Thursday 18th April,200210794العددالخميس 5 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

العرب أين هم منه؟ العرب أين هم منه؟
العالم بحاجة إلى بناء فكر إنساني متقدم

سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
دخل العالم القرن الحادي والعشرين وكله آمال وتطلعات للتغلب على القضايا والصعوبات والمشكلات المتراكمة على مر القرون السابقة وتلك التي استجدت في القرون الاخيرة خاصة «القرن العشرين» والتي من ابرزها الحروب وما نتج عنها من دمار، والصراعات السياسية والعرقية والعقائدية، والازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية «صحية وتعليمية وغذائية» من جانب، وللوصول الى معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي وتحقيق حياة كريمة للمجتمعات الحديثة، وتحقيق الامن والسلام والاستقرار السياسي والاجتماعي من جانب آخر. لذلك تأتي الخدمات التعليمية وتكنولوجيا المعلومات في مقدمة اهتمامات الدول الحديثة بشكل عام وبدون استثناء سواء في المجتمعات المتقدمة او النامية، لما يعتقد لذلك من اهمية في بناء الانسان وتطويره فقد اثبتت الدراسات والابحاث على مدار الخمسين سنة الماضية بأن الاستثمار في رأس المال البشري وبشكل خاص التعليم يعد المرتكز الاساسي لتطوير قدرات ومهارات افراد المجتمع الذين هم المصدر الرئيس للعمالة المنتجة التي تساهم في الانشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة، والتي كان لها ولا يزال الدور والاثر الفاعل في نقل المجتمعات الغربية والشرقية اليابان والنمور الآسيوية فيما بعد من مراحل التخلف والفقر والمرض الى المراحل المتقدمة سواء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية او الثقافية والفكرية والتكنولوجية والادارية، او في التطور الهائل في وسائل الاتصالات والمعلومات والمجالات الاخرى الحيوية التي اثرت في الفكر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للامم المختلفة سواء تلك التي تعد الموطن الاصلي للتقنية والعلوم والتي لها الفضل في النقلة الهائلة للمجتمع البشري. او تلك التي تقوم بنقلها الى مجتمعاتها بهدف تطويرها وتحسين مستوياتها المعيشية من ناحية «وفي المرحلة الاولية» ثم العمل على توطين تلك التقنية المتقدمة قدر الامكان وعلى مراحل متتالية في المستقبل كما انه يعد مصدراً من مصادر الارتقاء بالفكر والوعي الاجتماعي والثقافي والسلوك الانساني. فهل سيستطيع العالم ومن خلال التجمعات الدولية والاقليمية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة وفروعها المختلفة وخاصة بعد التغيرات الحديثة والتي تأتي على رأسها نظرية العولمة بمنظماتها ومجالاتها المختلفة، والثورات Revolutions التي تحققت في مجال الاتصالات والمعلومات والهندسة الوراثية والجينات وغيرها من فتح صفحة جديدة وتحقيق هذه التطلعات والآمال ام ان النزاعات والمصالح وغيرها ستستمر في القيادة والتحكم وتتغلب على النظريات «المثالية» التي تدعو الى الحرية والسلام والعدالة و... و... و... وهل ستستطيع الدول النامية من جانبها تحسين مستوياتها المعيشية ومحاولة التخفيف من التبعية الاقتصادية والسياسية للدول المتقدمة تمهيدا للانعتاق منها مستقبلا وهل ستجاري تلك الدول في مجالات الانتاج والتصدير، وهل ستستطيع ردم الفجوة التي تفصلها عن دول العالم المتقدم او على الاقل تقليصها؟ ومن ناحية اخرى هل ستستطيع حل مشاكلها الداخلية والوصول الى حلول سلمية للنزاعات والصراعات العرقية والسياسية ام ان الامور ستتفاقم وتتطور بشكل سلبي وماذا عن الوطن العربي الكبير جغرافيا والكبير بثرواته وموارده الصغير بمنجزاته كيف استعد لهذا القرن «قرن التحدي الكبير» وكيف سيواجهه؟ والذي يلوح في الافق بالنسبة للوطن العربي انه لن يتغير كثيرا في فترة العقود القليلة القادمة طالما انه لم تحدث تغيرات جذرية في بعض المجالات الحيوية التي تخدم مصالح ابناء هذه الامة، فالوحدة العربية او الاقليمية والتكتلات الاقتصادية والسياسية والمنظمات الاقليمية تسير بحذر وببطء شديد جدا، والانظمة التعليمية والمراكز البحثية والمعلوماتية لا تزال عاجزة عن تحقيق اهداف وحاجات ابناء هذا الوطن خاصة ما يتعلق بالمجال التقني والبحثي المتطور، والقطاع الصناعي لا يزال يحبو في الوطن العربي، ويبدو ان الزمن عامل حاكم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنمو الاقتصادي مهما سرعته او حاولت تسريعه الدول العربية، اضافة الى ان درجة الوعي الاجتماعي والثقافي والفكري بين السواد الاعظم من ابناء الوطن العربي لا تزال قاصرة في نواح عدة، ويعود ذلك بالدرجة الاولى الى قصور الانظمة التربوية والتعليمية واعتمادها على الجوانب النظرية والتلقين والحفظ والسرد وتجنب التفكير والتحليل والملاحظة والبحث، كما ان للقضية الفلسطينية تأثيراً كبيراً في هذا الشأن فهي لا تزال كابوسا ثقيلا على صدور العرب وليس من السهل ازاحته بل اصبح من المستحيل، تحديات كثيرة لا تقابلها عزائم قوية، اختلال في المعادلة. أما الآن وبعد احداث نيويورك وواشنطن الاخيرة وما تبعها في افغانستان .. فانه في «رأيي» قد عاد العالم الى الوراء سنوات كثيرة، وبذلك فهو بحاجة ماسة الى بناء فكر انساني متقدم مبني على العدالة والمساواة بين الافراد والشعوب واحترام حقوق الشعوب وبعيدا كل البعد عن التمييز والعنصرية بكافة اشكالها وانواعها، بحاجة الى بناء فكر انساني بعيدا عن كل ما يسيء الى بني الانسان لاي سبب كان في كافة انحاء المعمورة، فكر انساني يبحث عن السلم والامن والاستقرار قبل ان يبحث عن اي شيء آخر فهل يعجز العقل البشري الذي ابتكر اعقد وأدق الأجهزة وطوعها لاستخدامه اليومي، وصعد الفضاء وغاص قيعان المحيطات، بل وغاص في النفس البشرية واسرارها، أيعجز عن حل المشكلات التي تنتج عن الصراع البشري؟ لا اعتقد ولكن هناك اموراً كثيرة قدر لها ان تبقى وتستمر كمشكلة او قضية عالمية او اقليمية كما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية. لماذا؟ هذا ما ستكشفه سنوات القرن الجديد.
والله من وراء القصد،،

عبد الله المالكي
* المساحة الإجمالية للوطن العربي 2.14 مليون كم2، وعدد السكان 1.279 مليون نسمة منهم 92 مليون عامل، كما بلغ الناتج المحلي الإجمالي GDP بالأسعار الجارية 709 مليارات دولار في عام 2000م.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved