مثلما تبدو قامة العلاَّمة حمد الجاسر في نجد تكون قامة محمد أحمد العقيلي في الجنوب.
ومثلما قدَّم الجاسر لأرضه ولأهله وسعى في مناكب التاريخ، ومنابت الشجر، وحفر في اعماق التراث لتجسيد امجاد امته قدم العقيلي لذات الأرض ولعين الأهل، ومن ثم فان رحيله محطة ألم واستذكار، ألمٌ على فراق لم نرقبه، واستذكار لمنجزات زهدنا بها، حتى اذا طواه الثرى نفرنا مسرعين لاستذكاره من خلالها.
سوف يمتد معنا الحزن.
وسوف تمتد معنا أحاديث التأبين والتفجع وفي النهاية سنفرغ لاستقبال احداث اخرى: سعيدة وحزينة، والامل والنسيان نعمتان يخفف بها الإنسان وطأة المصاب.
بقي ان نعيد العقيلي الى الساحة من خلال ندوات علمية متخصصة نستعرض فيها منجزاته.
ومن خلال اعادة طباعة كتبه المتعددة الاهتمامات ومن خلال توجيه الدارسين الأكاديميين إلى اعماله التاريخية والجغرافية والأدبية لتكون حاضرة المشاهد الثقافية محليا وعربيا.
والملاحق الصحافية أسهمت بما يستحق العقيلي من تكريم، والعقيلي الذي فقدته المحافل العلمية والمشاهد الثقافية طاقة علمية وادبية متميزة.
ويتوفر على مواهب متعددة فهو عالم جغرافي حدد معالم الجنوب، وعالم تاريخي رصد احداثه ومحطاته التاريخية، وشاعر موهوب سجل الاحداث الهامة، وهو فوق ذلك صاحب اهتمامات متعددة امتدت الى التراث الشعبي والامثال.والعقيلي من الكفاءات العلمية النادرة، وفقده سيترك فراغا معرفيا، واحتفاء النخب الفكرية والادبية به يعد رحيله امتداد للاحتفاء به في حياته على كل المستويات.
وكم اتمنى توفر الجهد والوقت لاعادة قراءتي عن بعده الادبي، وقد سبق لي ان درست شعره في رسالة الدكتوراة «النزعة الاسلامية في الشعر السعودي المعاصر».
ولما تزل هناك بقايا في البعدين المعرفي والأدبي لدى الراحل الفقيد.
رحمه الله رحمة واسعة.
* رئيس نادي القصيم الأدبي
رئيس المكتب الاقليمي لرابطة الادب الاسلامي
استاذ بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
|