Sunday 14th April,200210790العددالأحد 1 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شدو شدو
الحياة السيرورة.. الوقود التغيير (1/2)
د.فارس محمد الغزي

الحياة السيرورة قدماً، وما قدره السير، فوقوده (التغيير) وإلا توقف على (قارعة) تاريخ الحضارات الإنسانية، إذن فمحور هذه المقالة هو «التغيير».. غير أنه ليس التغيير بفحواه ومحتواه وتفاصيله المجردة، بل بالأحرى ما يثيره التغيير في كيانات البعض منا من المواقف وردود الأفعال والتوجس والخيفة، فمما يبدو فأي تغيير يخرج عن نطاق (نمطيتنا) المتجمدة في ثلاجة الخوف كفيل بأن يزرع في قلوبنا من الخوف ما يخيف (الخوف ذاته)، فما السر في ذلك.. لماذا يخيفنا التغير الاجتماعي، ونحن الملزمون عقديا بالإيمان القاطع بأن من سنن الحياة ونواميسها التغير والتبدل بمشيئته تعالى؟! بل كيف تأتي لنا الجمع بين الشتيتين تناقضا؟!: حيث يشهد من التاريخ أننا نكاد نكون الشعب الوحيد عالمياً الذي ينعم بفضله تعالى بكل ما يعنيه مفهوم (الاستقرار) من مضامين إيجابية في أعقاب كل مرة يترجل فيها عن الحكم قائد ليخلفه قائد، غير أننا على النقيض من ذلك (اجتماعيا)، فحدوث أي تغير اجتماعي لدينا يزرع فينا من الخوف ما ليس له مبرر، حتى لو كان هذا التغيير موجها ومدروساً بأناة وروية وعناية!
أما السبب فهو في رأيي أسباب وأسباب، من ضمنها ما يتمثل في تشابك وشائج الماضي (القريب) بحقائق الحاضر نفسيا وهذا هو السر في ترددنا المستديم عن تقبل الجديد بسهولة ويسر، بل خوفنا من هذا الجديد إلى درجة تجاهله، وتركه يتبلور ويتسربل بكل حرية وبعد أن يكون قد تغلغل وتوغل نقدم فنقبله حينئذ بشروطه لا شروطنا. إن التغير الاجتماعي ليس له (حظ) في عقول البعض منا، بل إنه (يحظى!) بسمعة سيئة للغاية، حيث غالبا ما يتم تعريفه في سياقات سلبية محورها الضرر والغزو الفكري والعلمانية وفساد الأخلاق والضغوط الخارجية (وهلم استهلاكا). فلا عجب أن تجد العديد من مفاهيمنا الحياتية المعاشة تتسم بالغموض والتناقض والازدواج، فالتغير الاجتماعي لدينا لا يحدث طبيعيا كما هو المفترض بل دائما ما ينتج من خلال عملية قيصرية أو مأساة، فنادراً ما نمهد له الطريق (الطبيعي) في الأذهان غير الطبيعية، وغني عن القول: إن ما هو ليس طبيعياً في الأذهان يحدث من ردود الأفعال غير الطبيعية إلى ما ليس له نهاية.
إن المجتمع الإنساني مسيرة وسيرورة بفعل (التغير) الذي هو نتاج طبيعي (للحركة) التي يجب أن تكون لا حركة تسخير فحسب، بل حركة تدبير وإنتاج للأسباب، فالمجتمع كما يقول المفكر الإسلامي «مالك بن نبي، ميلاد مجتمع، 2000: 16 17) يتعدى كونه مجرد مجموعة من الأفراد، فالجماعة التي: «لا تتطور، ولا يعتريها تغيير في حدود الزمن، تخرج بذلك من التحديد الجدلي لكلمة مجتمع».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved