ثمة أمور ومسائل في حياتنا تستطيع السيطرة علينا لدرجة التعلق بها وعدم الفكاك منها وتكاد تفرض نفسها علينا في كل شؤونا، فمثلاً الملف العلاقي الذي يصاحبك منذ بل قبل ولادتك لأنه سبقك للحضور بل سبق والدتك للمستشفى فأوراقك قد ضمت بين دفتيه قبل أن ترى عينيك نور أضواء غرفة الولادة هذا إن كنت من المحظوظين ووجدوا لأمك سريراً وإلا فإن عينيك ستشاهدان أنوار لمبة في غرفة في منزل جدك أو من يقوم مقامه وهذا بالتأكيد سيتطلع لساعته كل دقيقة ليس لأنه مبتهج بولادتك بل ليسارع لإطفاء اللمبة ربما لاهتمامه بالفاتورة أكثر منكََ وبصحة امك.. ولن تنجو من عقدة الملف العلاقي فأمامك تسجيل في روضة الأطفال وهذه تحتاج ملفاً علاقياً مميزاً عليه صورة الأحباب أرنوب وبطبوط وبقية (الخمة) التي ستجعل سعره يفوق قيمة مهادك ولحافك وتنتقل الى ملف علاقي عندما يتم تسجيلك في الابتدائية وبصحبة ملف آخر (نعم علاقي) للوحدة الصحية رغم أنك قد لا تزورها غير يوم الكشف عليك وكشف ما بين فخذيك لزوم التأكد من الختان ثم ينام هذا العلاقي عندهم قرير العين فربما لا يكشف أبداً ، وتلازمك العلاقيات في المرحلة الدراسية المتوسطة وما بعدها ويدون فيها كل شيء عنك عمرك وأمراضك وطولك ولونك وهواتف أهلك وأقاربك وربما الجيران ولكنك لن تستفيد من هذا العلاقي لأنك حينما تتوعك صحياً يوماً من الايام وتغيب عن المدرسة فسيطلب منك المدير أو نائبه إحضار ولي أمرك نعم احضار دون لباقة لمعرفة الأسباب رغم أن رقم الهاتف متوفر في الملف وحينما يحضر ولي أمرك ويؤكد لهم أنك كالعادة تغيب بسبب الربو أو حساسية الصدر يطلبون تقريراً طبياً رغم أن تاريخ المرض مدون وموثق بملفك العلاقي ثم تمضي يومك ومعك ابنك المريض بين مشاوير يزداد فيها مرض الطفل ويعاقبك رئيسك بالعمل على التأخر أو الغياب وتدخل في ملفات علاقية متداخلة تنضح بالروتين والتخلف الإداري المقيت مما يجعلك تدعو بأعلى صوتك على من اخترع الملف وعلاقته، فكيف يكون هذا الملف عقدة وعائقاً في كثير من امورنا المعاملاتية اليومية وتزيد العقدة وكرهنا له حينما نراجع مصلحة حكومية تقبض وتحصِّل منا رسوماً على خدماتها بالمئات مثل المرور والجوازات وغيرها كثير ثم تطلب بل تشترط أن تكون أوراقنا في ملف علاقي فلماذا لا تختصر المسألة وتوفره من أرباح الرسوم المدفوعة مقدماً قبل تقديم الخدمة ثم إنها لو اشترت ملفات علاقية بالجملة فلن يكلفها الواحد إلا مبلغاً بخساً وتستطيع أن تحسبه علينا بسعر مضاعف وسنقبل بالغبن لقاء الانعتاق من عقدة الملف العلاقي.
|