* جدة صلاح مخارش:
ألقى معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ د. صالح بن عبدالله الحميد أمس محاضرة قيمة بعنوان «ضعف الوازع الديني وأثره في انتشار الجريمة».
وقد نظم المحاضرة مركز البحوث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وعقدت بقاعة الندوات بالكلية وقد اشتملت المحاضرة على عدة محاور مهمة واستعرضها ابن حميد، حيث استهل محاضرته قائلاً: نلاحظ أنه قد زادت ظاهرة الجرائم والانحرافات السلوكية وخاصة لدى الشباب والفتيات عما كانت عليه في العصور السابقة وتشكل عامل قلق لدى المسؤولين والمفكرين والباحثين وهناك تساؤل.. لماذا يتسع ذلك؟
وتذهب أبحاث علماء الاجتماع والنفس والباحثين الاجتماعيين والمفكرين لتحدد العوامل المتعددة وراء هذه الظاهرة. ويحاولون تشخيص العلة ومعرفة أسبابها ويحاولون التضييق من هذه الظاهرة. وقد اشتملت المحاضرةعلى عدة عناصر وهي:
التدين وأثره في السلوك، ومصدر الدين حيث قال الشيخ ابن حميد: تحاول بعض البحوث والنظريات الفلسفية البحث في أصل الدين وكيف عرف الإنسان الدين والتدين ومثلها بعدد من النقاط وهي أن الإنسان مصدر الدين، وأن الإنسان له إيحاءات روحية، وتعلق الإنسان بالغيبيات والروح الغائبة.
إلى جانب عوامل نفسية يتوصل الإنسان إلى أن هناك قوة عليه مسيطرة، ونظريات أخلاقية عقلانية من حيث أن المرء يتطلع إلى تحقيق الخير المطلق.
إضافة إلى أن الإنسان لا يعرف الدين إلا عن طريق الوحي أما معرفة الله فسبيلها بما وضع الله بالإنسان من عقل ليستدل بالآيات على وجود الله وربوبيته وما جاء به المرسلون بالحق وإفراده بالعبودية ونحن المسلمين مصدرنا في ذلك الكتاب والسنة كلها وحي من عند الله ولا يمكن أن تطبق أساليب الملاحظة ولا طرق التدريب ولا الوثائق التاريخية التي لا يمكن الاعتماد عليها لذى يبقى الإنسان خالياً من الحقائق التي يمكنها أن يستغني بها عن الوحي والكتاب والسنة.
وذكر ابن حميد بعض المسلمات منها الفطرة: وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها.. وإن الإنسان منذ بدء الخليقة عرف الله بالفطرة وليس لأحد بأحد أن يبدل ذلك كما في الآية الكريمة {فّأّقٌمً وّجًهّكّ لٌلدٌَينٌ حّنٌيفْا فٌطًرّتّ پلَّهٌ پَّتٌي فّطّرّ پنَّاسّ عّلّيًهّا لا تّبًدٌيلّ لٌخّلًقٌ پلَّهٌ ذّلٌكّ پدٌَينٍ پًقّيٌَمٍ}، في هذه الآية الكريمة هناك ربط جميل ودقيق بين فطرة النفس البشرية وطبيعة الدين الحق وكلاهما من عند الله.
فالله هو الذي خلق النفس وفطرتها وهو الذي شرع للناس الدين الحق، والاستدلال على الدين والألوهية بالآيات المبثوثة في الأنفس والآفاق، وهذه الآيات المبثوثة في الكون على عظمها وكبرها يسيرة وسهلة التناول للمتدبر وتفاوت الناس في قدراتهم على الاستدلال ومدى قوة التركيز والاستنباط.
وعرج ابن حميد في محاضرته مؤكدا أنه متى التزم الفرد بالدين ظهر ذلك في سلوكه وباطنه ويعتمد ذلك على نوعية النفس البشرية فللنفس ثلاثة أنواع كما جاء في القرآن الكريم والنفس المطمئنة وهذه طمأنينة علم وطمأنينة إرادة وعمل مع ما يظهر من طمأنينة الإنابة والرضا والسكون فتسري تلك الطمأنينة في نفسه وقلبه وأعضائه وقواه الظاهرة والباطنة ويلين قلبه وجلده.
والنفس اللوامة ولوامة لها معنيان:
إما ترجع إلى اسم المفعول وتكون ملومة وهنا تكون ملومة من قبل الله عز وجل وملائكته في الحساب وإما ترجع إلى اسم الفاعل وتكون لائمة أي تلوم صاحبها على التقصير.
والنفس الأمارة بالسوء:
وهي التي تأمر صاحبها بالسوء ولا تصل إلى درجة الكفر ولكنها تترك صاحبها في مستوى متدنٍ من التدين كما تطرق إلى أهمية الأخلاق الذاتية مؤكدا أن الأخلاق ذات أثر كبير في تدين الفرد فالإنسان صاحب الأخلاق العالية من الصدق والصبر والحلم وكرم النفس وما شابه ذلك تجده في الغالب أقرب إلى الإيمان بالله والتصديق بمسائل الدين وقبولها والارتياح لها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، والخوف من الأخلاقيات.. ونذكر من الصفات الأخلاقية الأخرى والوفاء الأمانة الإخلاص..
مضيفاً ومن الأمور المهمة في هذا الباب حديثان شريفان للرسول عليه الصلاة والسلام: الأول:
قوله صلى الله عليه وسلم «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».
مشيرا إلى انه لا يجدر بإنسان أن يتردد في أداء أي عمل خلقي مهما كان صغيراً وفي هذا دلالة على بيان حاجة المرء لأي خصلة من الخصال الإيمانية لأن لكل خصلة أثر عظيم في زيادة الإيمان والتدين وأن تحقير خصال المعروف مهما كانت صغيرة تنفي وصف التعبد وتذهب معنى التدين ونخلص من هذا أن خصال المعروف ليس منها شيء حقير ولا يستغنى عن أي خصلة منها.
وذكر ابن حميد العوامل المؤثرة في سلوك التدين وهي الأسرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبواه يهودانه أو ينصرانه».
والرفاق: {وّقّيَّضًنّا لّهٍمً قٍرّنّاءّ}.
والتربية والتعليم:{إنَّمّا يّخًشّى پلَّهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ پًعٍلّمّاءٍ} وغيرها.
وتطرق ابن حميد إلى وجود عدد منها وهي:
الشعور بقسوة القلب، وعدم الحرص على إحسان العبادة، وإيثار الدنيا على الآخرة، والتكاسل وعدم الرغبة في نوافل العبادات وأعمال العبادة، وعدم الغيرة والغضب إذا انتهكت حرمات الله وغيرها.
وأوضح أن علاج ضعف الوازع الديني يكون في تدبر القرآن الكريم وهو معجزة الله سبحانه وتعالى الباقية ليوم القيامة فالقرآن كتاب هداية وشامل لكل العلوم.
واستشعار عظمة الله عز وجل ومعرفة أسمائه وصفاته والتدبر فيها.
ولزوم حلق الذكر فيجب على الإنسان أن لا يبتعد عن حلق الذكر.
وتذكر منازل الآخرة ومناجاة الله والإنكسار بين يديه.
|