Sunday 14th April,200210790العددالأحد 1 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
حبَّة ضمير (4)
د. خيرية إبراهيم السقاف

... والغادرون لا ضمير لهم... فمن هم هؤلاء؟
من هم مرضى الغدر الذين يحتاجون إلى علاج ضمائرهم؟...
من هم أولئك المشوِّهين لمسيرة الصدق، والوفاء، والتضحية؟...
أولئك هم: الإخوة الذين يستغلون ولايتهم، فلا يرون إلاَّ مصالحهم الخاصة.
يتولون أمانة المسؤولية، لكنَّها بين أيديهم تتحرك كما تتحرك الآلة الصغيرة بين الأصابع تُبدل شاشات العرض، فيبدِّلون مثلها المواقف، والحقائق، يغمطون من هم تحت ولايتهم حقوقهم بدعوى (الحرص)، ويسلبونها بدعوى (الحماية والحفظ)، ويغدرون بهم بحياكة الأكاذيب والقصص في جنح الظلام، ويلبسون في وضحه عباءات البراءة والطُّهر...
وهم أيضاً الرؤساء في العمل: الذين يضعون سلطتهم بين أصابعهم، تتحرك وقتما يشاءون، وكيفما يريدون، ومع من يرغبون، في تجرد ضميري من يقظة العدل، والحق، والأمانة،... ينهبون الوقت في «فترة» سلطتهم في تحقيق مصالحهم، واللهاث وراء أرصدتهم المادِّية والاعتبارية، لا يعنيهم من يُظلَم في سبيل ذلك، أو من يُسلَب حقه، أو من تُنتهك كرامته... مثل هؤلاء تموت ضمائرهم، فهي ليست مخدرة ولا غائبة...
وهن أولئك الزوجات والأمهات ممن تغيب ضمائرهن في اللهاث وراء الذات، ومحبَّة النفس، والجري وراء أمور الحياة، وتحقيق مظاهرها البراقة، واكتساب ما يحقق ظواهرها... في منأى عن حسن الرعاية، وأداء الواجب، والمثول أمام الأمانة كما ينبغي، لا تدرك من أمر زوجها إلاَّ ما يحقق لها الربح المادي، ولا من شأن أبنائها إلاَّ ما يعزز دورها الاجتماعي... تذهب مع الأهواء، وتبني للفاني...
وهم أولئك المعلِّمون والمربُّون، والمفكِّرون، والمثقَّفون، الذين تنام ضمائرهم، أو تغفل، أو تخدر عن أداء الأمانة في يقظة، وعن الشعور بقيمة الوفاء لها في حذر...
يخادعون أنفسهم قبل أن يخدعوا كلَّ الذين تحت مظلَّة رعايتهم وأمانتهم العلمية، والتربوية، والفكرية، والثقافية... مثل هؤلاء تكون نتيجة غدرهم وخداعهم وخيمة، إذ تمتد آثارها بامتداد رقع الأرض ومساحاتها التي تحمل كماً من الأقدام تحمل كماً من الرؤوس فماذا يكون من تكوين علمي وتربوي وفكري وثقافي عند هؤلاء وهم يتعاملون مع من لا ضمائر لهم؟!...
ونتساءل لماذا تحتاج الضمائر إلى حبَّة علاج؟!...
تُرى لو تحسس كلٌّ صدره، ووضع يده على مكمن ضميره، وعرض على ذاته جملة من الأسئلة، واكتشف أنَّه واحد من هؤلاء، واحد ممن يشوه الصدق ويجرح الوفاء، ولا يؤْثِر على نفسه، ويتجاوز الرفقة وصدق الوفاء للعشرة، ويستغل أمانته ويتصرف في قدرته على القرار، ويحب نفسه ويظلم من أجلها الآخر، ولا يدرك أبعاد أمانته العلمية والتربوية، والفكرية والثقافية؟
تُرى... ما الذي سوف يفعله؟
هل سوف يتَّجه إلى أقرب مستودع للأدوية ويسأل عن حبوب الضمير؟
أم سوف يقيم لنفسه مقصلة، ومن ثمَّ يتخيَّل رأسه بين حبالها؟
فيتجه فوراً إلى الوضوء ومن ثمَّ الوقوف بين يديْ خالقه تعالى يطلبه الهداية والعفو وفيها الشفاء ودواء الضمير؟... قبل أن يواجهه تعالى بضمير نائم ونتيجة

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved