مشاهدات من أمريكا - يكتبها جاسر الجاسر
يوم وجهت لنا الدعوة للولايات المتحدة الأمريكية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية للوقوف على طبيعة تعامل الأمريكيين مع العرب والمسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قدمت لنا استمارة لاختيار الأماكن التي نرغب في زيارتها والمسؤولين الأمريكيين الذين سنقابلهم وكان من أهم وأول المواقع التي طلبت وبالحاح زيارتها معتقل x (إكس) في جزيرة غوانتانامو ومقابلة المعتقلين في المعسكر ومقابلة السجانين فيه من الضباط الأمريكيين وفعلاًً أرسلت الاستمارة إلى المسؤولين في واشنطن وبعد وصولنا إلى العاصمة الأمريكية وفي أول اجتماع مع بيتركوفاج مدير الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأمريكية وبعد استلامي لبرنامج الزيارة وتأكدي من خلوه من زيارة غوانتانامو استفسرت عن سبب تجاهل هذا الطلب الذي أعتبره أهم ما في الجولة، وقد وجدت مساندة وتأييداً من زملاء الرحلة من الصحفيين الخليجيين الذين أخذوا يلحون علي إضافة زيارة الجزيرة لفقرات البرنامج.
استمع بيتر كوفاج بهدوء لطلباتنا وقال بهدوء إن الوقت لا يسمح بإضافة فقرة جديدة إلى البرنامج خاصة خارج الولايات المحددة سلفاً في برنامج وأعتذر بأنهم لم يبلغونا في سفاراتنا في الخليج عن هذه الرغبة وعندما أظهرت له نسخة مصورة من الاستمارة التي ملأتها في الرياض قال إنه سيبذل قصارى جهده لتنظيم مثل هذه الرحلة وأنه يوجد عقيد في وزارة الدفاع الأمريكية منتدب للعمل معنا في المركز الصحفي في واشنطن للتنسيق بين وزارتي الخارجية والدفاع لتحقيق رغبات الصحفيين الأجأنب وأنه سيعمل منذ اليوم لترتيب الزيارة هذا القول تم في يوم 16/3/2002م اي في اليوم الاول من بدء البرنامج وبقينا على هذا الوعد، وعند زيارتنا لمبنى وزارة الدفاع البنتاغون والتقائنا بالعقيد الذي تحدث عنه بيتر كوفاج، وعدنا العقيد خيراً، وشجعنا لطفه وتعاونه أثناء تجوالنا في مبنى البنتاغون إلا أننا بقينا ننتظر إبلاغنا بموعد الرحلة إلى غوانتانامو حتى حلت المرحلة الاخيرة من برنامج الرحلة حيث كنا في نيويورك وعند الاجتماع الذي يعقد عادة مع المرافقين والمسؤولين عن البرنامج في الولاية التي نزورها أعدنا طرح رغبتنا لزيارة غوانتانامو ونتيجة لإلحاح الزملاء الصحفيين الخليجيين وكنت أكثرهم ازعاجا لمنظمي البرنامج في تنفيذ هذه الرغبة، رتب لقاء عبر الهاتف التلفزيوني مع المسؤولة عن البرنامج السيدة ليزا في واشنطن التي أخبرتنا بأن العقيد ممثل وزارة الدفاع في الإعلام الخارجي الأمريكي أفاد بأنه يمكن ترتيب رحلة إلى غوانتانامو ولكن وفق الترتيبات التالية.
1 الرحلة ستكون على حسابكم، أي تتكفلون بدفع تكاليف السفر إلى بورتوريكو وهي محمية أمريكية تقع على أرضها أكبر قاعدة بحرية في العالم وهناك تمكثون حتى يوم الأربعاء بعد أن ينتهي برنامج الرحلة المقرر يوم السبت 30/3/2002م.
2 تتكفلون بتغطية نفقات إقامتكم في أحد فنادق بورتوريكو من يوم السبت حتى الأربعاء.
3 فجر الأربعاء سيصطحبكم جنود من القوات البحرية إلى (قاعدة روزفلت) حيث ستنقلكم إحدى الطائرات العسكرية، وهي من نوع 23 سي مخصصة لنقل البضائع العسكرية والجنود الذين يعطون إجازات إلى القاعدة العسكرية في غوانتانامو حيث تستقرون في الأماكن المخصصة لراحة الضباط والجنود الملحقة بالقاعدة، وسوف تدفعون ما بين 15 إلى 20 دولاراً عن كل ليلة تقضونها هناك.
4 سيقوم الضباط المسؤولون عن القاعدة باصطحابكم إلى معسكر x (اكس) حيث لن يسمح لكم بالاقتراب من معسكر المعتقلين ويجب أن تكونوا على بعد 600 متر أو أكثر حسب توجيهات الضباط المرافقين، كما لا يحق لكم مقابلة اي معتقل ولا حتى الضباط المسؤولين عن الحراسة وطبعاً يستحيل مقابلة المحققين، بل لا يتاح لكم حتى مقابلة (الشيخ) الذي اختارته القوات الأمريكية من الضباط المسلمين وهو برتبة نقيب من أصل بنجلاديشي، والمضحك أن الأمريكيين عندما أبلغونا بهذه التفاصيل أشاروا إلى هذا (الشيخ) بالقس المسلم.
5 بعد زيارة معسكر x إكس تعودون إلى الأماكن المخصصة للنوم بانتظار عودة الطائرة إلى بورتوريكو يوم الأربعاء أي بعد أسبوع يفرض علينا الإقامة مع جنود البحرية الأمريكية في القاعدة ولا نعرف هل المقصود أن يجعلونا نشعر وعلى الطبيعة فالجزيرة ليست سوى جزء من جرف لجزيرة كوبا تعيش فيها العناكب السامة والعقارب وتعتبر موطناً للسحالي النادرة.
ومعتقل x (إكس) أقيم على عجل من خلال أقفاص حديدية، وغرف خشبية جاهزة الصنع للتحقيق وإقامة الضباط وحراس المعتقل في جزء من القاعدة العسكرية في مدينة غوانتانامو التي تشير تقديرات عام 1994 بأن عدد سكأنها 200 الف نسمة، والقاعدة العسكرية الأمريكية أقامتها البحرية الأمريكية على ساحل المدينة وفي مكان بعيد عن المدينة وتعد القاعدة من أهم القواعد البحرية الأمريكية وغالباً ما تسمى ب (بيرل هاربر الكاريبي) والمدينة تقع جنوب شرق كوبا على نهر غوامسو وتعتبر مركز حصاد لقصب السكر والقهوة، وتتصل بطريق بري وسكة حديد مع مدينة سانتياغو دي كوبا، وقد أنشئت في بدايات القرن التاسع عشر على أيدي العبيد الذين هربوا من المستعمرين الفرنسيين في هايتي أثناء أندلاع ثورتهم آنذاك والمدينة تحمل الكثير من السمات المعمارية الفرنسية وتقع المدينة على بعد ثلاثين كيلومتراً من ميناء كايمانيرا، ولا علاقة للمدينة الكوبية بقاعدة البحرية الأمريكية التي تشتمل على منشآت بحرية مقامة على مساحة 116 كم متر مربع وقد استأجرت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الموقع عام 1903م باتفاقية وتم تجديدها عام 1934م، ومن شروط الاتفاقية وجوب موافقة الحكومتين الأمريكية والكوبية على فسخ الاتفاقية وإنهاء الإيجار، وتحاول حكومة كوبا منذ تسلُّم الشيوعيين برئاسة فيديل كاسترو فسخ العقد وإغلاق القاعدة ولذلك ومنذ عام 1960م ترفض كوبا تسلم الايجار المحدد ب 5000 دولار ومنذ ذلك الوقت وهي تحاول الضغط على الولايات المتحدة للرحيل عن القاعدة وإعادتها إلى كوبا، وفي منتصف التسعينات تم إيواء الآلاف من اللاجئين من كوبا وهايتي بشكل مؤقت، واليوم تحتضن هذه القاعدة أكثر من 300 أسير من مقاتلي تنظيم القاعدة وجنود طالبان حيث يقيمون في أقفاص حديدية تشكل 320 زنزانة حديدية طول كل منها متران وعرضها متر وثمانية اعشار جوانبها من الشبك الحديدية بحيث ترى السجين داخلها، وحسب التسميات يطلق عليها العسكريون السُجان اسم (الوحدات).
أما كل من يزور المعسكر عن بعد فيسميها (أقفاص الحيوانات) وسكان الأقفاص 300 أسير أكثرهم من الافغان والسعوديين والشيشانيين وبعض الكويتيين واليمنيين والمصريين وجنسيات أخرى منها البريطانية والفرنسية والكندية، ويسمح للأسير أن يخرج لدورة المياه بحد أقصى ثلاث مرات، ودورة المياه بلا باب بحيث يشاهد الاسير الذي يذهب لقضاء الحاجة وهو مكبل اليدين ومصفد القدمين وخصره مربوط بسلسلة حديدية ولابد من أن يرافقه على الأقل حارسان وهو ما يتناقض مع أبسط حقوق المساجين في أمريكا أو في أي بلد آخر فالأغلال الحديدية تشكل عبئاً كبيراً على الأسير حيث كثيراً ما يقع الأسير وهو يسحب الأغلال فيضطر الحراس إلى حملها على نقالات خاصة تذكر من يراها بتلك العربات التي تستعملها شركات خطوط السكك الحديدية لنقل قضبان السكك المعطوبة، ويرتدي الأسرى أثواباً خيطت القمصان مع السراويل معاً وهو ما يسمى عسكريا ب (البلوت) من الخيش الوليستر الذي يتحول إلى قطعة حارة جداً عند أي ارتفاع لدرجات الحرارة ولا اعرف كيف سيكون حال هؤلاء الأسرى في الصيف القادم خاصة إذا علمنا أن قاعدة غوانتانامو تقع على خط الاستواء أما طعامهم فهو ما يكفي لإبقائهم على قيد الحياة وتحمل ساعات التحقيق الطويلة التي تصل في أحيان كثيرة إلى عشر جلسات في الغرف الخشبية التي يقيم فيها المحققون والمخفون عن الأنظار حيث لا تستطيع حتى عدسات الكاميرات المقربة التقاط صور لهم لأنهم لا يخرجون أبدا.
ويؤدي الأسرى الصلوات الخمس في الأقفاص الحديدية، بعد أن يسمعوا الأذان الذي يرفعه من (ميكروفون) يسمع صوته في أرجاء معسكر x (إكس) ويقوم برفع الأذان النقيب سيف الإسلام أبو الهنا البنجلاديشي الأمريكي.
وتمتلىء الصحف الأمريكية بالعديد من القصص المأساوية عن هؤلاء الأسرى فترى صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الأسرى يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية في جوانتانامو وقال أحد المسؤولين الأمريكيين ان الوضع هناك يتحول بسرعة من سيىء إلى أسوأ أضف إلى ذلك أن بعض السجناء لا يعلمون أين هم بالضبط ولا يعلمون أيضاً ما سيكون مصيرهم وبعضهم يتوقع المحاكمة أو التعذيب وحتى الإعدام والبعض الآخر يظن أنه سيذهب إلى اهله قريباً جداً كل هذه المشاعر تسبب بها الغموض الأمريكي تجاه أولئك السجناء الذين ضاقوا ذرعاً بالطريقة التي يعاملون بها فقاموا بتنظيم إضراب عام عن الطعام شمل أكثر من 75 سجيناً بعد أن خلعت عمامة أحدهم ثم أنهوا الإضراب بعد أن منع الحراس من التعرض لهم في الصلاة وسواء أكلوا ام لا فلا أحد في واشنطن يعلم ما هو مصير السجناء وما إذا كانوا سيحاكمون أو سيطلق سراحهم وقال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي إن المحققين قاموا بالفعل باستجواب بعض السجناء لتحديد من منهم سيحاكم ومن سيغادر المعتقل.
ورغم كل تلك الظروف الصعبة التي يعيشها كل المعتقلين في قاعدة جوانتانامو إلا أن الحكومة الأمريكية تنوي زيادة عدد السجون لاستقبال المزيد من الأسرى حيث بدأت أعمال الأنشاء بالفعل قبل فترة وستستمر لأشهر بعدها سيكون المعتقل مهيأ لاستقبال أكثر من 400 سجين وكما جاء في تصريح لقائد العمليات في جوانتانامو فإن المشروع لا يشمل بناء محاكم بل يقتصر على الغرف الضيقة المحاطة بشبك حديدي.
هذه المشاريع والمخططات الجديدة حولت مساحة 45 هكتاراً إلى سجن مبتكر وتم استقبال أول دفعة من السجناء في 11 يناير وكان عددهم 20 شخصاً والسجن نفسه يقع في طرف القاعدة الأمريكية وهو محاط بالأسلاك الشائكة والتلال الوعرة بالإضافة إلى 8 أبراج للحراسة وسيكون المشروع الجديد على الساحل لترفيه السجناء كما يقول المسؤولون حيث سيتمكنون من رؤية المحيط في اي وقت.
والمطلوب من كل السجناء هناك هو خضوعهم للتحقيق فقط وغالباً ما يتم نقل بعضهم إلى غرف التحقيق بينما ينتظر الآخرون دورهم وهناك يحاول المحققون بذل كل مايمكن لمعرفة الحقيقة خلف كل معتقل ومدى علاقته بما حصل من أحداث سواء تلك المتعلقة بالهجمات على أمريكا او مساندة قوات طالبان في افغانستان وما إذا كانوا يعرفون شيئا عن مخططات قادمة تستهدف أمريكا.
هي مهمة صعبة بكل تأكيد فالكثير من المعتقلين قدم اسماً مختلفا في كل مرة يتم فيها التحقيق معه وغالباً ما تكون المعلومات المستخرجة منهم عديمة الفائدة والمحققون يعلمون أن هؤلاء السجناء لم يخبروهم بالحقيقة ولا يرغبون في فعل ذلك أصلاً.
أولئك السجناء يقضون يومهم وهم لا يعرفون ما هو مصيرهم في الغد والكثير منهم أبدى تخوفه من التعذيب او الإعدام لكنهم يشغلون أنفسهم بقراءة القرآن وأداء الصلوات الخمس وتبادل الأحاديث بعضهم مع بعض عبر الشبك الحديدي الذي يفصل كل سجين عن الآخر.
ورغم أن واشنطن تصفهم بأنهم من شرار الناس إلا أن حراسهم لم يجدوا شيئاً يثبت ذلك فهم هادئون ومسالمون ولم يسبق لأي منهم أن اشتبك مع أحد الحراس أو قاومهم والحادثة الوحيدة المسجلة ضدهم هي أن احد المعتقلين قذف أحد الحراس بقارورة شامبو صغيرة وآخر عض يد أحد الحراس وهو بالتأكيد أمر غير مؤذ ولا يدل أن أولئك الأشخاص اشرار بقدر ما هم خائفون ومرتبكون.
وبعد سؤال أحد حراسهم كانت إجابته كالتالي:
عندما أشاهد ما قام به هؤلاء الارهابيون أعرف أنهم يشكلون خطراً على بلادي هم أشخاص أشرار بالفعل لكنهم في النهاية بشر مثلنا.
أكثر من 35 سجيناً خضعوا لعمليات جراحية بسبب اصابتهم في الحرب الأمريكية الأفغانية وكثير منهم يحتاج إلى مراقبة صحية متواصلة واذا اشتكى أي منهم من أي شيء فيتم علاجه فوراً ودون تأخير مما يدل على أن هؤلاء الأشخاص يشكلون أهمية للحكومة الأمريكية وهي لا تنوي التخلص منهم قريباً.
وقد كشفت المعاينة الطبية التي أجريت للأسرى أن اثنين منهم نقلا معهما من أفغانستان مرضاً لم يعد شائعاً لدى معظم الأمريكيين، ألا وهو التدرن الرئوي أو السل.
غير أن الرجلين كانا بحاجة إلى رعاية طبية أشمل بكثير من مجرد معالجة من السل. فأحدهما كان مصاباً بخراج يضغط على حبله الشوكي مما يجعله يفقد أداء القسم الأسفل من ظهره فضلا عن رجليه، اما الثاني فكان مصابا بالتهاب خطير في رئته، وكان يعاني من الملاريا، وذات الرئة، فضلاً عن إصابته بضربة صقيع، وجراح أصيب بها وهو يقاتل في أفغانستان.
ورغم اختفائه من بلدان مثل الولايات المتحدة، فإن السل ما زال مرضا معدياً جداً في العديد من البلدان، ومنها أفغانستان، وهو يصيب الرئتين، ويقتل حوالي مليوني شخص حول العالم كل عام، وقال أخصائي طبي في غوانتامو ان امراضاً مثل السل تعتبر مستوطنة في أماكن أمثال قندهار في افغانستان.
وقال الكوماندر دوغلاس والاس، وهو جراح صدر اجرى جراحة رئوية للأسرى إن داء السل يعقد الأمور فقد كان على جميع الاشخاص الذين كانوا يعملون معه الحراس الذين يتولون حراسته، وكل شخص في غرفة الجراحة أن يرتدوا أقنعة واقية من السل، ويجب أن تكون الأقنعة مناسبة لهم حتى لا يشكل خطراً على عمال الرعاية الصحية أو الحراس.
وقد نقل الكوماندر والاس بطريق الجو من مدينة باثاسدا، ماريلاند لإجراء الجراحة الطارئة في الرئة للمعتقل المذكور.
وأوضح الكابتن ألفورد، الضابط المسؤول عن مستشفى فليت رقم 20 في القاعدة البحرية بقوله، (كلما كان لدينا أسرى بحاجة إلى خدمة غير متوفرة هنا في الجزيرة، نحضر تلك الخدمة إلى الجزيرة للعناية بالأفراد الذين يحتاجونها، لقد قلنا للعالم إننا سنهتم بهؤلاء الناس، ونحن نفعل ذلك.
وقال ألفورد إن سياسة إحضار أخصائي إلى الجزيرة هي أقل خطراً على حياة معتقل مريض من محاولة نقله إلى الولايات المتحدة للمعالجة، وأضاف أنه أيضاً من الأسهل نقل طبيب معافى بسرعة إلى مكان مثل هذا من نقل شخص مريض، بصرف النظر عن وضعه إلى مكان آخر.
وتم إحضار اللفتنانت كوماندر أديسون مكدانيال وهو جراح امراض عصبية من مركز بورتسموث الطبي البحري في فرجينيا لإجراء عملية للمعتقل الذي يشكو من خراج في عموده الفقري.
وقد قابل مكدانيال المعتقل قبل الجراحة لكي يناقش معه الإجراء الطبي، وذكر أن مريضه كأن في بادىء الأمر متخوفاً من العملية، إلا أن مكدانيال استطاع عن طريق مترجم أن يطمئنه إلى ضرورة إجرائها.
وقال مكدانيال: «أوضحت له تماماً أن هذه العملية هي لمساعدته وأنه بدون الجراحة سيبقى مشلولاً على الأقل وربما لاقى حتفه قبل مضي وقت طويل وقد بدا أنه فهم ذلك».
وذكر الجراح العسكري أن العملية التي استغرقت ثلاث ساعات خففت الألم الذي سببه الخراج ومكنت المريض من تحريك الجزء الأسفل من جسمه بصورة أفضل.
وقال: إن المريض يشعر الآن أنه أحسن حالا بكثير بوجه عام ويبدو أن صحته تتحسن.
وقد اجتمع مكدونالد مع المعتقل في وقت لاحق وقال إن مريضه أعرب له بعبارات إنجليزية غير سليمة عن ارتياحه وتقديره. وأضاف إنه كان سعيداً جداً لأن الأمور سارت بشكل جيد، وأعرب عن امتنانه ربما مثلما كان سيفعل أي شخص آخر.
ويقيم الرجلان المصابان بداء السل في وحدة عناية خاصة داخل المستشفى الرئيسي في القاعدة، حيث يتعافيان من جراحتيهما وذكر الكابتن ألفورد أن «المعتقلين خرجا من فراشهما وأكلا وهي علامة جيدة جدا في عرفنا».
وقد أبقي معتقلون آخرون مصابون بجراح تتطلب رعاية طبية في مستشفى فليت رقم 20، الذي بني على عجل وزود بموظفين ومعدات طبية خلال أسبوع واحد في كأنون الثاني يناير، ويحتوي المستشفى المؤلف من مجموعة خيم تشبه مستشفى الجيش الجراحي المتنقل، على 20 سريراً، رغم أنه من الممكن توسيعه ليعالج 500 شخص في وقت واحد، والمستشفى مجهز بمختبر يعمل بصورة كاملة، وآلة تصوير أشعة، وصيدلية، وآلات تخدير، ووحدة عناية فائقة وغرفة عمليات.
وقد عالج المستشفى منذ إقامته 17 معتقلاً وأجرى 27 عملية جراحية وحالياً يوجد 14 معتقلاً يتعافون داخل المستشفى العسكري.
وأوضح ألفورد أن جميع المرضى ال 14 جاؤوا إلى المعسكر وهم بحاجة إلى (جراحة تجبيرية في العظام). وكان كثيرون منهم مصابين بجروح من جراء طلقات نارية ومتفجرات أثناء مقاتلتهم قوات التحالف الدولي في أفغانستان، ونظرا إلى أن التئام العظام يستغرق وقتا طويلاً، فقد توقع ألفورد أن يبقى كثير من المعتقلين في المعسكر عدة أسابيع.
ولا يخلو معسكر x من أشياء طريفة رغم الطابع المأسوي لوجود الأسرى المحتجزين فيه، فهؤلاء الأسرى الذين ليس لديهم ما يفعلوه سوى الانتظار.. انتظار المصير الذي ينتظرهم.. وانتظار اصطحابهم لجلسات التحقيق اعتادوا الجلوس ويشغلون أنفسهم بقراءة القرآن الكريم من خلال ما يحفظونه او من مصاحف زودوا بها، واصبحوا متعودين مع محيطهم الجديد ومتعايشين مع الروتين اليومي، بل وبدأ بعضهم يصنع (المقالب) للسجانين ومن أمثلة ذلك التي يصفها الحراس على أنها (عدم انضباط بسيط) استخدام معدات معطاة لهم لهدف آخر مثل تعليق ملاءة فراش تجاه نوافذ الحجرة كي لا يستطيع الحراس مشاهدتهم، أو إحداث فوضى عن طريق المناداة من الحجرة إلى سجين آخر.
وقال الميجور ستيف كوكس، الذي يعمل مع قسم الشؤون العامة في فريق العمل المشترك، إنه سيكون حكماً غير قابل للتطبيق أن تحاول منع جميع أشكال الاتصال، وجميع المحادثات. غير أن الأمر الذي لا نسمح به هو السلوك المسبب للفوضى كأن يحاول أحدهم المناداة على شخص في الجانب الآخر من المعسكر أو على بعد ست وحدات. غير أن التفاعل الأساسي بين المعتقلين في وحدات متجاورة هو أمر مقبول.
وقال ليهنرت، (إنهم يختبرون بالضبط ما سنسمح به وما لن نسمح به).
وقال كاريكو إنه لما كان العقاب الجسدي غير مسموح، فهناك وسيلتان فقط لتأديب المشاغبين في معسكر إكس ري: عزل المشاغب في إحدى الحجرات العشرين التي أبقيت خالية عن عمد، او حرمانهم مؤقتاً من الامتيازات الممنوحة لهم.
ويمكن أن ينطوي فقدان الامتياز على مصادرة بطانية المعتقل وملاءته لمدة ساعتين، أو حرمانه من وجبة طعام، أو عدم منحه فترة الترفيه (الفورة) لمدة 15 دقيقة عندما ينقل إلى ساحة مساحتها 16 متراً طولاً و8 أمتار عرضاً حيث يسمح له بأن يمشي أو يركض خبباً دون أصفاد في كاحليه كما يحدث عندما يكون خارج الحجرة، وشدد مسؤولو فريق العمل المشترك على أن معظم المشاكل الانضباطية بسيطة جداً في طبيعتها، وأنها عادة تكون مجرد عدم امتثال لأوامر يصدرها الحراس.
وقال كاريكو إن المعتقلين يحاولون أحيانا التحدث مع الحراس باللغة الانجليزية.
وأضاف أنهم يطرحون علينا بعض الأسئلة، مثل (ماذا سيحدث لي؟ وماذا يجري؟ إلا أن المحادثات بين الحراس والمعتقلين هي دائماً على مستوى احترافي، والوقت الوحيد الذي ينبغي أن يتحدث فيه حارس إلى معتقل هو لكي يصدر إليه أمراً.
وقال كوكس، إن معظم التفاعل الشخصي بين المعتقلين وأولئك الذين في الخارج لا يتولاه الحراس.
وأضاف: «في أي يوم معين، يكون هناك رجل دين يقوم بجولاته، وأفراد الفريق الطبي يقومون بجولاتهم، وكذلك فريق الصليب الأحمر، وعليه هناك أشخاص منتدبون للقيام بهذه الأنواع من الأشياء، إلا أن هذا ليس ما انتدب الحراس للقيام به، كل شخص له دوره هناك».
ولما كان الحراس لا يتكلمون العربية، او الأردية، أو البشتونية أو سواها من اللغات التي يتكلمها معظم المعتقلين، فقد زودهم فريق العمل المشترك بقائمة من الأسئلة والمصطلحات بعدة لغات مختلفة كي لا يستطيع الحارس أن يصدر أوامر يفهمها المعتقل فحسب، بل وأن يستطيع أيضاً الاستجابة إذا كان المعتقل بحاجة لأن يرافق إلى المرحاض او يحتاج إلى عناية طبية عاجلة.
ولجأ بعض الحراس أيضاً إلى استخدام الإشارات اليدوية. ووصف كوكس هذه التفاعلات بأنها اتصالات على مستواها الأساسي جدا، وقال ان هناك مترجمين في المعسكر يعملون بدوام كامل في حال كان الحديث بحاجة إلى تفصيل أكثر.
ويستمر استجواب المعتقلين بانتظام، بينما تستمر السلطات الأميركية في محاولة تحديد انتمائهم لأي من طالبان او القاعدة، ومدى اشتراكهم في نشاطات إرهابية.
ويقول ليهنرت إن جميع المعتقلين ال 300 أسروا أثناء محاربتهم قوات التحالف في أفغانستان، لكنهم لم يكونوا يرتدون بزات عسكرية، وقال، لم تكن هناك وسيلة لمعرفة ما إذا كانوا من طالبان أو القاعدة.
وقال: «إن غالبية المعتقلين الذين يعرّفون عن أنفسهم على أنهم مع هذه الجهة أو تلك، يقولون على الأرجح إنهم من طالبان لأنهم يشعرون أن ذلك يعطيهم شيئاً من الشرعية. ولا أذكر أن أحداً منهم تقدم وقال أنا عضو في القاعدة، ولكن مع ذلك لدينا أساليبنا باستخدام مصادر أخرى للتثبت مما إذا كان هؤلاء الافراد أعضاء في تنظيم القاعدة الإرهابي أم لا».
ووصف ليهنرت، المعلومات التي يجري جمعها بأنها تشبه تجميع (احجية الصور المقطوعة الكبيرة) وأضاف: «إن معلومات مأخوذة من المعتقلين تبدو في الظاهر على أنها غير مهمة، تجري إضافتها إلى معلومات من مصادر خارج معسكر إكس ري بحيث ان (شبكة القاعدة) يتم حل رموزها بصورة تدريجية».
وقد قسم المعتقلون ال 300 إلى ثلاث مجموعات: أفراد يشتبه بانتمائهم إلى طالبان، وأفراد يشتبه بانتمائهم إلى القاعدة، وأولئك الذين لم يتحدد انتماؤهم بعد. على أن ليهنرت يقول إن عدد الأفراد الذين لم يتحدد انتماؤهم يصغر يوماً بعد يوم.
وبصرف النظر عن الانتماء، فإن الأوامر المعمول بها تقضي بمعاملة جميع المعتقلين المشتبه بهم على أنهم من طالبان أو القاعدة باحترام.
وقال الجندي بيريز، وهو من الحراس العاملين في الداخل، «إننا نعامل كل فرد كمحترفين، كما نود أن نعامل بدورنا».
لكن في نفس الوقت، فإن الحراس حذرون ولا يقللون من شأن الخطر المحتمل الذي يشكله المعتقلون، الذين هدد بعضهم بقتل أميركيين.
هؤلاء المعتقلون او الأسرى غير المعترف بهم والذين وصفهم خبير بتجميل السياسة الأمريكية كرستوفر روس بأنهم (زعران) القاعدة وطالبان وأنهم الأخطر من كل ما اعتقله الأمريكيون وحلفاؤهم الافغان في أفغانستان وباكستان.
***********
سكان الاقفاص الحديدية
1 ينتمي الأسرى المعتقلون في سجن x غوانتانامو إلى 26 جنسية حيث يشكل الأفغان الأكثرية
2- السعوديون أكثرمن 100
3 -30 ثلاثون يمنياً
4 - 25 باكستانياً
5 - 8 جزائريين
6 - 6 كويتيين
7 - 5 بريطانيين
أما الجنسيات الأخرى فمن الشيشان وفرنسا وبلجيكا وأستراليا والسويد.
|