عزيزتي الجزيرة
عند اطلاعي على احدى الصحف وبين ثنايا صفحاتها قرأت عنواناً مفاده انطلاق حملة توعوية وعملية اطلقتها أمانة محافظة جدة وتهدف هذه الحملة إلى ازالة الكتابة الجائرة التي تقتل جمال الجدران والتوعية في ذلك.. وجدتني وأنا أتابع هذا الخبر اتساءل لماذا وصل بنا الحال إلى هذه المرحلة الخطرة من انعدام الأدب عند بعض من تخنقهم المراهقة؟ هذه المرحلة الصعبة التي جنينا ومازلنا نجني الكثير من تداعياتها. لماذا؟ صارت الكتابة السلبية والمشوهة لجمالياتنا ظاهرة مزعجة إلى متى نبقى مكتوفي الأيدي ازاء هذا الوضع المحزن.. من؟ لماذا؟ متى؟ استفهامات موجهة إلى الجميع بخصوص تلك الشرذمة التي تتخذ من الجدران بنوعيها الممتدة والظاهرة للمارة «الأسوار» وتلك التي تتوازى مع بعضها وتتقاطع مشكلة ملاحقة صغيرة «حمامات» دورات مياه والأخيرة هي الأكثر تعرضاً للضرر لطبيعتها الاستقلالية ولبعدها النسبي الذي يدع المجال والمجال كاملاً لتلك الأيدي العابثة والمراهقة لتشويهها بكلمات وعبارات تفرزها عقليات أشبه بالبهيمية. مهما شجبنا ومهما توعدنا فإننا نبقى مقصرين تجاه ما يحدث لا أقول يومياً فحسب بل لا أشك أنه يحدث بين دقائق الساعات.
مَنْ الذي يكتب مَنْ الذي يشوه؟ لا نعلم.. الكل لا يعلم ولكننا نعلم بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأيدي العابثة تمر بمراحل خطيرة من المراهقة يدعم ذلك التربية المستمدة من اللاتربية.
لماذا يكتبون؟ لماذا يشوهون؟ لا نعلم! كلمات كثيرة وعبارات أكثر تدعو للغثيان لوجودها في هذه الأماكن أولاً ولمنطلقها اللا أخلاقي ثانياً: قواميس تكاد تنفجر قبحاً فحواها أحرف نتنة تنم عن عقليات سطحية متورمة تورماً لفظياً خطيراً.. كل زاوية تفصح عن ميلاد أقلام لم تنل حظاً ولو غير وافر من التربية. تشيد تلك المرافق الملحقة ببيوت الله لخدمة المصلين والمسلمين بوجه عام ثم لا يمضي على تشييدها سوى بضعة أيام إلا وهي تعج بكم هائل من هذا السخف اللامسؤول متى تمارس هذه الأيدي عبثها في أي الأوقات صباحاً أم مساءً لا نعلم لكننا نعلم أنها أيدٍ لا مبالية تمدها من هذا المخزون الرديء عقليات فارغة إلا من البذاءة.
نعلم أن هناك أطفالاً وشباباً هم في سن المراهقة ورجالاً يستنكرون هذه الوحشية المميتة لكل ما هو جميل هذه الوحشية الصامتة التي تزعجنا وتبعث الأسى في قلوبنا نعلم أنه يوجد أناس قد مروا بمراحل المراهقة وتجاوزوها بسلام حصلوا على تربية جيدة وبالتالي لم يحدث منهم مثل هذا التصرف غير الحضاري، أعزائي لا يكفي أن لا نمارس هذا الخطأ ونقول لا ذنب لنا بل يجب الوقوف حيال هذا النشاط اللامحمود الذي كتبت به هذه المهانة، بنشاط أكبر منه يجب علينا الضرب بيد من حديد على هذه العناصر التي ترعب هذه الأسوار الاسمنتية البيضاء بكلمات ساقطة إلى حد الفحش وبذيئة إلى حد اللاحياء، لا أقول يجب حراسة هذه المرافق ومراقبتها وما إلى ذلك مما يتطلب جهوداً عملاقة بل أقول: إنه يجب الوقوف بجدية حيال هذا الذي يحدث أمام أعين الجميع وبشكل فاضح ومستشر ويجب عمل ما في الوسع للالتفاف حول هذا الكابوس المزعج واحتوائه وتخليص مرافقنا منه إلى الأبد..
أخيراً ثمة بعض المقترحات التي أذكرها اجتهاداً مني كغيور من ملايين الغيورين الذين يزعجهم ما لا يتوافق مع معتقداتهم وثوابتهم وأخلاقياتهم التي تربوا عليها ومن هذه المقترحات:
1 يجب ألا يقتصر دورنا على الشجب أحياناً وعلى السكوت أحيناً لدرء ما يشوه جمالياتنا لدرء هذا التخلف وهذا الاتجاه المعاكس للحضارة والمنافي للآداب.
2 قد تستكثرون ما ورد في المقترح رقم «1» وتقولون هذا شيء بديهي ومطلوب في كل الأمور ولكن أقول أني أوردته هنا لما رأيت هذا الصمت المطبق من الكثيرين تجاه هذا الأمر.
3 لا تكفي التوعية وحدها في هذا الأمر بل علينا القيام بما يجب علينا كمواطنين والقيام بعمل ما بوسعنا وتقديم ما نستطيع تقديمه مادياً ومعنوياً واصلاح ما شوهته الأيدي العابثة اصلاحاً عملياً ولتبدأ كل هجرة بمرافقها وكل حي في المدينة بمرافقه.. فإن الدولة وفقها الله لم تبخل على بيوت الله وملحقاتها بشيء ولن تبخل وأنتم يا رعاكم الله يا من يهمكم جمال وطنكم وتقدمه قومواً قومة رجل واحد ابذلوا ما في وسعكم معنوياً ومادياً، معنوياً بتربية أولادكم على الأخلاق الفاضلة ومراقبتهم، ومادياً ليبذل كل واحد منا ما تجود به نفسه ولنصلح هذا التشوه عملياً كلٍ حسب مقدرته.
4 لا أقول من المستحسن اغلاق دورات المياه العامة والملحقة بالمساجد ليلاً لانعدام المصلحة المرجوة أو لقلتها بل يجب اغلاقها من قبل المشرفين على هذه المرافق والاكتفاء بدورة مياه واحدة تصمم خصيصاً لهذا الغرض وهذا غير مستحيل وقد وجدنا من يطبق ذلك في بعض المساجد.
5 يجب على كل واحد منا أن يكون على قدر المسؤولية بحيث إذا شاهد مثل هذه الأمور أن لا يلزم الصمت بل أن يعمل ويتصرف ايجابياً حيال هذا الذي يحدث.
هذا ما أردت قوله عن هذه الظاهرة السلبية التي تدمر الجمال وتحيله إلى قبح قاتل للذوق ولكل ما هو فطري.. وشكراً لكم على اتاحة هذه الفرصة والسلام عليكم.
سليمان راشد الغفيلي - القصيم الأسياح |