Sunday 21st April,200210797العددالأحد 8 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لغتنا في مهب الريح لغتنا في مهب الريح
في الصف الرابع وتسأل والدها ما معنى كلمة «مول»؟

يقول الأستاذ محمد عبدالشافي القوصي في كتيبه «العربية لغة الوحي والوحدة» الذي نشرته المجلة العربية مع العدد الثاني والخمسين في ربيع الآخر 1422ه ما نصه «إنها اللغة العربية لسان كتاب ربنا وسنة نبينا، ووعاء حضارتنا.. وكما أنها فرصة وضرورة، كذلك فإن التساهل أو التهاون أو التفريط فيها إنما هو تهاون في ديننا وشريعتنا وعقيدتنا وأعز مقدساتنا، وما لنا لا نتباهي بلغتنا ونفخر بلساننا مثلما تفعل الأمم الأخرى.. إن المجمع العلمي الفرنسي أقام الدنيا وأقعدها من أجل وجود كلمة إنجليزية في لغته تسللت إبان الحرب العالمية!».
قرأت ويقرأ غيري مثل هذا الكلام وغيره كثير حول لغتنا العربية ووجوب التمسك بها والتحدث بها، ووجوب تعليمها التعليم الصحيح ليتحدث ويكتب بها الناس عامة رجالاً ونساء صغاراً وكباراً، لكني أصبت بالحسرة والألم حينما عدت من دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية في الصيف الماضي، وقرأت ورأيت في شوارع عاصمتنا الحبيبة الرياض أمثال: «مول»، فاشن سنتر، بي لس، هاوس، ماركت وغيرها كثير من المفردات الأجنبية.
بل أصدقكم القول: إن ابنتي التي تدرس في الصف الرابع الابتدائي سألتني عن كلمة «مول» وهل هي عربية أم لا، ذلك أنها كانت تسمع بها عندما كنا في أمريكا، عندها أصبت بحيرة من هذا التساؤل.
إنني أتساءل وربما غيري كذلك كيف سمح لهؤلاء باستخدام هذه الأسماء والمفردات الأجنبية، ثم ما دور الجهات المسؤولة عن منح التصاريح لأصحاب المحلات والأسواق؟ ثم ماذا يريد هؤلاء من تسمية أسواقهم ومحلاتهم التجارية بمثل هذه المسميات، وهل ضاقت لغتنا الواسعة عن أسماء ومفردات تكون جميلة ومقبولة وجذابة!!؟
إذا كان أصحاب المحلات التجارية يجهلون خطورة استخدام المفردات الأجنبية أو لا يبالون بهذا، فإن على الجهات ذات الاختصاص أن تعي دورها في هذا، وأن تعي خطر انتشار مثل هذه الألفاظ في مجتمعنا العربي المحافظ، وكذلك خطرها على اللغة العربية لغة القرآن.
إن جولة واحدة في أحد شوارع مدننا الكبيرة تجعل فؤادك يعتصر ألماً لكثرة انتشار التسمية بالأسماء الأجنبية.
وأود هنا من وجهة نظر شخصية أن أبين بعض الأضرار المترتبة على انتشار المفردات الأجنبية في شوارعنا وأمام ناظري أبنائنا وبناتنا:
1 مزاحمة اللغة العربية وحلول المفردات الأجنبية مكان المفردات العربية شيئا فشيئا حتى تصبح مألوفة لدى الناشئة ثم يبدأون باستخدامها، وحينها لا ينفع كثيرا تعليمهم وإخبارهم بضررها وخطرها إذ إن الوقاية خير من العلاج.
2 موت وضياع مفردات كثيرة من اللغة العربية كان الأولى استخدامها وانتشارها.
3 مع مضي الوقت ومرور الأيام، قد يتصور بعض الناشئة من البنين أو البنات أن هذه المفردات الأجنبية المنتشرة على المحلات، قد يتصورون أنها مفردات عربية، وفي هذا خطر عظيم لا يخفى على غيور.
4 أن هذا فيه انهزام واضح لأهل اللغة، وإلا لما رضوا بأن تحل هذه الألفاظ حيث يراها كل أحد.
من هنا فإني آمل من القائمين على جهة منح التصاريح بأن ينتبهوا لهذا كثيراً وأن يكون لديهم الحماس لمنع انتشار هذه المفردات، سيما وأن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى يؤكد دائما وأبداً على التمسك بكل ما يرتبط بديننا الإسلامي الحنيف، ومن هذا لغتنا العربية، ثم أمل آخر يتعلق بأصحاب المحلات التجارية والأسواق بأن يعوا ضرورة هذا الأمر الخطير، وأن يحاولوا الحفاظ على لغة القرآن الكريم من خلال اختيار أسماء عربية وما أكثرها وأجملها في لغتنا العربية الجميلة.
ثم دعوة أخرى للمتخصصين في اللغة العربية بأن يكثفوا الجهود في محاولة توعية وتبصير الناس بأهمية المحافظة على مفردات اللغة العربية، وبخطورة إحلال المفردات الأجنبية مكان المفردات العربية وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة منها والمسموعة والمرئية.
وهنا أود أن أشير إلى الجهود الكبيرة التي تبذل في سبيل توعية الناس عامة بأهمية اللغة العربية والحفاظ عليها، ومن ذلك الندوة التلفزيونية التي قدمها أستاذنا الدكتور محمد بن خالد الفاضل في برنامج دين ودنيا قبل سنتين تقريباً، حيث استضاف فيها مجموعة من المتخصصين باللغة العربية، حينها تطرقوا إلى قضايا كثيرة تتعلق باللغة، ومنها هذه القضية التي أكتب عنها اليوم، بل إن تلك الندوة انتقلت إلى خارج المملكة وذلك أني رأيتها مسجلة من التلفزيون السعودي مع مجموعة من المبتعثين الخليجيين في الولايات المتحدة الأمريكية، فشكراً من الأعماق لتلفزيوننا السعودي على مثل هذه الندوات وشكراً لكل من أسهم ويسهم في سبيل المحافظة على لغتنا الجميلة.

د. فهد بن علي العليان

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved