يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون كان مشغولا لدرجة أنه لم يدرك مرور ذكرى انتهاء الحرب الفرنسية الجزائرية بانتصار الجزائريين ورحيل الفرنسيين. وقبل أن تنتهي الحرب كان قد سقط 250 ألف جزائري و25 ألف فرنسي و4500 مستوطن أوروبي في الجزائر بالإضافة إلى 150 ألفاً من الجزائريين الذي كانوا يتعاونون ويحاربون مع الجيش الفرنسي. وقد تذكرت حرب الجزائر لأنني اتصور أن الفلسطينيين قرروا السير في نفس طريق الجزائريين. ليس فقط لأن كلا الشعبين مسلمان ولكن أيضا لأن كلا الشعبين يعتبران نفسيهما محتلين. مع الأخذ في الاعتبار أن الجزائر في ذلك الوقت لم تكن مستعمرة فرنسية ولكن كانت جزءا من فرنسا نفسها حيث يحمل الجزائريون الجنسية الفرنسية ولهم حقوق المواطنة وهو ما يختلف مع وضع الفلسطينيين الآن. كذلك يجب أن نتذكر أن الفرنسيين لم يحاربوا بمثل هذا العنف فمنذ بداية حرب العصابات التي شنها الجزائريون كان الفرنسيون يردون عليها بالاعتقالات والاغتيالات والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان. ورغم ذلك لم تكن الممارسات الفرنسية بمثلما تشهده الأراضي المحتلة لأن الفرنسيين كانوا يعتبرون أعداءهم من الهمج ولا يجب أن ينزلوا إلى مستواهم. كل المؤشرات تشير إلى أن معركة الجزائر تكرر الآن في القدس وتل أبيب وناتانياوحيفا وفي أي مكان يمكن للفدائيين الفلسطينيين الوصول إليه. وهو ما يدمرالتكتيكات الإسرائيلية والتي بدأت بعمليات القتل مستهدفة الناشطين الفلسطينيين إلى إعادة احتلال الأراضي الفلسطينية مرة أخرى. وفي المقابل فإن الحرب أو الكفاح الفلسطيني سوف يطول شارون وربما الرئيس بوش نفسه ولكنها ليست كذلك بالنسبة لمن يقومون بها. فهذا الفلسطيني محمد عودة يقول: إذا كان الإسرائيليون سيقتلوننا فسوف نقتلهم أيضاً.
وأهمية كلام هذا الرجل أنه والد الشاب الفلسطيني عبد الباسط عودة الذي نفذ الهجوم الاستشهادي على فندق ناتانيا وأسفر عن قتل 26 إسرائيليا. وهذا الرأي لم يقتصر على الفلسطينيين وحدهم فهذا هو الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنايا يكتب في صحيفة يدعوت أحرونوت أن العمليات الفدائية أصبحت الرياضة الشعبية الأولى في فلسطين وأنه من المستحيل القضاء عليها بالطرق العسكرية. يجب أن ندرك أن الفلسطينيين سيتخلون فورا عن هذا السلاح إذا رأوا أن حقوقهم السياسية سوف تتحقق. فمن الحماقة أن نتصور أن الحديث عن تينت وميتشل يكفي لكي يوقف الفلسطيينيون عملياتهم التي تهدف إلى تحقيق استقلاهم. المأساة هنا طبعا إلى جانب المآسي العديدة أن الجميع يعترف بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وحق إسرائيل في الحياة بسلام ورغم ذلك تدور هذه الحرب الفظيعة والدرس الذي أدركه العالم من التجربة الفرنسية في الجزائر هو أن التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان لا يمكن أن تثني شعباً يقاتل للاستقلال عن مواصلة نضاله. فهل يدرك شارون وبوش هذا الدرس قبل سقوط آلاف القتلى؟!.
|