لقاء خالد الدوس:
طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والاجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة واسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل اسماؤهم محفورة في الذاكرة.
ومن هذا المنطلق حرصت «الجزيرة» على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والاسماء على صفحات كل جمعة.
ضيفنا هذا الاسبوع نجم فريقي النجمة والشباب في الثمانينات الهجرية الدولي السابق راشد الجمعان.. الذي برز وتألق في بداياته الرياضية كمهاجم واعد توقع البعض له مستقبلا كرويا مشرقا مع فريقه.. في ظل امكاناته الفنية الجيدة التي كان يتميز بها آنذاك..
وبعد دمج فريقي شباب الرياض والنجمة اواخر عقد الثمانينات كان من ابرز الاسماء التي انضمت لشيخ الاندية.. بجانب فهد بن بريك وعمر حامد وعبد اللطيف الملقب ب«لطفي» لتتجلى نجوميته في المنطقة الخلفية وتحديدا في خانة الظهر الايسر بصورة اكثر فعالية.
فتوَّج مشوار نجاحه باختياره لاول مرة ضمن تشكيلة الفريق السعودي لدورة كأس الخليج الثالثة بالكويت عام 1394ه، ثم تلا ذلك انضمامه لمنتخب المملكة الرمزي.
ورغم حساسية مركزه كمدافع الا ان قدراته التهديفية لم ينضب معينها .. بل واصل تهديفه وهز الشباك حتى انه نال لقب «وصيف هداف الدوري الممتاز» موسمين متتاليين في الحقبة التسعينية.
كما يعتبر النجم المثالي «راشد الجمعان» اللاعب الشبابي الوحيد في عصره ممن نجحوا في الجمع ما بين المستوى الفني والخلقي الرفيع فطوال مشواره الرياضي الذي بلغ 14 عاما لم يصدر منه سوء سلوك او طبق بحقه قرار ايقاف او نال عقوبة مدركا في هذا الجانب ان الاخلاق الفاضلة تعد نبراسا يضيىء طريق النجومية داخل ميدان التنافس.
واليوم وعبر الحلقة الثانية والاخيرة يواصل ضيفنا الكريم سرد ذكرياته الرياضية الماضية بحلوها ومرها نتناولها عبر السطور التالية:
ذكريات الأخضر..!
اختياري لأول مرة لمنتخب المملكة كان في النصف الأول من الحقبة التسعينية.. وتحديدا قبل انطلاقة دورة كأس الخليج الثالثة بالكويت عام «1394ه 1974م» بأشهر، حيث ضمني المدرب العربي «محمد عبده صالح الوحش» مدرب المنتخب آنذاك وأتذكر في شهر رجب أننا عسكرنا في بيوت الشباب بالمربع لمدة شهرين تقريباً.. ثم سافرنا للكويت قبل انطلاقة الدورة بأيام طبعاً كان التحضير جيد جداً واستفدنا كثيراً. بقيت احتياطياً في هذه البطولة لزميلي المدافع الكبير علي عسيري مدافع فريقي «الاتحاد والأهلي» ثم اخترت أيضاً لمنتخب المملكة الرمزي وشاركنا في كذا مناسبة رياضية.. طبعاً استمررت في تمثيل المنتخب حتى أواخر تلك الحقبة.
خليجي «3» !!
أتذكر جيداً أنه في بطولة كأس الخليج الثالثة شهدت فعالياتها أول نقل حي عبر الشاشات الفضية لجميع المباريات.. كما شهدت البطولة تطبيق نظام المجموعتين للوهلة الأولى.. حيث ضمت المجموعة الأولى السعودية والبحرين والإمارات وضمت المجموعة الثانية الكويت «حامل اللقب» وقطر وعمان.. طبعاً حققنا نتائج متميزة وتصدرنا مجموعتنا بكل جدارة.. ثم أقصينا المنتخب القطري.. صاحب المركز الثاني في مجموعة الكويت وذلك في الدور قبل النهائي.. لنلاقي شقيقنا المنتخب الكويتي في المباراة النهائية التي خسرناها ب«4/ صفر» كانت حقيقة مفاجأة مذهلة لأفراد المنتخب..!
عوامل الإخفاق!!
من أقوى الأسباب التي ساهمت في خسارتنا للمباراة النهائية أمام الكويت.. تعرض البعثة السعودية في الفندق لازعاج مستمر، حيث تجمهرت بعض الجماهير الكويتية حول الفندق الذي كنا نسكن فيه ليلة المباراة.. وأخذت تطلق الأصوات العالية والأبواق الأمر الذي أفقدنا «لذة النوم»، بل إن البعض لعب المباراة وهو مواصل بسبب تلك السلوكيات المشينة.. أيضاً تم منع دخول الجماهير السعودية الكبيرة التي جاءت لمساندة ومؤازرة الأخضر حيث سمحوا بدخول فئة قليلة بحجة أن مدرجات الملعب «خشبية» ولا تتحمل تلك الطاقات.. ناهيك عن مستوى حارسنا أحمد عيد الذي كان مهزوزاً حيث استقبلت شباكه هدفين مبكرين أحبطت نفسياتنا فاستغلوا تواضع مستواه لنخسر بالأربعة كانت خسارة مؤلمة لنا وخصوصاً أن مستوانا طوال أيام الدورة كان متميزاً وحققنا «3» انتصارات متتالية.
مشاركة مثمرة
بلا شك اعتز كثيراً بمشاركتي مع المنتخب في تلك البطولة حيث استفدت من الاحتكاك ببعض زملائي اللاعبين «فنياً» أمثال علي عسيري وعبدالرزاق أبو داود وناصر الجوهر وادريس آدم وخالد التركي والصاروخ وغيرهم من اللاعبين..
أمام العميد لعبت أجمل مباراة!
من المباريات التي أعتبرها الأجمل في حياتي الرياضية.. مباراتنا أمام فريق الاتحاد حيث جمعنا به لقاء ضمن لقاءات الدوري في النصف الثاني من عقد التسعينيات الهجرية وانتهت لصالح العميد «7/4»!!
ورغم خسارتنا الثقيلة إلا أنني اعتبرها الأفضل بالنسبة لي حيث قدمت مستوى كبيرا وتوجته باحرازي «3» أهداف «هاتريك» خطفت بها نجومية تلك المباراة وبشهادة المتابعين..
عصبية ريفالينو!!
من اللاعبين الذين وجدت صعوبة بالغة في مراقبتهم بالتأكيد نجم فريق الهلال البرازيلي الشهير «ريفالينو» فهذا اللاعب من الصعب مراقبته والحد من خطورته بيد أن مشكلته أنه سريع الانفعال والغضب ويستطيع أن يرد اعتباره بسرعة إذا حاول أي مدافع الاعتراض عليه أو أعاقته، فقد كنت أتهرب من مراقبته نظراً لخطورته وصعوبة متابعته داخل أرضية الملعب.
الإعداد النفسي
«بالتأكيد كنا نخسر من شقيقنا فريق الهلال بالذات في حقبة التسعينيات» بسب سوء الإعداد النفسي حيث تخصص في كسب الشباب حتى وهو في أسوأ حالاته الفنية بسبب ذلك.
هذه المشكلة عانى منها كذلك الهلاليون في تلك الحقبة حيث تخصص النصر في الفوز عليهم ولاسيما في اللقاءات الحاسمة لذات السبب إذاً يبقى السر في الإعداد النفسي الجيد الذي يلعب دوراً مؤثراً في رسم ملامح النجاح لأي فريق..!!
خطورة الدنيني..!
لعبت ضد العديد من المهاجمين ولكن يبقى مهاجم فريق النصر الكبير الراحل «أحمد الدنيني» «رحمه الله» الأخطر نظراً لتحركاته المزعجة التي تعتمد على البنية الجسمانية القوية وقدراته التهديفية البارعة فضلاً عن ذكائه الفطري داخل المنطقة الجزائية، وأحب أن أذكر هنا أن الدنيني صنع للنصر انجازاته وكتب لفريقه أول سطور الذهب وهذه حقيقة يجب أن تقال..!!
تضحيات أبي حامد!!
الأستاذ محمد بن جمعة الحربي.. الشبابي المخضرم.. يعتبر في الواقع من الإداريين المتميزين الذين عملوا داخل الدهاليز الشبابية «اخلاصاً وخلقاً» فقد ضحى أبو حامد بوقته وجهده وبنفسه من أجل «شيخ الأندية»، يكفي أنه ساهم في حفظه من الضياع بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الحل والتفكك في فترة من الفترات ومهما أتحدث عن هذا الرجل المحبوب فشهادتي فيه مجروحة.
شيخ الأندية وقع ضحية لقطبي الوسطى
غياب فريق الشباب عن ساحة البطولات ولاسيما في حقبة التسعينات بلاشك له أسباب عدة.. منها عدم وجود مقر متكامل للنادي يحتضن معسكراته آنذاك وأتذكر جيدا أننا استأجرنا فيلة في العليا خاصة لمعسكرات الفريق طبعا لم تكن في الحقيقة مهيأة لاستقبال المعسكرات.. أيضا عدم وجود ملعب خاص للفريق وأتذكر ان فرق الشباب والهلال والنصر والرياض كانت تتدرب على ملعب واحد بمعدل ساعة أو ساعة ونصف لكل فريق وهنا تكمن الصعوبة في تهيئة واعداد اللاعبين فنيا ونفسيا ناهيك عن عدم امتلاكنا لقاعدة جماهيرية، حيث انها تلعب دوراً حيويا في بث الحماس ورفع درجة إخلاص اللاعب (ميدانيا). وقد يكون الشباب سيئ الحظ باعتبار انه وقع ضحية لقطبي الوسطى الهلال والنصر اللذين تقاسما الجماهير بالمنطقة الوسطى..!!
هبوط الشباب
هبوطنا للدرجة الأولى عام 1396ه 1397ه كان عمداً وذلك كخطوة تصحيحية لتسريح مجموعة من اللاعبين الذين انعدم عندهم الولاء والانتماء لفريقهم فضلاً عن سلوكياتهم السلبية.. ففي عهد رئاسة الأمير خالد بن سعد اتخذت الإدارة هذا القرار الصعب لبناء فريق جديد قادر على حمل الشعار بكل اخلاص وولاء وبالفعل هبط (الشباب) وتم تسريح هؤلاء مع الابقاء على بعض العناصر البارزة أمثال ابراهيم تحسين والصاروخ والصومالي طبعاً كنت كابتن الفريق آنذاك وشاركنا في دوري الدرجة الأولى وصعد الفريق بجيل جديد ساهم في ظهوره بصورة أكثر روعة وجمالاً في دوري الأضواء، بل انه نافس بقوة على بطولات الموسم المحلية بعد ذلك.
إنجاز شخصي!!
أبرز الانجازات الشخصية التي اعتز بها حصولي على لقب وصيف هداف الدوري الممتاز موسمين متتالين في حقبة التسعينات وسط وجود مهاجمين أفذاذ وأسماء رنانة ورغم ان دوري الأصيلي مدافع نجحت في التفوق على هؤلاء المهاجمين في احراز الأهداف والمنافسة على اللقب حتى آخر لحظة..!!
اعتزال الكرة
استمررت في الملاعب حتى أواخر عام 1400 ه، حيث أعلنت اعتزالي وهجرت الكرة بعد مشوار طويل بلغ (14عاماً) قضيتها في ميدان الركض ومن أقوى الأسباب التي ساهمت في اتخاذ هذا القرار.. هو الملل والتشبع فكان الاعتزال وأنا في قمة مستواي الفني ونضجي الكروي هو أفضل شيء للاعب العاقل.. وأتذكر آخر مباراة لعبتها كانت ضد فريق أحد من المدينة في ملعب الملز عام 1400ه وكسبناه 2/صفر كانت تلك آخر عهدي بالكرة..!!
البطاقة اليتيمة!!
رصيدي من الكروت الملونة فقط (كرت أصفر يتيم)!! حصلت عليه لأول مرة في حياتي الرياضية.. ولهذا الانذار قصة.. أتذكر في عام 1400ه حصل نقاش بيني وبين زميلي (وظيفياً) الحكم الدولي السابق عبدالله الناصر وأخبرته انني وطوال مشواري الكروي لم أحصل على أي بطاقة ملونة.. وتطور هذا النقاش ووصل لدرجة التحدي بيني وبينه المهم جاءت مباراة الشباب وأحد آخر مباراة ألعبها وتم إسنادها للحكم (عبدالله الناصر) والذي يبدو انه أراد ان يشوّه سجلي السلوكي النظيف بهذه البطاقة الصفراء (قالها ضاحكاً) حين منحني إياها بعد احتكاك عفوي مع مهاجم فريق أحد (..)!! لا أذكر اسمه وأتذكر جيداً انه بعد ان أشهر الكرت الأصفر في وجهي كان يبتسم كثيراً وكان لسان حاله يقول كسبت التحدي!!!
والحقيقة اعتز كثيرا انني غادرت الساحة الرياضية بكرت أصفر وحيد.
تجربة إدارية
خضت تجربة إدارية جديدة عقب الاعتزال.. فبعد عودتي من أمريكا، حيث أنهيت هناك دورة في مجال عملي لمدة (10) أشهر.. عملت بعد ذلك كمدير كرة بالفريق الأول واستمررت (3) أشهر وبسبب ظروفي العملية المتمثلة في ترشيحي لإدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم الأمر الذي تطلب مني عدم مزاولة العمل في أي نادٍ قدمت اعتذاري من مواصلة العمل بنادي الشباب..!!
لاعب اليوم ولاعب الأمس
ثمة فرق كبير وبون شاسع بين لاعب الأمس ولاعب اليوم ففي الماضي كنا نزاول رياضتنا المفضلة «كرة القدم» برغبة صادقة وانتماء حقيقي.. كنا بالفعل نحبذ الانضباطية على أرض الواقع من خلال حضورنا للتدريبات اليومية قبل بدايتها بساعة أو ساعة ونصف وأحيانا نذهب في عز الظهر..!!!
جيل الامس .. جيل الموهبة.. على العكس اليوم الذي غابت فيه المواهب وندرت رغم توفر الامكانات والامتيازات في الوقت الحاضر.. مع ذلك نجد انها لم تستثمر بالصورة التي تكفل الارتقاء بمستوى اللاعب وتطويره فنيا لاسيما في ظل نظام الاحتراف الذي أحدث بلا شك ثورة كروية للرياضة السعودية واتمنى حقيقة ان يدرك جيل اليوم نظام الاحتراف وتطبيق أنظمة بحذافيرها!!
الأمير فيصل بن فهد!!
برحيل الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) فقدت في الواقع رجلاً عظيماً كان نموذجاً فريداً يحتذى به في كافة الجوانب والمناحي.. عملت تحت إدارته وعلى مدى أكثر من عقدين ونصف فكان الاستاذ والمربي والقدوة الحسنة للجميع ومهما أسرد أو أتحدث عن مواقفه الإنسانية ومآثره العظيمة فان المقام يطول بنا.. وعزاؤنا الوحيد ان الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب خير خلف لخير سلف.. في شخصيته الإدارية ومواقفه الإنسانية الجمة.. ومعه في هذا الصدد الأمير الشاب نواف بن فيصل بن فهد نائب الرئيس العام لرعاية الشباب) الذي نهل من مدرسة والده كل العلوم التربوية والإدارية والإنسانية.. والحقيقة ينتابني شعور بالفخر والاعتزاز كوني أعمل تحت إدارتهما.
شخصيات بارزة!!
في حياتي الرياضية شخصيات رياضية بارزة وجدت منهم كل الدعم والتشجيع إبان حياتي الكروية وهؤلاء لا تزال أسماؤهم عالقة في الأذهان والوجدان فهم الأمير عبدالله الفيصل (حفظه الله) والأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) والأمير فهد بن ناصر والأمير خالد بن سعد والشيخ عبدالرحمن بن سعيد والشيخ محمد الصايغ (رحمه الله) وبالتأكيد سأظل أدين لهم بالشيء الكثير والكثير..!!
لم أحقق طموحاتي الرياضية!
لم أحقق طموحاتي الرياضية جميعها.. فقد كنت أتمنى لو حصلنا على بطولة أو بطولتين وقدمناهما لأنصار ومحبي الفن الشبابي ولاسيما ان الفريق الأبيض خسر بطولات كان الأحق بها مشيرا إلى أن سوء الطالع رسم ملامح هذا الحرمان لشيخ الأندية سنوات طويلة..!!!
الاستفادة من اللاعبين السابقين
أتمنى حقيقة ان تستفيد الأندية المحلية من اللاعبين القدماء فلاعب مثالاً قضى في ميدان الكرة 15 10 سنوات يجب الاستفادة من خبرته وكفاءته سواء كمدرب أو إداري، أرجو ان تضع الأندية ذلك في الاعتبار مستقبلاً!!
|