مما يدعو إلى السخرية أن عددا من اليهود يعيشون براحة في ألمانيا لكنهم يصرون على اتهام العرب بالعداء للسامية وعلى أنها حسب ادعائهم مظهر أساسي في التراث الإسلامي لا يمكن مجابهتها الا بالقوة الساحقة للمدرعات إن هذه المدرعات التي تزرع الخراب والخوف في أرجاء الضفة الغربية لا تمثلني ولم يستشرني أحد قبل القيام بهذه الأفعال لكنها توصف بالمدرعات اليهودية أي إنني وإياها نحمل شبها عائليا يعود بنا إلى أم واحدة لذلك فأنا معني بهذه القسوة التي تمارس من قبل شعبي.
بعضنا يحاول الربط قسرا بين ذاته والآخرين من خلال مجازر أرئيل شارون بينما ينغمس الآخرون بما يجري وكأن العرض الوحشي لقوة الجيش الإسرائيلي ضرورية لبقاء الدولة اليهودية واتمنى لو باستطاعتي الاعتقاد بأن مناصري السلام من اليهود الأمريكيين أكثر من المتحمسين للحل العسكري لكن بريدي الإلكتروني والمحادثات التي تجري من حولي تنسف هذا الأمل.
وعلى الرغم من أن اليهود ليسوا منغلقين على ذاتهم حتى في نظرتهم الى إسرائيل فإن حضورهم القوي في الأحاديث الإعلامية يتعمد ابعاد الأمريكيين من أصل فلسطيني، وعمليا فإن الامريكيين من أصل فلسطيني وهم عرب في الأساس يشكلون أشباحا تصطادها غرف الأخبار الأمريكية عبر إحراج رجال الإعلام بمسألة تجاهل قضاياهم فنحن كصحفيين لا نعرف عنهم الكثير ولا نعرف الكثير عما يعانونه من حزن اوتجاهل لمسائلهم وفي احسن الحالات نقدم آلامهم بشكل مجرد.
في وقت تبقى حكايا العائلات اليهودية عن المظالم او المذابح المدبرة من قبل القياصرة ومحارق الهلوكوست وعداء السوفييت للسامية مهيمنة داخل الثقافة الأمريكية وتهمل بشكل منظم قصص مروعة عن معاناة العرب لكن طالما أن الإعلام لم يجد سابقا في موت السود واللاتينيين داخل أحيائهم المغلقة أي بشاعة يجعل منها حدثا إخباريا وذلك نتيجة غيابهم عن غرف الأخبار فلن يكون باستطاعة الإعلام الهروب من الصور المحرفة ولن يستطيع نقل الوضع لليهود او غير اليهود بأن أرواح العرب ليست رخيصة.
وعلى الرغم من التأكيدات والتنبيه من مختلف الهيئات الإعلامية في العالم بأن التنويع ضروري لتحسين الشكل الإخباري الا ان العرب تم استثناؤهم من هذا الأمر واهملت اخبارهم ويبدو من غير المناسب وخصوصا أثناء النزاع العربي الإسرائيلي إهمال الأخبار التي تصلح كعناوين للصفحة الأولى بينما تتم تغطيتها بشكل مختلف في الصحف الأوروبية نتيجة الأصوات العربية المندمجة بصورة أقوى في أوروبا.
كان بيلي غراهام واحدا ممن اعترفوا بهذا الخلل دون أن يغرق في افتراءات معاداة السامية وهو شخص عمل في إدارة ريتشارد إم نيكسون الثانية وقال عبر شرائط تسجيل سجلت قبل 30 عاما وتم إطلاقها مؤخرا ان اليهود يسيطرون على الإعلام رغم أنهم لا يملكون مؤسساتها ولا يوجد صحفي يهودي واحد يعمل وفق خط مشترك مع إسرائيل وهم أقل ميلا للاعتذار من الإسرائيليين من جراهام نفسه الذي انحنى امام التسلط الإسرائيلي بطريقة من الطرق.
بالنسبة إلى نيكسون كان هناك يهود جيدون مثل المتحدث باسمه وليم سافير والذي كان يقدم له حماية من الخلف وأصبحت مقالاته الحالية في صحيفة النيويورك تايمز تقدم الدعاية الأكثر تأثيرا لشارون.
إن شارون نفسه رجل بربري في اندفاعاته وقدم عرضه في الإرهاب ضد المدنيين بوضوح قبل عقدين من الزمان في لبنان ويقدمه الآن في الضفة الغربية فهو كان متوافقا في سياسته مع التصعيد ومناهضاً لكل جهود السلام مهما كان مضمونها ويزرع الان بمدرعاته السم داخل الأرض لتعاني منها الأجيال القادمة.
وإذا كان صحيحا ان عرفات سمم الأرض أيضا تحت قدميه وشارك بهذه المسؤولية لتعطيل عملية السلام لكن الإعلام وحتى آخر لحظة يستمر في توبيخ عرفات بينما شارون والذي يعتبر سلوكه أكثر بشاعة نادرا ما يتم انتقاده.
ولا يقل سوءا اخلاقيا رضوخ الكثير من اليهود في إسرائيل وخارجها لجرائم شارون البشعة.
كاتب في صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» خدمة الجزيرة الصحفية |