Sunday 14th April,200210790العددالأحد 1 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

القرآن الكريم والعولمة الثقافية القرآن الكريم والعولمة الثقافية
أ. موضي بنت علي المقيطيب

بعد التحولات التي شهدها العالم في العقد الماضي وبعد التبدل والنتائج التي انتهى إليها الواقع الإسلامي نجد أن تعابير حديثة دخلت في قاموس عالمنا المعاصر والتي منها تعبير أومصطلح العولمة، وعلى أساسها تحددت اتجاهات جديدة في التعامل ومع ما يكتنف حياة ناشئتنا من أمور ومنها الارتباط بينهم وبين العقيدة الإسلامية وتعاملهم مع القرآن الكريم والسنة النبوية، وإذا كانت (العولمة) المعاصرة قد اعتمدت الغزو الثقافي والفكري وهو سلاح قديم استخدمه الاستعمار القديم على نطاق واسع، وخصوصاً في العالم الإسلامي ؛ فالدول الشيوعية حرّمت دراسة القرآن الكريم، وأغلقت المدارس الدينية، ومنعت بناء المساجد. وإذا كنا نعلم جيداً أن محاربة العولمة أو الوقوف أمامها - دون تحريك ساكن فيما يحمي هويات مجتمعاتنا الإسلامية من أضرارها أو التعامل معها في موقف محلك سر - لن يجدي أبدا، ذلك أنها ظاهرة عالمية يصل تأثيرها عبْر أقنية مفتوحة لا حصْر لها في وسائل الإعلام و السياحة والاتصال المباشر بين الشعوب فما أولانا اليوم ونحن في مسابقة تسعى لنشر القرآن الكريم ليس نشراً يعتمد على التلاوة والحفظ فقط بل على غرس الارتباط بما جاء فيه في نفوس أبنائنا وبناتنا المستهدفين في المسابقة أن نتباحث في موقف القرآن الكريم من العولمة خاصة وأنها تعتمد على تبادلات في الأنظمة والسياسات للمجتمعات المسلمة فلو نظرنا لآيات القرآن الكريم لوجدنا أنها تتجه نحو الشمول في حياة الفرد والمجتمع شمولاً يصل بها نحو العالمية ونظرة للكون والجنس الإنساني ككِيان واحد وأسرة واحدة، ويُذْكر في هذا السياق التذكير القرآني الكثير بالأب الأول، والأم الأولى، وما في ذلك من تطابق الصفات، ووحدة المصير، ورفض التمايز بسبب العصبية أو اللون أو اللغة.
وقد جاء في الحديث الشريف: (الناس لآدم، وآدم من تراب)، وحدد القرآن ميزاناً وحيداً للتفاضل بين بني البشر، هو ميزان التقوى، وما تنطوي عليه هذه الكلمة الجامعة المانعة من استحضار مخافة الله في كل أمر، والحدب على عبادته، وإشاعة الخير والصلاح بين ربوعه {إنَّ أّكًرّمّكٍمً عٌندّ پلَّهٌ أّتًقّاكٍمً} [الحجرات: 13]، وقد تحدث القرآن الكريم عن الأمة الواحدة أكثر من مرة. قال تعالى: {إنَّ هّذٌهٌ أٍمَّتٍكٍمً أٍمَّةْ وّاحٌدّةْ وّأّنّا رّبٍَكٍمً فّاعًبٍدٍونٌ }[الأنبياء: 92]، وعبر تعاليم القرآن الكريم ترعرعت العلوم والمعارف، وبرز ساسة ومفكرون وفلاسفة من الفرس والترك والروم واليهود، كما أن القرآن الكريم يحث الناس على التعايش الآمِن، والجيرة الحسنة، والمشاركة الفاعلة في الخير العام، ومنع الظلم وحفظ الحقوق، وإتاحة فرص العيش الكريم أمام الناس جميعاً، كما لم يفرض على الشعوب - التي ارتضت الانتماء إليه - ثقافة خاصة أو لغة بعينها، بل وصف اختلاف اللغات والحضارات بأنه آية من آيات الله التي تدل على قدرته ووحدانيته، وينبغي احترامها والمحافظة عليها {وّمٌنً آيّاتٌهٌ خّلًقٍ پسَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّاخًتٌلافٍ أّلًسٌنّتٌكٍمً وّأّلًوّانٌكٍمً} [الروم: 22].
وغير هذه الآيات كثير مما لا يسع معه المقام للتفصيل في موقف القرآن من العولمة، الإ أن(العولمة) التي نرجوها لنا كمسلمين هي تلك العولمة التي تسير وفق هذه الخطوط :- أن تكون متصلة بنور القرآن الكريم، والإيمان به ؛ حتى لا تضل ولا تتعسف، ولا تحيل العالم إلى غابة كبيرة، يأكل فيها القوي الضعيف، أو أن تطغى ثقافة على ثقافات أخرى، أو تستغل عوامل القوة المتاحة لها، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وّلّوً شّاءّ پلَّهٍ لّجّعّلّكٍمً أٍمَّةْ وّاحٌدّة} [المائدة: 48]،وقوله - تعالى -: {وّلّوً شّاءّ رّبٍَكّ لّجّعّلّ پنَّاسّ أٍمَّةْ وّاحٌدّةْ} [هود: 118] {، وهو ما يمكن أن يحققه هؤلاء المتسابقون والمتسابقات من حفظة كتاب الله وما أراه هدفاً جديداً من أهداف هذه المسابقة الغراء، جزى الله من أقرها وأمر بها خير الجزاء عنا وعن أمة الإسلام وحفظ لنا ديننا وعقيدتنا وبلادنا في ظل ولاة أمورنا أطال الله في أعمارهم وأيدهم بنصره أنه سميع مجيب.

* رئيسة شعبة الشؤون الثقافية وعضوة لجنة تنظيم المسابقة

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved