Thursday 18th April,200210794العددالخميس 5 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في الاقتصاد في الاقتصاد
أعاصير اقتصادية
د. سامي الغمري

تعتبر النهضة الصناعية التي قامت في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي عاملاً مهماً ومن مسببات ظاهرة التغير المناخي. فالنهضة الصناعية أفرغت في طبقات الجو ملايين الأطنان من الأدخنة والملوثات ومن غازات ثاني أكسيد الكربون مما يعتبر في الحقيقة العامل الأول فيما تعيشه البشرية اليوم من تقلبات مناخية وما تلمسه من تزايدات في درجات الحرارة وما تخسره مادياً من كوارث إعصارية متتالية من مكان لآخر. ويؤكد خبراء شركات إعادة التأمين الدولية أن هناك مناطق جغرافية محدودة في العالم يمكن أن تكون حال إصابتها بالأعاصير الرعدية أو الفيضانات المفاجئة كابوساً مزعجاً لها على المستوى المحلي. وهي بذلك كثيراً ما تتعرض لخسائر مالية تكاد تقضي على استمرارها في الصناعة. وأوردت إحصائية من إحدى شركات الطيران تؤكد صحة علاقة التغيرات المناخية مع التغيرات الصناعية في القرنين الماضيين مقدرة حجم الخسائر الاقتصادية ب 14 مليار دولار في امريكا الجنوبية واوروبا وترجع أسبابه إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى اختناقات اقتصادية في الأرجنتين والصومال واندونيسيا. كما أن احداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي وزلزال كوبى أضاف بعداً آخر لما قد تخسره شركات التأمين والذي كبدها بلايين الدولارات كتعويضات لمستحقيها. وإذا ما تعرضت جزيرة منهاتن بنيويورك بإعصار قوي لا تتعدى سرعة الرياح فيه 240 كيلو متراً في الساعة فإنه كفيل بإحداث أضرار وخسائر فادحة قد تصل إلى مئات البلايين من الدولارات الأميركية وهي مبالغ تساوي قيمة ما تملكه بالفعل شركات إعادة التأمين مجتمعة في الواقع الصناعي العالمي. وقامت إحدى الشركات الاوروبية لمناقشة هذه الاحتمالية فأفادت بأن الأعاصير والعواصف المدمرة لن تزيد عدداً في المستقبل المنظور فحسب بل إنها سوف تزيد في مدتها الزمنية وفي رقعة مساحتها وفي قسوة تدميرها. وحال صحة هذه التقارير المستقبلية فلن يبقى لشركات التأمين إلا الخروج من مجال العمل والبحث عن مجالات جديدة أقل خطورة منه. وكان عام 1992 أول انذار لشركات التأمين فقد بلغت قيمة التعويضات التي دفعتها الشركات الأميركية من جراء اعصار اندرو الذي ضرب ولاية فلوريدا المطلة على خليج الكاريبي بأكثر من 16 مليار دولار. كما قدرت الخسائر الإجمالية التي تكبدتها شركات التأمين خلال الست السنوات الماضية بأكثر من 60 مليار دولار بسبب الاعاصير الطبيعية المناخية التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية. وتم التوصل إلى نتائج تابعة لهيئة الأمم المتحدة تفيد بأن هناك زيادة في كمية ثاني أكسيد الكربون في الهواء من عوادم السيارات والمصانع بنسبة تزيد عن 11% في القرن العشرين المنصرم. وأن ما سوف يتم ضخه وإفراغه في طبقات الجو العليا من ثاني أكسيد الكربون متمثلة في النشاطات الاقتصادية سوف يضاعف تلك النسبة مرة أخرى خلال النصف الأول من القرن الحادي والعشرين الحالي. ومع تمدن الإنسان وتغير أنماط حياته الاستهلاكية في الفترة القادمة خاصة في الدول النامية المكتظة بالسكان مثل الصين واعتماده هناك على الأساليب الحضارية الحديثة في تنقلاته مثل السيارات والطائرات وزيادة في المستهلكات اليومية المصنعة فإنه ولا شك سوف ترتفع نسبة غاز ثاني اكسيد الكربون إلى ثلاثة أمثالها قريباً. ويتوقع من هذه التغيرات الحضارية تغيرات مناخية مصاحبة مؤدية إلى العديد من الخسائر المالية والبشرية التي لم تعرفها الإنسانية من قبل. وأصبح علماء المناخ متأكدين بشكل قاطع بأن الإنسان هو المسؤول الأول في تكسيرطبقات الجو العليا بالغازات والمسؤول عن التغيرات الأخيرة من جفاف وتصحر وأعاصير واسعة النطاق يكون من المفترض عليه أن يبادر بأخذ أسباب وحلول تساعد على تخفيف حدة ارتفاع درجات الحرارة وتجنب البشرية أضرارها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved