* حوار علي سعد القحطاني:
الدكتور صالح بن ناصر الشويرخ من مواليد مدينة الرياض عام 1386ه حصل على شهادة البكالوريس لغة عربية من كلية اللغة العربية بجامعة الإمام عام 1409ه كما حصل على درجة الماجستير في تخصص تعليم اللغات الأجنبية من جامعة ليدز البريطانية عام 1418ه كما حصل على درجة الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة ليدز أيضاً عام 1422ه ويعمل حالياً وكيلاً لقسم تأهيل معلمي اللغة العربية بمعهد تعليم اللغة العربية بجامعة الإمام.
وفي حوارنا معه تطرق إلى شكوى كثير من أعضاء هيئة التدريب في الجامعات من ضعف الطلاب في مهارتي القراءة والكتابة، ومن عدم تمكنهم من استخدام المصادر والمراجع بشكل سليم. ويقترح الضيف إزاء هذه المشكلة ضرورة إعطاء الطلاب دورة تأسيسية تستمر لمدة فصل دراسي واحد قبل انخراط الطالب في الدراسة الجامعية. كما تطرقنا معه إلى عدة محاور حول الطريقة المثلى لتدريب الطلاب على مهارات الكتابة العلمية السليمة والقراءة العلمية وكيفية استخدام مصادر المعلومات بشكل أمثل.
* من الملاحظ على الطلبة الجامعيين أنهم يعانون من ضعف ملموس في مهارتي القراءة والكتابة.. ما هو السبيل الأمثل للخروج من هذه المعضلة؟.
يشتكي كثير من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات من ضعف الطلاب في مهارتي القراءة والكتابة، ومن عدم تمكنهم من استخدام المصادر والمراجع بشكل سليم، ومن عدم قدرتهم أيضاً على الاعتماد على أنفسهم في كثير من الأمور التي يطلب منهم القيام بها.
فطلاب الجامعات لدينا ينقصهم كثير من المهارات الدراسية الضرورية لخوض غمار الدراسة الجامعية بشكل فعَّال، وبشكل يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة والمتوقعة من الطالب بعد تخرجه.
وللمساعدة في علاج بعض المشكلات وللتخفيف من آثارها، وكذلك للمساهمة في تهيئة الطالب للحياة الجامعية وما تستلزمه من مهارات وقدرات معينة، أرى ضرورة إعطاء الطلاب دورة تأسيسية تستمر لمدة فصل دراسي واحد قبل انخراط الطالب في الدراسة الجامعية.
واقترح أن يتم في هذه الدورة تدريس الطلاب وتدريبهم «وأركز على كلمة تدريب» على المهارات التالية:
1 القراءة العلمية التحليلية الناقدة.
2 الكتابة العلمية السليمة.
3 استخدام مصادر المعلومات «الحديثة والتقليدية».
4 التعليم الذاتي وإدارة الذات.
* يعاني منهج القراءة من التقليدية والجمود والتوقف عند الألفاظ دون الخوض في المعاني ومعايشة النص..إذاً ما المقصود بتدريس مهارة القراءة في رأيك؟
المقصود هو تدريس وتدريب الطلاب على القراءة العلمية التحليلية الناقدة وليس تدريسهم القراءة الجهرية كما هو مطبق في كثير من مدارسنا، بل المقصود قراءة النصوص لغرض الفهم والاستيعاب. وهذا النوع من القراءة يشمل عدداً من المهارات التي يجب على الطالب أن يتدرب عليها ويتقنها قبل دخوله الجامعة منها.
1 القدرة على التفريق بين الأفكار الرئيسة والأفكار الفرعية لأي نص.
2 القدرة على التفريق بين الآراء والحقائق.
3 القدرة على قياس مدى قوة الحجج والأدلة والبراهين المستخدمة في أي نص.
4 القدرة على استنباط الأفكار المصرح بها والأفكار غير المصرح بها «المضمنة».
وغير ذلك من المهارات التي تدخل ضمن نطاق القراءة العلمية الفاحصة.
وحسب معلوماتي لا يوجد تدريس لمهارة القراءة بالطريقة التي ذكرتها. حتى لو كان هناك بعض الأساتذة ممن يدرسها بالطريقة المقترحة، فهي تظل جهوداً فردية مبعثرة لا يمكن أن تحقق الفائدة المرجوة منها.
ويجب الإشارة إلى وجود مادة تسمى مادة القراءة تدرس في أقسام اللغة العربية في بعض الجامعات. هذه المادة عبارة عن قراءة في كتب التراث مع شرح لمعاني الكلمات الغريبة والوقوف عند بعض القواعد النحوية والبلاغية. وهذه طريقة كما يبدو لي قديمة عقيمة لا تناسب العصر. إضافة إلى ذلك فهي مخصصة لطلاب أقسام اللغة العربية في الغالب. ومهارة القراءة بالطريقة المقترحة يحتاجها كل الطلاب في المرحلة الجامعية ولا يمكن قصرها فقط على طلاب اللغة العربية.
* ماهو الشكل الأمثل لتدريب الطلاب على كيفية كتابة البحوث والمقالات والتقارير العلمية؟
يتم تدريب الطلاب على كيفية كتابة البحوث والمقالات والتقارير العلمية وهذا يشمل عدداً كبيراً من المهارات، منها:
كيفية بناء النصوص.
كيفية الربط بين الجمل وبين الفقرات.
كيفية استخدام الأدلة والأمثلة.
التدريب على طرق الإقناع والتأثير في الكتابة.
كيفية استخدام آراء الآخرين والبناء عليها.
التدريب على طرق التدرج المنطقي في الكتابة وهذا يشمل أيضا تدريب الطلاب على أنواع الكتابة المختلفة الوصفية والتحليلية والنقدية.
ويجب الإشارة إلى أن مادة الكتابة تدرس في جامعاتنا تحت مسمى مادة التحرير الأدبي أو العربي.
ولكن حسب معلوماتي لا يدرب الطلاب فيها على المهارات التي ذكرتها قبل قليل.
بل يركز فيها على الجانب النظري وكذلك على قواعد الإملاء والترقيم.
إضافة إلى ذلك أن مهارة الكتابة بالشكل الذي وضحته في البداية يجب على الطالب التدريب عليها وإتقانها قبل دخوله الجامعة وليس أثناء دراسته أو قبيل تخرجه.
* كيف ننمي لدى الطالب القدرة على إدارة وتوجيه تعلمه بنفسه وذلك من خلال ما اسميته ب«التعليم الذاتي»؟
المقصود بالتعليم الذاتي هو أن يكون لدى الطالب القدرة على إدارة وتوجيه تعلمه بنفسه.
وهذا يشمل أولاً توعيه الطلاب بضرورة التعليم الذاتي وأهميته في العصر الحديث. ويشمل كذلك إعدادهم إعداداً نفسياً وعملياً لتطبيق التعليم الذاتي، ومن ثم تدريبهم على ممارسة أساليب التعليم الذاتي وإدارة الذات، وهذا يشمل كثيراً من المهارات، منها:
1 القدرة على تحديد حاجاته ورغباته.
2 القدرة على تحديد قدراته وإمكاناته.
3 القدرة على تحديد أهداف يسعى لتحقيقها.
4 القدرة على وضع خطط دراسية لتحقيق الأهداف التي يسعى للوصول إليها.
5 القدرة على مراقبة عملية تعلمه.
6 القدرة على تقويم ما تعلمه وغير ذلك.
وأهمية مهارات التعليم الذاتي وإدارة الذات تكمن في أنها تساعد الطلاب على الاعتماد على أنفسهم في تسيير كثير من أمورهم الدراسية، وبالتالي تزداد ثقتهم بأنفسهم وهو ما يفتقده كثير من طلابنا. أيضاً التعليم الذاتي يزود الطلاب بالمهارات اللازمة لمواصلة تعلمهم حتى بعد تخرجهم من الجامعة وهو ما يعرف بالتعلم مدى الحياة. فليس الهدف من التعليم الجامعي هو تكديس المعلومات في عقل الطالب، بل هو إكسابه المهارات اللازمة ليصبح ذا شخصية مستقلة فاعلة، لديها القدرة والرغبة على مواصلة التعلم.
* كلمة أخيره؟
هناك بعض النقاط التي يجب الإشارة إليها حتى تكتمل الفائدة من هذه الدورة التأسيسية وهي على النحو التالي:
1 يجب أن يتم اختيار من يقوم بتدريس هذه المهارات بعناية فائقة. وذلك حتى لا تتحول هذه المواد «خاصة القراءة والكتابة» إلى تدريس لقواعد النحو والصرف والبلاغة بالطريقة التقليدية العقيمة المنتشرة في جامعاتنا. إضافة إلى ذلك هناك عدد كبير من المتخصصين في اللغة العربية، لكن قليل جداً منهم من لديه القدرة على تدريس مهارتي القراءة والكتابة بطريقة عملية تطبيقية وبالشكل الذي ذكرته سابقاً.
2 يجب أن يركز في تدريس هذه المهارات على الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري.
فتدريس هذه المهارات يجب أن لا يتخذ شكل المحاضرات الجامعية التقليدية، بل يكون عبارة عن ورش عمل قائمة على التدريب والممارسة والمناقشة.
3 أن يعقد اختبار في نهاية الدورة يركز فيه على الجوانب التطبيقية لا النظرية.
ومن الممكن تكوين لجنة خاصة بهذه الدورة في كل جامعة، من مهماتها التأكد من تطبيق هذا الشرط.
4 يكون قبول الطالب النهائي في الكلية التي قبل فيها مبدئياً مشروطاً باجتياز هذه الدورة التأسيسية بتقدير مرضٍ.
5 أرى أن تكون هذه الدورة ضمن نطاق السنوات الأربع، بحيث لا أرى ضرورة لتمديد الدراسة إلى أربع سنوات ونصف السنة.
6 من الممكن إضافة مواد أو مهارات أخرى غير التي ذكرتها بما يناسب بعض التخصصات.
وأخيراً أتمنى من المسؤولين في وزارة التعليم العالي وعلى رأسهم معالي الوزير الدكتور/ خالد العنقري أخذ هذا الاقتراح مأخذ الجد والنظر في الكيفية المثلى لتطبيقه.
|