جانب الوجدان في القرآن الكريم ليس جانبا واحدا ولكنه عدة جوانب تخلق التفاعل مع آياته ودورها في مجتمع الإنسان ومجال الحياة الذي يعيش فيه. فمن فضل الله عز وجل على هذه البلاد أن وفق قادتها إلى العناية بكتابه الكريم تعليماً وتحفيظاً وتحكيماً ودستوراً يسيرون عليه. فالقرآن استهدف الكثير من المبادئ والقيم القائمة على التربية القويمة والخلق الرضي والسلوك السوي والأدب الجم ورياضة النفس وتحليقها في أفق الكمال وارتقاؤها في مدراجه غاية مثلى طالما فكر فيها وبحث عنها وعمل لها وسعى نحوها.
كما أن آياته ارتبطت بمعاملة الإنسان مع الغير بحيث يراعي حدود الروابط الإنسانية ولعلنا حينما نتحدث عن الخلق الإنساني في القرآن تتماثل أمامنا شخصية المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن ولا يقف الحد في القرآن عند ما فيه من فضائل سامية وأخلاق رفيعة بل نجد أن القارئ والمستمع للقرآن يعيش في جو الاطمئنان والاستمتاع بالحياة الإنسانية من خلال آياته. فما بالنا بحافظ القرآن وحافظته حين يتواصل مع الحفظ العمل بما فيه ليصبح ما في نفسه انعكاسا طبيعيا لإيمانه ودليلا حيويا على مدى انتفاعه بهذا الإيمان وترجمته إلى الخلق وتجسيده في أسلوب وسلوك يتعامل به مع الناس ويكون هو المنهج الذي يحتكم إليه في تصرفاته معهم فإذا جهلوا عليه كان إيمانه مركز الإمداد والتوجيه والإشعاع الذي يملي عليه أسلوباً محدداً وسلوكاً خاصاً يفرض عليه ضبط النفس. فالقرآن أصيل في سلام الإنسانية وأمنها الاجتماعي ورقيها الأخلاقي ويدعو إلى الإصلاح والتقويم والتربية. وما هذه البادرة التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه إلا دليلاً على قناعته بما في القرآن من أصالة للنفس الإنسانية وأمن اجتماعي ورقي أخلاقي للنشء وحصول الراحة في الحياة الدنيوية والآخروية وتنمية غرس حب كتاب الله ورغبة في تعليم كتاب الله وكذلك الحافز والمساعدة لحفظ كتاب الله للحصول على النفع المثمر في الدنيا والآخرة. نسأل الله أن يجعل هذه العناية من سموه في ميزان حسناته وجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين كل خير وضاعف حسناته وأجزل له المثوبة ووفقه الله وإخوانه وأعوانهم لما فيه خير البلاد والعباد.
* المشرفة التربوية وعضوة لجنة تنظيم المسابقة |