Thursday 18th April,200210794العددالخميس 5 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حتى المختل عقلياً لم يسلم من البطش حتى المختل عقلياً لم يسلم من البطش
مذابح الجيش الإسرائيلي في جنين صورة مكررة للنازية

* جنين خدمة الجزيرة الصحفية:
ربما كانت الممرضة الفلسطينية «لقيا تومي» هي الوحيدة التي كانت تنظر من فتحة المفتاح في الباب عندما اطلق قناص إسرائيلي النار على إحدى جاراتها فقتلها، فقد شاهدت لقيا سيدة فلسطينية عجوزاً وقد أطلق عليها قناص إسرائيلي النار صرخت لقيا ولكنها لم تتحرك، ولكن بعد لحظات شاهدت طفلة فلسطينية في الشارع فلم يكن بوسعها أن تتحمل اكثر من ذلك وتظل ساكنة وهي تعمل أساسا كممرضة مهمتها إسعاف المرضى، فتحت الباب وانطلقت لتنقذ الفتاة، تقول «صرخ الجنود الإسرائيليون عليها لمنعها من الخروج وإنقاذ الطفلة ولكني لم التفت إليهم فلم يكن بوسعي ان انتظر أكثر من هذا، فبعد أكثر من أسبوعين على الاجتياح الإسرائيلي الدموي للمناطق الفلسطينية وهو الأعنف منذ حرب 1967 هناك عدد كبير جدا من الشهادات التي تؤكد أن الانتصار العسكري المزعوم الذي حققه الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين جاء بثمن باهظ من انتهاكات حقوق الإنسان، فقد كان الجنود الإسرائيليون يطلقون النار على المدنيين الفلسطينيين العزل، ومنعوا وصول سيارات الإسعاف إلى المصابين في الشوارع وفقاً لما أدلى به عشرات من شهود العيان بعد رفع الحظر المفروض على المخيم بشكل مؤقت قبل يومين.
يرسم شهود العيان صورة مروعة للقتال الذي شهده المخيم من منزل إلى منزل حيث كان الجنود الإسرائيليون يقتلون المسلحين الفلسطينيين والمدنيين دون تمييز.
كان الجيش الإسرائيلي قد سمح بدخول مجموعة من المراسلين إلى المخيم لأول مرة منذ بدء اجتياحه، شاهد المراسلون جثت أحد الفلسطينيين ممددة في الشارع ومغطاة بالورق كما أن المنازل وغيرها من المباني كانت مدمرة تماما.
يقول الضباط الإسرائيليون انهم حققوا أهدافهم تقريبا من خلال إخلاء المخيم من فصائل المقاومة مشيرين إلى أن نصف منفذي العمليات «الاستشهادية» التي قتلت عشرات الإسرائيليين على مدى ال 18 شهرا الماضية خرجوا من مخيم جنين الذي تأسس عام 1953.
وقال أحد سكان المخيم إن هناك عدداً قليلاً من السكان مازال في المخيم الذي كان يسكنه قبل الاجتياح 13 ألف فلسطيني ولكن بدون مياه ولا تليفونات ويضيف أنهم يعيشون مأساة حقيقية حيث يشمون رائحة الجثث المتحللة.
تزعم المصادر الإسرائيلية أن عدد ضحايا معارك جنين 23 إسرائيلياً و70 فلسطينياً فقط في الوقت الذي يؤكدون فيه أنه قد يتم الكشف عن الكثير من الجثث تحت الأنقاض التي ترتفع إلى 25 قدماً.
يؤكد الفلسطينيون أن ضحايا معركة جنين يتراوح عددهم بين 300 و400 فلسطيني، ومازال الرقم النهائي لعدد الضحايا محل جدل.
وقد رفضت المحكمة العليا في إسرائيل طلباً لأعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب وعدد من منظمات حقوق الإنسان لوقف دفن جثث الضحايا الفلسطينيين بواسطة الجيش الإسرائيلي.
وقالت المحكمة إن الجيش الإسرائيلي ملزم بدفن جثث الفلسطينيين إذا فشلت السلطات الفلسطينية في القيام بذلك رغم توصيتها بمشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عملية الدفن.
وينفي المسؤولون العسكريون في إسرائيل الاتهامات الموجهة لهم بارتكاب مجازر وانتهاكات حقوق الإنسان، وقالوا إن اغلب المنازل التي هدمها الجيش الإسرائيلي في مدخل المخيم كانت خالية من السكان.
يقول يوني ولف أحد الضباط الإسرائيليين المشاركين في الهجوم ان المخيم كان مستعداً للحرب. وقال اننا شاهدنا عددا قليلا جدا من المدنيين، وأضاف ان بعض النسوة كبار السن والأطفال كانوا يحملون السلاح أمام المقاتلين الفلسطينيين، ورغم ذلك فإن شهود العيان المستقلين يؤكدون أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت المدنيين منذ الثالث من إبريل وهو أول يوم للهجوم على مخيم جنين، وأكد الكثير من الفلسطينيين الذين تم الالتقاء بهم أنهم شاهدوا الجنود الإسرائيليين يطلقون النار على المدنيين غير المسلحين ويهدمون المنازل على من فيها ويمنعون سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى وأكد آخرون أن الجنود الإسرائيليين اعتقلوهم وهددوهم بالقتل قبل الإفراج عنهم.
وفي أول ليلة للهجوم على المخيم جرت الممرضة لقيا تومي من العيادة التابعة للأمم المتحدة في المخيم للبحث عن ملجأ في منزل ابن عمها القريب من العيادة، وعندما كانت تنظر من فرجة المفتاح رأت رجلاً يمضي في الشارع ويمسك معدته وقالت انه لم يكن مسلحا وكان يصرخ قائلا اني اريد الطبيب أريد ان أذهب إلى المستشفى ولكنهم أطلقوا عليه الرصاص، لم تكن لقيا هي شاهدة العيان الوحيدة وانما كان هناك أيضا عامل الإسعاف الفلسطيني بهاء عواد البالغ من العمر 20 عاما حيث يصف حادثاً آخر في بداية الاجتياح عندما أمر الجنود الإسرائيليون إحدى الأسر الفلسطينية بالخروج من منزلها بمكبرات الصوت ثم انطلقت الجرافات لهدم المنزل ولم تكن الأسرة قد خرجت بعد من المنزل حيث بدأوا يهربون وهم يصرخون بأنهم تركوا وراءهم ابنهم المختل عقليا داخل المنزل.
وينفي ضباط الجيش الإسرائيلي أنهم قاموا بدفن المدنيين الفلسطينيين أحياء يقول الضابط وولف إنهم لم يهدموا أي منزل به سكان وانما يهدمون المنزل عندما ينطلق الرصاص من المنزل ردا على طلب الاستسلام.
وقد بلغت المعركة ذروتها في وسط المخيم في المنطقة التي تسمى الدماج والحوشين حيث تقول المصادر الفلسطينية والإسرائيلية إن حوالي مائتي مسلح فلسطيني تحصنوا في عدد من المنازل وأصروا على القتال للنهاية حيث لقي 13 جندياً إسرائيلياً مصرعهم في أكبر خسارة للجيش الإسرائيلي في هذه المناطق منذ حرب 1967.
وفي بداية المعارك استخدم الجيش إسرائيلي المروحيات لتغطية هجوم الجرافات والدبابات على المخيم لتطهير الطريق إلى قلب المخيم.
يقول كامل علي البالغ من العمر 48 سنة ان ابنه وأحد أصدقائه ظلا يهربان من منزل إلى منزل حتى أصابهما صاروخ إسرائيلي فاستشهد الاثنان، وقال كامل أن أيا منهما لم يكن مسلحا.
وبعد أيام قليلة وفي الثامن من ابريل حاصر الجنود الإسرائيليون كامل علي ومعه أربعة رجال آخرين حيث تم اعتقالهم.
يقول أحد الفلسطينيين الذي يؤكد انه يتحدث بالعبرية إنه سمع الجنود الإسرائيليين يتناقشون هل يعدمون الرجال داخل متجر أم بالقرب من سيارة وفي هذه اللحظة قام الفلسطينيون بكتابة أسمائهم على حائط قريب منهم إحياء لذكرى قتلهم ولكن بعد ثلاث ساعات قدم الإسرائيليون للرجال قميصاً أبيض وأمروهم بالرحيل عن المخيم كله. يقول محمد حامد البالغ من العمر 52 عاما إن مثل هذه الأفعال تغرس الكراهية في قلوب أطفالنا عندما يشاهدون هذه الانتهاكات.
ويضيف بهاء عواد عامل الإسعاف ان الجنود الإسرائيليين دخلوا عيادته الطبية وضربوا عدداً من الرجال بينهم بهاء نفسه وطالبوهم بالمغادرة وقال الجنود له انك تحمل المتفجرات في سيارة الإسعاف وتعالج الإرهابيين فقط، أما لقيا فقد كانت مازالت في منزل ابن عمها تخشى الخروج.
وفي أحد الأيام كانت هناك سيدة عجوز تقيم مع أسرتها تفتح الباب للذهاب إلى الحمام الموجود خارج المسكن للوضوء للصلاة وبمجرد أن فتحت الباب أطلق عليها جندي إسرائيلي عدة رصاصات فقتلها على الفور، ولكن نهاية الخوف جاءت كما تقول لقيا عندما شاهدت طفلة صغيرة كان يبدو انها تستطيع بالكاد ان تمشي وتتخبط في الشوارع، فتحت لقيا الباب وانطلقت رغم أوامر الجنود الإسرائيليين لها بالرجوع للمنزل، وحملت الفتاة إلى المنزل لمعالجتها لتصبح أحد أفراد الأسرة حيث علمت لقيا بعد ذلك أن والدي الطفلة قد قتلا في الهجوم الإسرائيلي، تقول لقيا إنها أبدالم تكره اليهود وانها كانت تؤمن بأن السلام ممكن ولكنهم الآن يدفعونها لتكرههم.

لوس انجلوس تايمز الأمريكية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved