الحمد لله الذي جعل كتابه مباركاً ورحمة للعالمين وأنزله ذكرى وهدى للمؤمنين، والصلاة والسلام على مبلغ الوحي المبين وعلى آله وصحبه أجمعين.
إشارة مباركة لكتاب مبارك ووصف مبارك، والبركة في لغة العرب تعني الكثرة في كل خير، يقول الشوكاني في كتابه فتح القدير في تفسيره لقوله تعالى: {وّهّذّا كٌتّابِ أّنزّلًنّاهٍ مٍبّارّكِ..} [الأنعام: 155]. المبارك كثير البركة لما هو مشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية، وجاء في تفسير السعدي رحمه الله: «كتاب مبارك» كتاب فيه الخير الكثير والعلم الغزير وفي هذه المعنى يذر لنا سيد قطب رحمه الله: القرآن مبارك بكل معاني البركة مبارك في أصله ومبارك في محله حيث إنه كلام الله تعالى ونزل على أفضل خلقه وخاتم رسله، ليخرج الناس من ظلمات الكفر والظلم والعناء والبدعة والحيرة والعداء إلى نور الهدى واليقين والبصيرة إلى المجد والفخر والعز والنصر.
القرآن مبارك حيث أودعه الله جميع أسس الخير وقواعد النجاة وأسباب النجاح وأصول الرفعة فهو كتاب الحياة والأحياء تضمن أصول العقائد التي تحمي الإنسان من الخرافات وترتفع به ارتفاعاً يزكي نفسه ويطهر قلبه، وفيه من أصول العبادات ما يستطيع به الإنسان أن يضبط أموره وتصرفاته بحيث يكون عنصر خير في هذه الحياة فالقرآن مبارك في هدايته التامة التي لم تترك تشريعاً يحتاجه الإنسان إلا بينه.والقرآن مبارك في هدايته العامة التي لا تختفي بعصر أو مكان بل هي للخلق جميعاً. وفي كتابه توجيهات وذكرى يقول الشيخ صالح بن حميد:«إن كل ما يحتاجه المسلمون من إصلاح وصلاح وحسن معاش ومعاد محصور في هدي القرآن وهدي مَنْ كان خلقه القرآن محمد عليه السلام والصلاة، لقد كان هذا القرآن المبارك خيراً عاماً، تآخت عليه شعوب الإسلام ونشأت به مدينة كانت زينة الأرض وضياءها ورحمتها وعدلها من بين دفتيه انطلقت خير أمة أخرجت للناس، وعلى مائدته تربت أمة أخذت كتاب ربها بقوة وسارت على نهجه بعزم وخضعت لتعاليمه بإيمان فهداها للتي هي أقوم.والأمة اليوم بحاجة إلى أن تراجع نفسها في موقفها من القرآن حيث اشتغلت بغيره ولنعلم جميعاً أنه لا عز لنا ولا نصر إلا بالإيمان بالقرآن والعمل بالقرآن.
وبركة القرآن عقيدة وعبادة وأحكاماً وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.: {وّهّذّا ذٌكًرِ مٍَبّارّكِ أّنزّلًنّاهٍ أّفّأّنتٍمً لّهٍ مٍنكٌرٍونّ (50)} [الأنبياء: 50].
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعاً لحفظ كتاب الله وتدبره على الوجه الذي يرضيه عنا. كما نسأله عز شأنه أن يوفق القائمين على خدمة القرآن ويجعل ذلك في موازين أعمالهم إنه سميع مجيب.
* رئيسة شعبة التطوير التربوي
|