Thursday 18th April,200210794العددالخميس 5 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

صدى الإبداع صدى الإبداع
«6»
د. سلطان سعد القحطاني

تحدثنا عن المعلم، وعن المادة العلمية فيما مضى، وهي من ضروريات الحياة التعليمية، وشخصية المعلم القيادية تلعب الدور الهام في حياة الطالب، في مرحلة التكوين، وليست العملية التعليمية بالسهولة التي يتصورها البعض، على أنها إلقاء المادة فقط، وما على الطالب إلا ان يتلقى المعلومات المخزونة في ذهن ذلك المعلم، ثم يكررها بصورة ممسوخة عن معلمه، بحيث تكون خالية من الإبداع الفكري والتحليل المنطقي المدعم بالثقافة العامة للطالب والمقارنة الفعلية لما يكون في ميزان المعلومة، فلو طلب من الطالب الخروج من المنهج المقرر الى ما يشابهه في الحياة الثقافية الموجودة في بطون الكتب والمراجع والمجلات والصحف اليومية لتفتح ذهنه المغلق على قليل من المنهج الاجتهادي، ومقارنة المعلومة الواردة في المنهج اذا قورنت بنظيرتها من خارج المنهج توسعت المعلومة واخذ الطالب في التفكير، وأحس انه جزء من العملية التعليمية. فالمنهج لا يعدو ان يكون ذلك المفتاح الذي يفتح مغاليق التعلم، فهو وسيلة وليس هو الغاية التي تسعى التربية الى غرس الثقافة في نفس الطالب. ولكن يبقى السؤال قائماً، كيف يطالب المعلم بتطبيق هذه الفكرة العلمية في يوم مفعم بالعمل الشاق، وهو مطالب بأربع وعشرين حصة في الاسبوع؟ بمعدل خمس حصص في اليوم، ما عدا يوم واحد، ومطالب بالاحتياط، فقد يزيد على هذه الكمية من الحصص،!! اضف الى ذلك العدد المأهول من الطلاب في الفصل الواحد، وقد يزيد العدد في الصف الواحد عن حجم الغرفة الدراسية، واذا كان البناء من البيوت المستأجرة، فالطامة اكبر من التوقعات، ويظن البعض ان البناء المدرسي ليس من الأهمية بمكان، وهذا قول خاطئ بلا شك، فكل شيء يؤثر على التلقي العلمي، حتى لو الطلاء، والزحام الذي تسببه كثرة الطلاب يؤثر على الفهم من جراء قلة الاكسجين، وكذلك عطاء المعلم، فضلا عن الوسيلة الايضاحية ومكانها المناسب داخل وخارج الصف الدراسي، ومناقشة الطالب اليومية تعطيه الحضور الاجتماعي داخل الجماعة المتجانسة من الطلاب، وتعطي المعلم الألفة الخاصة في التعامل مع تلميذه، مما يسهل عليه عملية التقييم اليومي ومدى التقدم او التأخر الذي يطرأ عليه خلال الفصل الدراسي والعام بكامله، ومن ثم يخرج بانطباع عام عن حالة التلميذ العلمية والنفسية ومدى التقبل الذي يحدد من خلاله مدى التقدم. فلو حصل ان يحدد العدد الكلي للطلاب في الفصول الدراسية، ويقلل من العبء التدريسي للمعلم، ويهيئ البناء المقام على أسس تربوية، ويكلف المعلم بمتابعة الطلاب المتميزين، وتبنيهم وتشجيعهم وبناء مواهبهم، من خلال ممارسة الهواية في داخل المدرسة وعلى مرأى من زملائهم الآخرين، لصار عندنا جيل جديد قادر على تخطي العقبات بإبداعه وابتكاراته، ويكون ذلك على حساب النشاط العام في المدرسة، فلو ان طالباً لديه موهبة القراءة والخطابة ويتاح له كل يوم التحدث في اذاعة المدرسة فسيكون مذيعا او خطيباً، وكذلك المخترع العلمي، لو وجد من يتبنى موهبته، فسيكون عالماً في مجال من المجالات العلمية التي نفتقدها، وأذكر بعضا من الطلاب في زماننا اصبحوا من أصحاب الحرف التي نفتقدها اليوم، ونجدها في أيدي الأجانب من الآسيويين وغيرهم من الوافدين المقيمين إقامة مؤقتة، لو رحلوا لما وجدنا من يقوم بعملها، كل أولئك بدأوا من تحت يد معلم التربية الفنية. ولا ننسى دور حفلات السمر التي كانت تقام في المدارس ليلا ويحضرها كبار التربويين، تركت آثارها في الكثير من الطلاب، كالشعراء والأدباء والتدرب على الكتابة الفنية في التمثيليات والخطب، مما اكسب الجيل الجراءة في النقاش، والمعالجة الفنية للموضوعات، والتفكير فيما يدور في الحياة من خلال مشاكل الحياة نفسها.
إننا بحاجة الى جيل يرعى مصالح بلاده، ويستفيد منها قبل ان يستفيد منها غيره، والبداية تكون من المدرسة نفسها، من المراحل الأولى، بغرس حب الوطن، من خلال الخدمة التي يجب ان يقوم بها المواطن الصالح، ويستفيد منها، ولن يكون ذلك إلا بإشراك الطالب في متطلباته، وإشعاره بذلك. وان يشعر المعلم بثقل مسؤوليته، وأنه يبني رصيداً من العقول المفكرة والمنتجة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved