فئات ( مستوطنونأبناء المدن كيبوتس) . كيف يفهمون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني . وكيف ينظرون إليه من خلال حياتهم اليومية . وبمعنى آخر ذهب الباحث كما يقول إلى دراسة هذه الوسيله التي شبهها بالسيجارة التي يلجأ اليها أطفال إسرائيل كي تبقيهم في حالة اتزان وحكمة من جراء مسألة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
يقول الباحث: «جئت إلى إسرائيل كي أري كيف يكبر أطفال إسرائيل بصورة طبيعية في مجتمع غير طبيعي نسبيا. أردت أن أرى كيف يشعرون وكيف يرون الصراع مع الفلسطينيين؟ تحدث الباحث الإسرائيلي مع (84 طفلا) وذلك بعد الحادث الفدائي الذي وقع في ملهى «دولفينيريوم». والنتيجة التي توصل اليها الباحث هي أن الكراهية التي يكنها الأطفال اليهود تجاه الفلسطينيين بلغت حد الخيال . أطفال ما دون الثامنة يتخيلون الأطفال الفلسطينيين عميا أو أسنانهم مشحوذة وأنهم يجب أن يموتوا أو يصابوا بالإيدز وأن يتم حرقهم في نار جهنم . يقول الباحث أنه طلب من كل طفل أن يرسل برسالة إلى طفل فلسطيني متخيل . كما طلب منهم أن يرسمواصورة لهذا الطفل . والنتائج كما يقول أذهلته . إذ إن كيف لهؤلاء الأطفال الذين لم يتجاوزوا الثامنة حمل كل هذه الكراهية بداخلهم. وأكد أن هناك مزيجا من الخوف والكراهية وأن كل منهما سبب في اشتعال الآخر . في البداية يقول الباحث إنه حين طلب من الأطفال كتابة الرسائل الوهمية وجد أن الجميع قد وجه إليه سؤالين خارج جميع التوقعات.
السؤال الأول كان هل نرسل إلى فلسطيني طيب أم شرير؟، السؤال الثاني هوهل مسموح لنا استخدام الشتائم؟
وها هي نماذج من الخطابات «المريضة» التي كتبها أطفال يهود لنظرائهم الفلسطينيين:
طفلةإسرائيلية كتبت في رسالتها تقول: أتمنى أن تموتي وان تكوني مريضة. إنني أنتظر اليوم الذي أراك فيه ميتة أنت وعائلتك. طفلة أخرى كتبت تقول: إنني أبدا لا أحب ما تفعلونه بنا وتمنياتي بالموت لكم.
يقول الباحث الإسرائيلي إن كل الأطفال الإسرائيليين تحولوا في العام الأخيرالى الإيمان بأن اليهود طيبون وأن العرب أشرار . وان اليهود يريدون السلام والعرب يريدون الحرب . وان اليهود بشر بينما العرب غير ذلك. ويؤكد أن هذاالشعور ينمو أكثر لدى أبناء المدن . حيث انهم قلما شاهدوا أو تعاملوا مع العرب على عكس سكان المستعمرات والمستوطنات وأطراف المدن..
ويبدو أن إسرائيل نجحت نجاحا منقطع النظير في تشكيل عقول أطفالها الذين لم يتجاوزوا العاشرة بالصورة التي تخدم استمرار الدولة العبرية في المستقبل. كما يبدو أن الفكر الصهيوني يتطور كل يوم ويواكب عصره ويعمل على غرس روح العداء والكراهية لدى الشعب الإسرائيلي خاصة بعد أن اعتقد الجميع أن هناك جيلا نشأ في إسرائيل يتمتع بصفات أ قل تطرفا من الأجيال التي نمت وعاشت فترات الحروب مع العرب . ولكن الذي حدث أن أطفال اليهود اليوم يحملون بداخلهم من مشاعر الكراهية ما يكفي لاستحالة التوصل معهم الى حل سلمي مها مرت السنون.
فالأجيال تتلاحق وتتوالي حاملة معها ميراثا يورثه الآباء لجيل الأبناء من تعاليم الصهيونية التي يدين بها كل يهودي سواء في إسرائيل أو خارجها بينما نحن العرب أخطأنا الحساب وسمحنا لانفسنا أن نخطئ في حق أبنائنا القادمين الذين لن تتحرك مشاعرهم تجاه أي قضيه عربية مستقبلا خاصة مع حالة الهوس والولع بالغرب واقتباس أسوأ ما يصدره الغرب إلينا وجعله مثلا أعلى وقدوة للشباب.
|