* القدس المحتلة خدمة الجزيرة الصحفية:
تعتبر آمال عزة نفسها محظوظة مقارنة مع الكثير من حوالي 300 ألف نسمة خضعوا مرة أخرى للاحتلال من قبل الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، فآمال التي تعيش في مخيم بيت جوبرين للاجئين في بيت لحم كان لديها مخزون من المواد الغذائية قبل أن تسيطر الدبابات الإسرائيلية على المنطقة منذ عشرة أيام ويضع الجيش الإسرائيلي المخيم تحت حظر صارم للتجول.
أما أخوها يونس فلم يكن محظوظا بنفس الدرجة، فلم يكن عنده خبز ليأكله وهذه هي أزمة أغلب سكان المنطقة، وبخاصة السكان الذين لديهم أطفال.
ووسط تصاعد الاتهامات الموجهة إلى الإسرائيليين من جانب جماعات حقوق الانسان بانتهاك حقوق الانسان فإن مفوضة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماري روبنسون تعتزم تكوين لجنة لتقصي الحقائق، تضم هذه اللجنة رئيس الوزراء الإسباني السابق فيليب جونزاليس ورجل الأعمال الجنوب إفريقي كريل رامافوسا الزعيم السابق لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي كان يتزعمه الزعيم الجنوب إفريقي نلسون مانديلا.
وبدا عمل هذه اللجنة معلق على موافقة الحكومة الإسرائيلية، تتضمن مهام هذه اللجنة إعداد تقرير حول العمليات «الاستشهادية» ومراجعة أوضاع حقوق الإنسان في الضفة الغربية والتي تتعرض حاليا لهجوم من جانب القوات الإسرائيلية.
وقد وصف مسؤولون في الأمم المتحدة الوضع في مخيمات اللاجئين بشمال الضفة الغربية بأنه «مروع تماما»، حيث تتعرض للقصف بالمروحيات الإسرائيلية ويتم تدمير المحاصيل الزراعية ويتم منع سيارات الإسعاف من التحرك وتمنع شاحنات الغذاء من الوصول إلى المخيمات، يقول ريكارد كوك المدير الميداني لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة «الأونروا» في الضفة الغربية أن هناك كارثة إنسانية تحدث في الضفة الغربية، كانت إسرائيل قد بدأت هجومها على الضفة الغربية بعد سلسلة من العمليات الاستشهادية الفلسطينية وقد فشلت جميع الضغوط الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة في دفع إسرائيل إلى وقف هجومها والذي يزعم مسؤولو الجيش الإسرائيلي أنه يهدف إلى تدمير ما يسمونه «البنية التحتية للإرهاب» من خلال اعتقال المتورطين في الهجمات الاستشهادية ومصادرة الأسلحة، وبالفعل قامت القوات الإسرائيلية باعتقال حوال 1500 فلسطيني حتى الآن بينهم 261 فلسطينياً من بين المطلوبين للسلطات الإسرائيلية وفقا لما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون.
ويزعم مسؤولو الجيش الإسرائيلي أنهم اتخذوا ما يلزم من احتياطات لتجنب إصابة المدنيين ولكن المقاتلين الفلسطينيين يتعمدون القتال في المناطق المأهولة بالسكان وهذا ما يسبب خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
كانت المخاوف على أوضاع المدنيين الفلسطينيين قد تزايدت من جانب جماعات حقوق الإنسان بسبب السجل الأسود لإسرائيل في هذا المجال، والواقع أن منع الصحفيين وممثلي جماعات حقوق الانسان من الوصول إلى المناطق الفلسطينية التي اقتحمتها القوات الإسرائيلية يزيد من هذه المخاوف.
كانت ستة منظمات لحقوق الانسان قد اجتمعت في القدس المحتلة وقالت انه في ضوء المعلومات القليلة التي يمكنهم الحصول عليها فإن السكان المدنيين يتعرضون لانتهاكات شديدة، وقد دعت إحدى هذه المنظمات وهي المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب الدول الأوربية إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، أما جيسكامنيل مديرة منظمة بيت سليم الإسرائيلية لحقوق الانسان فتقول ان هناك اتهمات كثيرة بشأن ما يحدث في المخيمات ولكن لا يمكن التأكد من هذه الاتهامات ولكننا متأكدين من حقيقة كبرى هي أنه هناك خسائر بشرية كبيرة ونقص حاد الخدمات الطبية للمصابين ومعاناة كبيرة للمدنيين وتعذيب للمعتقلين.
وقد رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون التعليق على اتهامات منظمة بيت سليم التي استندت على شهادات اجلنود الإسرائيليين في معسكر «أوفير» الإسرائيلي والمخصص لسجن المعتقلين الفلسطينيين.
تقول السيدة آمال عزة ان سكان المخيم لا يمكنهم شراء الطعام وأن رفع حظر التجول الذي حدث لمدة ساعتين لم يكن حقيقيا لأن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار وأصابوا عدداً من المواطنيين خلال رفع حظر التجول وعاد السكان إلى المنازل دون شراء شيء، كما أن الأدوية نفدت هي الأخرى، وتضيف آمال أن فتاة في المخيم أصيبت بالصرع ولم تتمكن من الحصول على الدواء إلا من خلال تدخل بعض الأجانب الموجودين في المخيم بعد تأخير لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، وأضافت آمال أن هذا شيء بسيط مقارنة بما يحدث فأنت هنا عموما لا يمكنك أن تتنفس الهواء.
فإذا كانت هناك دبابة بالقرب منك فلا يمكنك حتى النظر من النافذة لأنه قد يطلق عليك النار، وقد أكد بيتر هانسن مدير مكتب وكالة الأونروا في المخيم هذه الاتهامات وقال ان هناك تقارير عن فظائع كبيرة ترتكب في مخيمات جنين وبلاطة في شمال الضفة الغربية فالطائرات تقصف المناطق السكنية والدبابات تقصف المنازل بصورة منتظمة مما يسفر عن إصابة المئات والجرافات تهدم المنازل، والطعام والدواء ينفذان من المخيمات، كما يقول مسؤولو الأمم المتحدة أنه على القوات الإسرائيلية أن تسمح بمرور سيارات الإسعاف للمساعدة في إخلاء الجرحى وتوصيل الامدادات الطبية والغذائية الطارئة، ويقول مسؤولو الأمم المتحدة انه في المرة الوحيدة التي تم الحصول فيها على تصريح بتسيير سيارة الاسعاف تم اطلاق النار عليها أيضا.
ويضيف هؤلاء المسئولون أن جثث القتلى والمصابين تملأ ممرات مستشفى جنين وشوارع المخيم أيضا، كما أن غرف العلميات في هذا المستشفى قد توقفت بعد نفاد الأكسجين بها وكذلك الأدوية.
ويقول المتحدث باسم شارون رعنان جيسين انه يجب على القوات الإسرائيلية تفتيش سيارات الإسعاف لان الفلسطينيين يستخدمونها لنقل الأسلحة وهذا يبطىء حركة السيارات ولكن الفلسطينيين هم المسؤولون عن ذلك على حد زعم جيسين.
كما يزعم قائد الجيش الإسرائيلي أن الجنود يحاولون تجنب أي خسائر في صفوف المدنيين الأبرياء بقدر الإمكان وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لهم، ويزعم هؤلاء القادة أن الجيش الإسرائيلي يقدم للسكان الطعام والمياه والعلاج في المدن التي يهاجمها كما يسهل عمل المؤسسات الانسانية الدولية لمساعدة المدنيين عندما تسمح الظروف.
واتهم جيسين منظمات حقوق الانسان بالسماح لأنفسهم بتبني القضية الفلسطينية، وقال جيسين انه يرى الكثير من الأكاذيب وفي كل مرة يواجه الفلسطينيون مشكلة تصدر مثل هذه التقارير.
أما ديفيد كيميش المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية فيقول للأسف فإن تقارير منظمات حقوق الإنسان غير فعالة وإسرائيل يمكنها أن تتأثر فقط بما يقوله أو يفعله الأمريكيون.
بن لينفيلد كريستيان ساينس مونيتور «خاص» |