Sunday 21st April,200210797العددالأحد 8 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في ندوة بالقاهرة حول سبل توفير الحماية للشعب الفلسطيني في ندوة بالقاهرة حول سبل توفير الحماية للشعب الفلسطيني
ضرورة الإسراع بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين

  * القاهرة علي البلهاسي:
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من عدوان وحشي اسرائيلي يحدث على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي تتزايد الأصوات الداعية لتوفير حماية دولية للفلسطينيين.
وحول سبل توفير هذه الحماية وكيفية تحقيقها عقدت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ندوة تحت عنوان «سبل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني» شارك فيها عدد من خبراء القانون والسياسة الدولية.
خلط الأوراق
أوضح الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي وأمين عام الجمعية المصرية للقانون الدولي أن كل الشواهد حالياً تؤكد أن المؤسسات والمنظمات الدولية قد أصبحت في غيبوبة تامة عما يحدث في الأراضي الفلسطينية، ولم يعد هناك أمل إلا في التحرك العربي الجاد والسريع لحماية الشعب الفلسطيني من هذا العدوان الوحشي، ولابد أيضاً من استمرار الانتفاضة الباسلة التي أثبتت على مدى الشهور الماضية أنها نقلت القضية نقلة نوعية غير مسبوقة ووضعها في مسارها الصحيح بحيث أحدثت يقظة للضمير العالمي، ولأول مرة هناك حشد للرأي العام العالمي ومظاهرات تدين العدوان الاسرائيلي كما أن هناك بدايات لتحول في موقف مجلس الأمن نتيجة للضغوط الدولية، صحيح ان الثمن باهظ وندفعه من أرواح الشهداء ولكنه ثمن الحرية التي ستتحقق لا محالة.
ودعا عامر إلى ضرورة التأكيد على الشرعية الدولية للقضية والمقاومة الفلسطينية موضحاً أن هناك جدل كبير حول شرعية المقاومة الفلسطينية خاصة مع ظهور تصريحات كثيرة أبرزها تصريحات بوش التي تصفها بالارهاب، وتأكيد مشروعية هذه المقاومة لايحتاج إلى قرار أو بيان فالقرارات والقوانين الدولية تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره فهو الشعب الوحيد الذي فشل المجتمع الدولي في تأمين هذا الحق له حتى الآن.
وأضاف أن محل الخلاف هو الأعمال التي تقوم بها المقاومة ضد الاسرائيليين خاصة المدنيين منهم وقال انه في هذا الاطار لابد أن نميز بين أربع طوائف من أعمال المقاومة:
الأولى هي الأعمال التي تتم ضد أهداف عسكرية والتي زادت بعد الانتفاضة وهي التي تتم ضد الحواجز والجنود والدبابات والأسلحة وغيرها وهذه لا غبار عليها من الناحية القانونية فهي أعمال مشروعة، والثانية الأعمال التي تتم ضد المستوطنين اليهود والمستوطنات وهي أراض محتلة لا يجوز الاستيلاء عليها طبقاً لقواعد القانون الدولي، واسرائيل خالفت ذلك بالنمو السرطاني لهذه المستوطنات وحشوها بمستوطنين مسلحين ولذلك فهم طبقاً للقانون أهداف مشروعة للمقاومة لأنهم محتلين وغاصبين للأراضي الفلسطينية.
والطائفة الثالثة: هي العمليات التي تتم ضد الجنود الموجودين في إجازات ومنها عملية الأتوبيس الأخير في القدس الغربية الذي كان مكتظاً بالجنود، وطبقاً للقانون الدولي فالجندي حيثما كان وفي أي وقت هو هدف مشروع للمقاومة لأنه سرعان ما ينقلب إلى أداة للعدوان حال وصوله إلى ثكنته العسكرية، أما الطائفة الرابعة فهي الأعمال التي تتم ضد المدنيين الاسرائيليين وهذه هي الطائفة التي يدور حولها الجدل، وقد دأبت السلطة الفلسطينية على إدانة مثل هذه العمليات بما في ذلك بيان عرفات الأخير سواء كانت ضد مدنيين إسرائيليين أو فلسطينيين وهذا يعبر عن وجهة نظر متعلقة بأن النضال الفلسطيني وصل إلى مرحلة من النضج استطاع فيها أن يكسب مصداقية كبيرة عند الرأي العام العالمي الذي ينظر إلى هذه الأعمال بشئ من التحفظ، والحكم على مثل هذه العمليات يرجع بنا إلى مقولة صدرت عن المندوب اليوغوسلافي على منبر الأمم المتحدة عام 1970م حين قال: «إن المقاومة بالارهاب ضد الارهاب ليست إرهاباً» وهذه العبارة تعبر عما يجب أن ينظر به المجتمع الدولي إلى العمليات الاستشهادية الفلسطينية، صحيح أنها ضد مدنيين ولكن يجب أن توضع في إطار أن الفلسطينيين قاموا بها بعد أن فقدت كل وسائل النضال الأخرى جدواها في مواجهة الآلة العسكرية الشرسة وارهاب الدولة الاسرائيلي.
مجلس الأمن الأمريكي
واتفق الدكتور أحمد عبدالونيس مدير منتدى القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة مع ما قاله الدكتور صلاح عامر حول ضرورة التأصيل للسند القانوني فيما يتعلق بمشروعية المقاومة وقال ان اسرائيل ربما تهدف من وصمها للمقاومة بالارهاب ومحاولة استصدار بيان من القيادة الفلسطينية لادانتها لتغطية المذابح التي قامت بها في جنين والأراضي المحتلة لو قام العرب بالمطالبة بمحاسبة المسئولين عنها ولخلق مبرر لعدوانها الوحشي ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار عبدالونيس إلى أن تحليل البيانات والقرارات التي صدرت عن مجلس الأمن إزاء القضية الفلسطينية تكشف انحسار دور المجلس فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين على العكس تماماً مما كان عليه بعد انتهاء الحرب الباردة في قضايا أخرى كثيرة مثل العراق والصومال والبوسنة والهرسك ورواندا وغيرها، فهذه القرارات إزاء فلسطين في طبيعتها ولغتها ومضمونها جاءت دون ما هو مطلوب بكثير، وهناك العديد من أوجه القصور شابت تصرفات مجلس الأمن تجاه القضية الفلسطينية منها أنه تصرف في أغلب قراراته في اطار الفصل السادس من الميثاق وقراراته لا تعدو كونها توصيات غير ملزمة ما لم تقبلها الأطراف الموقعة على الميثاق. كما أن معظم هذه القرارات غير محددة وواضحة حتى تلك التي تحدثت عن دولة فلسطينية كانت عبارة عن رؤى ولا تتحدث عن التزامات بالتنفيذ، والواضح ان هناك اتجاها حقيقيا لتغييب وتحجيم دور الأمين العام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وطرح د. عبدالونيس عدة مقترحات يمكن تقديمها كمشروعات قرارات إلى مجلس الأمن للضغط عليه نحو القيام بدور ايجابي حقيقي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية منها الأمر بوقف اطلاق النار وانسحاب فوري وشامل وإرسال مراقبين دوليين ورفع الحصار عن الرئيس عرفات وتمكين أعمال الاغاثة الدولية من الوصول إلى مستحقي المساعدة من الفلسطينيين والدعوة لإقامة مؤتمر للدول المانحة لاعادة اعمار فلسطين وتحديد وضع المحتجزين الفلسطينيين واعتبارهم أسرى حرب بما يكفله ذلك من حقوق في المعاملة والتأكيد على تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة والاتفاقيات والبروتوكولات المعدلة لها.
تحرك مدني
وأكد الدكتور عبدالله الأشعل مدير ادارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية أن القضية الفلسطينية بتداعياتها الحالية هي ضحية التطورات الدولية التي حدثت بعد أحداث 11 سبتمبر التي توحشت بعدها أمريكا وتمكنت اسرائيل من اقناعها بأنها حليفها في محاربة الارهاب وقال ان فلسطين هي الساحة الثانية للحرب الأمريكية على الإرهاب بعد أفغانستان واسرائيل تقوم بالنيابة عنها بهذا الدور وهناك اعتقاد بأن أمريكا تريد اعادة تشكيل المنطقة واسرائيل يدها في ذلك.
كما أكد الأشعل على ضرورة القيام بدور ايجابي من خلال منظماتنا ومؤسساتنا العربية فلدينا 18 منظمة إسلامية منها حوالي 10 منظمات عربية بالاضافة الى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 دولة كلهم اعضاء في الأمم المتحدة، وكل هذه المنظمات والمؤسسات يمكن ان تشكل جبهة سياسية قوية ولكن تحتاج الى ارادة سياسية ورؤية لكي تتحرك، وهذا التحرك لابد ان يكون على عدة جبهات حتى يكون له فاعلية.
وأضاف: يمكن التحرك في الاطار الشعبي بتفعيل سلاح المقاطعة، ومنظمات المجتمع المدني لابد ان تقود هذا الاتجاه وتعمل على تجنيد الشارع العربي لخدمة القضية الفلسطينية بالدعم المادي والمعنوى وتنظيم جمع الأموال والمعونات لمساعدة الفلسطينيين، هذا على المستوى المحلي والعربي الداخلي، أما على المستوى الخارجي في دول العالم الثالث والدول الغربية وأمريكا فهناك دور فعال بالفعل بدأت الجاليات العربية والإسلامية بتسيير المظاهرات وحشد التأييد وكسب التعاطف الدولي تجاه قضيتنا بهدف زيادة الضغط الأوروبي الشعبي على الحكومات وقد نشط هذا بالفعل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية.
محكمة جنائية
وحول جهود ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الاسرائيلية قانونيا ومحاكمتهم أشار الدكتور أحمد الرشيدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الى أن الانتهاكات الإسرائيلية وجرائم الحرب التي ارتكبوها موجودة ومسلم بها ومجرد وجود الاحتلال واستمراره يشكل جريمة في حد ذاته تستحق العقاب عليها. ولكن المشكلة هي كيف نستطيع محاكمتهم؟.
وأجاب: هناك سوابق دولية معروفة قدم فيها مجرمو حرب لمحاكمات دولية آخرها محاكمة ميلوسيفتيش وهناك تجربتان مفيدتان لنا في هذا الأطار هما محكمة مجرمي الحرب في يوغوسلافيا ورواندا ولكن نقطة الضعف فيهما انهما عقدا بقرار من مجلس الأمن ومن الصعب استصدار قرار مشابه بهدا في ظل السيطرة الأمريكية على مجلس الأمن، كما أن أهم آلية للعدالة الجنائية الدولية التي يمكن محاكمتهم أمامها وهي المحكمة الجنائية الدولية والتي دخلت منذ أيام حيز التنفيذ بعد اكتمال عدد التصديقات اللازمة لها، هذه الآلية نواجه معها مشكلات تصعب من مهمة ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، حيث ان النظام الأساسي لها يقضي بأن محاكماتها لا تنعقد إلا بالنسبة للجرائم التي تحدث بعد دخول نظامها حيز التنفيذ أي أنها لا تحاكم بأثر رجعي رغم ان القانون الدولي يقر بأن جرائم الحرب لاتسقط بالتقادم. وأكد الرشيدي انه على الرغم من كل هذه الصعوبات فإن هناك جهوداً عربية يمكن ان تبذل في هذا الاتجاه منها توحد الجهود العربية لفضح الممارسات والمذابح الإسرائيلية واعلام الرأي العام الغربي بها وإقامة الدعوات في الساحات الدولية القانونية المتاحة لمحاكمة المسئولين عنها واعادة النظر في تشريعاتنا الوطنية بما يسمح بمحاكمتهم وعقد محاكمات شعبية لهؤلاء المجرمين والتنسيق في الجهات الدولية الأخرى المتحمسة لذلك ومنظمات حقوق الإنسان لملاحقتهم قانونياً ولابد أن نعلم أننا لسنا أصفاراً في جميع الأحوال وأن لدينا ما يمكن عمله.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved