بؤس جاثم على صدور الشرفاء
متى يسدل الستار على فصول المأساة؟!

وكأنني في حلم مما يحدث لنا وحولنا.. وليته كان حلماً وردياً كالذي يحلم به الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أو حتى جورج بوش الأب في مزرعتهما المترامية الأطراف في ولاية تكساس (اللهم لاحسد) وليته أيضاً كان حلماً وردياً كالذي يحلم به تابع الرئيس الأمريكي وأعني به رئيس وزراء ماكان يسمي ببريطانيا العظمى توني بلير.. والقائمة طويلة بأسماء من يحملون الأحلام الوردية ولو أردت سردها ما انتهى معي هذا المقال..
ولكن.. وللأسف.. لم يكن حلمي كذلك ولن يكون.. بل هو مأساة فصولها متعددة وكابوس جاثم على صدور كل العرب وكل المسلمين وكل الشرفاء وكل الأحرار في العالم بأسره.. ثور هائج ومجرم حرب اسمه شارون ينفث سمومه وأحقاده ويعربد في كل شبر من أرض فلسطين الحبيبة.. يقتل الأبرياء.. ويعتقل الشرفاء.. وينتهك أعراض النساء.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. وإليكم فصول المأساة..
الفصل الأول من المأساة
بداية فصول المأساة كانت بعد انعقاد مؤتمر القمة العربية في بيروت، وما حققه من نجاح في التآم الشعب العربي بعد 12 عاماً من التصدع والألم، ثم المفاجأة الكبرى لإسرائيل التي تمثلت في تبني المؤتمر لمبادرة سمو سيدي ولي العهد وهي الانسحاب الكامل مقابل السلام.
كان طبيعياً أن يجن جنون شارون وأمثاله من مجرمي الحرب والمرتزقة الذين لايحلو لهم إلا حمامات الدم والخراب والدمار، فماذا يفعل هذا المجرم بعد أن وضعته المبادرة العربية في مأزق كبير؟
كيف السبيل بهذا المجرم إلى التخلص من الإرادة العربية التي بدأت تنتفض وتزيح عن كاهلها غبار السنين وتعلن للعالم أجمع أن أمة العرب وأمة المسلمين لا تركع إلا للواحد القهار. وكيف السبيل بهذا السفاح إلى التخلص من مأزق المبادرة العربية التي ألجمت فاه وارتعدت منها فرائصه؟
ليس عنده من سبيل إلا طريق واحد، لكنه يحتاج فقط إلى مباركة الإدارة الأمريكية لما يخطط له ويدبر له.. وقد كان له ما أراد.. من مزرعة تكساس كانت موافقة بوش الابن ومن البنتاجون كانت مساعدة رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ومن الخارجية الأمريكية جاء بيان كولن باول المخزي المهين..
وبذلك تم نسج خيوط المؤامرة.. وحركت الدبابات الإسرائيلية والمجنزرات والجرافات كل إلى هدف مرسوم له بدقة متناهية.. تحركت جميعاً مع خيوط الفجر الأولى إلى مدينة رام الله الفلسطينية وبالتحديد إلى مقر أبو عمار ومن معه من رفاق السلام ظناً منهم أنها النهاية..
الفضائيات العربية والأجنبية تغنيني عن وصف ماحدث ويحدث في مقر الزعيم الفلسطيني حتى أصبح محاصراً في غرفة واحدة من المقر الذي يضم ثلاثة مبان ضخمة احتلتها جميعاً قوات الدولة العبرية، وكانت تلك نهاية الفصل الأول من المأساة.
الفصل الثاني
الفصل الثاني عبارة عن صفحة مشرفة في نضال الشعب الفلسطيني.. قائده أبو عمار رفض الاستسلام وقال قولته الشهيرة: «يريدونني أسيراً أو طريداًً أو قتيلاً.. ولكنني أقول لهم شهيداً شهيداً شهيداً» ما أروعك يا أبا عمار.. وما أروع فدائيينا ذكوراً وإناثاً وهم يحملون أرواحهم على أكفهم فداءً للمسجد الأقصى مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. انطلق الفدائيون من كل حدب وصوب يبثون الرعب في الجبناء وانطلق المارد من عقاله للثأر من الجبناء وإعادته إلى نصابه.. وليس مهماً ابداً أن توصف العمليات الاستشهادية بالإرهاب كما يدعي بوش أو غيره.. ولكن المهم أن تستمر وتستمر وتستمر.
الفصل الثالث
اقتحام وتدنيس لباحات المسجد الأقصى بعد صلاة الجمعة من قبل قوات الدولة العبرية أمام مرأى ومسمع من الجميع.. ولن أزيد..
الفصل الرابع
الصدمة أخذت الجميع.. لكن لابد من إفاقة.. وجاءت تلك عن طريق إجراء اتصالات عاجلة مع الإدارة الأمريكية ولكن هيهات.. الرئيس بوش مستغرق في نومه ولا يجرؤ احد على إيقاظه حتى يصبح الصباح في أمريكا وحتى ينتهي من تمريناته الرياضية الصباحية.. فذلك أهم مما يتعرض له الآلاف من الفلسطينيين من قتل وتخريب ودمار وكان لزاماً أن ننتظر حتى يطلع الصباح في أمريكا العامرة!!
الفصل الخامس
الحمدلله.. استيقظ الرئيس بوش من نومه وانتهى من تمريناته الصباحية وتناول إفطاره، وأبو عمار ومعه الشعب الفلسطيني يئنون تحت وطأة الاحتلال والقتل والدمار وكل ثانية تمر لها ثمن باهظ والجميع ينتظر أوامر الرئيس بوش وتوجيهاته..
ولكن ليت الرئيس ما استيقظ من نومه.. فقد اعتبرنا إرهابيين.. وأن فخامته متفهم جداً لما تقوم به الدولة العبرية من حق الدفاع عن نفسها.. وأنه يجب على الرئيس عرفات بذل المزيد من الجهد!! مع أن الرجل في غرفة تحاصرها الدبابات الإسرائيلية ولا حول له ولا قوة، وأن عليه أن يكبح جماح المتطرفين والإرهابيين من الفلسطينيين، وقبل هذا التصريح الخطير والمهم جداً.. قام كولن باول الذي كان مضطهداً ذات يوم في (دولة حقوق الإنسان) بسبب لونه.. قام هذا الكولن باول بعقد مؤتمر صحفي لم يخرج في مضمونه عما تحدث به الرئيس بوش، ولكنه اضاف (جزاه الله خيراً) أن على شارون ضبط النفس.
الفصل السادس
مجموعة من دعاة السلام الغربيين يقتحمون مبنى ومقر ياسر عرفات المحاصر من كل جانب أمام مرأى ومسمع من العالم كله.. ولكنه ليس كاقتحام دبابات المجرم شارون.. اقتحموا المبنى حتى وصلوا إلى غرفة أبو عمار واعتصموا معه تضامناً.. وعناق حار من أبو عمار لهم وكأنه وجد نفسه مرة أخرى وللعلم لايوجد عربي أو مسلم واحد مع هذه المجموعة..
الفصل السابع
شارون يكمل باقي مخطط الاجتياح وهو الآن قاب قوسين أو أدنى من اجتياح كل مدن الضفة الغربية والدمار والخراب والمجازر هي السمة الغالبة في أرجاء الضفة.. وهو الآن في طريقه إلى قطاع غزة حتى يكتمل المسلسل المأساوي، حتى عربات الإسعاف منعوها من التحرك لنقل الجرحى أما الشهداء فقد اكتظت بهم ثلاجات الموتى ولهذا الحد جاوز الظالمون المدى.. ولا يسمعون لنا صوتاً أو صدى!!
الفصل الثامن
بعض مقاطعات بلجيكا قطعت علاقاتها مع الدولة العبرية.. وتلك صفعة قوية لنا.. ولكن لا حياة لمن تنادي!!!
الفصل التاسع
الإدارة الأمريكية تعلن أن كولن باول سيزور المنطقة بعد أسبوع ووزراء الخارجية العرب في حيص بيص من أمرهم.. مختلفون على تسمية جدول الأعمال.. تصوروا!! كل ذلك بعد خراب مالطة!!! فقد أتى اليهود على مخيم جنين وأعادوا سيناريو مجزرة صبرا وشاتيلا ولكن هذه المرة من وراء كاميرات وأعين الصحافيين حيث إن مجزرة صبرا وشاتيلا مازالت ماثلة في الأذهان، كما انهم هدموا مسجد الخضرة أقدم مساجد مدينة نابلس وحاصروا كنيسة المهد في بيت لحم وبها أكثر من 200 فلسطيني تقطعت بهم جميع السبل وحتى نداء بابا الفاتيكان لم يشفع لهم ولم يفك حصارهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الفصل العاشر
بارقة أمل تطل علينا من بعيد وعلى استحياء.. حزب الله من جنوب لبنان يطلق صاروخاً من هنا وصاروخاً من هناك.. ولكن يخفت الأمل لأن هناك تحذيراً إسرائيلياً لكل من سورية ولبنان..
الفصل الحادي عشر
العرب والمسلمون.. ماذا هم فاعلون.. نحن في انتظار إسدال الستار على فصول المأساة حتى نستريح ونريح!! ولكن يبقى السؤال وهو عندما يكبر ولدي ماذا سأقول له؟