editorial picture

خطوة في الطريق الصحيح

لازالت كل جراح جنين مفتوحة ولا يزال العالم يعاني من الصدمة الناجمة عن الأهوال التي ارتكبها الاحتلال في المخيم، وقد افلحت الضغوط الدولية، والعربية خصوصاً، في حمل مجلس الأمن والدول الكبرى على اصدار القرار 1405 بارسال بعثة تحقيق دولية للنظر في أمر المذبحة التي ارتكبتها اسرائيل بمخيم جنين وفي نابلس.
وقد أدركت واشنطن في اللحظة الأخيرة أن معارضة قرار مجلس الأمن بهذا الصدد سيزيد من الانتقادات الدولية الموجهة لتأييدها الأعمى لاسرائيل، ولذلك فضلت الانضمام إلى المؤيدين للقرار ليتمكن مجلس الأمن من اصدار قرار بالاجماع بشأن التحقيق.
وتبقى المسألة الأهم في الطريقة التي ستعمل بها البعثة المنوط بها التحقيق في المذبحة، وما اذا كانت هذه البعثة ستتمكن من انجاز عملها بالصورة المثلى ازاء القيود الإسرائيلية التي اخلت بالتحركات الدولية الإنسانية في الأيام الماضية مما اسهم في تفاقم الأوضاع داخل المخيم.
ومن المهم كثيراً ان يخضع تشكيل البعثة إلى تمحيص دقيق وبعيداً عن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية وإلا فإننا سنرى في النهاية تقريراً يتبنى وجهة النظر الإسرائيلية.
ان جانباً كبيراً من آثار الجريمة ومعالمها قد اختفى عن الانظار، وقد نبهت الاطراف الفلسطينية منذ بداية المذبحة أن اسرائيل حفرت قبوراً جماعية للشهداء لطمس أي أثر لجريمتها، وهذا أمر ينبغي أخذه في الحسبان مما يعني أن البعثة ينبغي ان تتمتع بجميع الصلاحيات والوصول الى أي موقع ومقابلة كل الاشخاص الذين قد تكون افاداتهم ضرورية لسير التحقيقات.
لقد انجز المجتمع الدولي خطوة مهمة في الطريق الصحيح لكشف جرائم اسرائيل ومن المهم ان يحتفظ المجتمع الدولي بذات قوة الدفع التي افلحت في اصدار هذا القرار، طوال أيام عمل اللجنة وأن يتصدى لمحاولات اسرائيل الالتفاف على عمل البعثة أو تضليل افرادها.
ومن المؤكد ان هناك ضرورة لابتداع الآليات اللازمة والمحكمة التي تضمن تحقيقاً دقيقاً يرقى في اهميته إلى مستوى المأساة التي تسببت فيها اسرائيل بقتلها المئات من سكان المخيم من خلال تدمير المنازل على رؤوسهم وترك الجرحى ينزفون حتى الموت ومنع سيارات الاسعاف وهيئات الاغاثة الدولية من انقاذهم.
ان بعض الأمل قد يعود إلى النفوس اذا تم انجاز هذا العمل بالصورة المثلى والعادلة، والإ فان العوائق التي قد تظهر ستزيد من القناعة بان اسرائيل لاتزال فوق المساءلة والمحاسبة.


jazirah logo