* القدس خدمة الجزيرة الصحفية:
شككت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية في جدوى استعراض القوة العسكرية الإسرائيلية وحدها داعية إلى وجوب انتهاج الفطنة من أجل انهاء العملية العسكرية.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها التي بعنوان: «قوة وفطنة»: كلما استمرت عملية السورالوقائي سجلت إنجازات مهمة تتمثل في إحباط العمليات التخريبية الدموية واعتقال أو قتل المسؤولين عن تنفيذها وكشف الكثير من معامل صنع المتفجرات وكميات كبيرة من المواد التخريبية كما تأكد للمنظمات الفلسطينية أن أية مدينة أو قرية أو مخيم للاجئين لن يكون بعيداً عن رد جيش الدفاع الإسرائيلي. وفي مقابل هذا الجانب الإيجابي أخذت جوانب سلبية أخرى في التراكم. منها محنة السكان الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية والسخط المتزايد في العالم وعدد القتلى الآخذ في التزايد بين جنود الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود وخاصة في جنين وبين قوات الاحتياط، ونفاد الصبر الأمريكي الذي تمثل في الدعوات المتكررة من جانب بوش بالبدء في إخلاء المدن التي تم احتلالها حتى إن رئيس الحكومة أمر الجيش بإخلاء طولكرم وقلقيلية.
وأضافت الصحيفة أن المعارك التي جرت في مخيم جنين والتي قتل خلالها 13جنديا إسرائيليا كشفت عن وجود خلل معين في إعداد العملية العسكرية لكن الخلل الأهم هو الخلل الأساسي في موقف حكومة شارون: افتقاد ذراع سياسية إلى جانب الذراع العسكرية وهذا هو السبب الرئيسي للفشل الإسرائيلي في المعارك الدبلوماسية والإعلامية في العالم. وطالما بدت إسرائيل تحت زعامة شارون في صورة سياسية متصلبة فلن تكون التضحية بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي وحدها كافية.
لقد استعرضت إسرائيل قوتها وعليها أن تستعرض فطنتها وفي تعليق حول صمت المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على مقتل 13 جنديا إسرائيليا في جنين أمس كتب رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لجريدة «يديعوت أحرونوت» مقالا تحت عنوان: «عندما يصمت المتحدث» جاء فيه: ولّد الحدث القاسي في جنين. والذي قتل فيه 13 جنديا موجة من الإشاعات غير المسبوقة منها أن طائرة عمودية قد أسقطت في نابلس فوق قوة إسرائيلية وأن نائب رئيس الأركان قد قتل وهو يفك فتى فلسطينيا من قيوده فانفجر الفتى وغير ذلك إشاعات عن ولاء الوحدات العسكرية المنخرطة في القتال وإشاعات عن نابلس وعن الخليل وغيرها فماذا كان تعليق جيش الدفاع الإسرائيلي على ذلك؟. لا شيء لم يكلف أحد في الجيش نفسه بإيضاح الأمور أو شرحها وطمأنة الناس وما الذي فعله الإعلام الإسرائيلي كله (بما في ذلك موقعنا الإلكتروني)؟ لاشيء صمت لقد صمتنا لأننا جميعا مكبلون باتفاق غير مكتوب بين هيئة التحرير (لكبرى وسائل الإعلام) والجيش ويقضي هذا الاتفاق بأن تصادق الرقابة العسكرية على كل خبر يتعلق بجيش الدفاع الإسرائيلي وعدم نشر تفاصيل عن سقوط جنود قبل نشر بيان رسمي من المتحدث باسم الجيش لكن المتحدث صمت. من جانب آخر تناول المحلل السياسي «ناحوم برنياع» أحداث مخيم جنين في مقالب جريدة «يديعوت أحرونوت» أمس تحت عنوان: «دروس جنين» جاء فيه: بعد أن وصل عدد الجنود الذين قتلوا في مخيم جنين للاجئين إلى 14 قتيلا غير الجيش الإسرائيلي من طريقة العمل هناك فقد تم إدخال السلاح المهول والمرعب في الحرب الحالية إلى المنطقة ألا وهو: داى ناين البلدوزر الضخم التابع لسلاح الهندسة فبدلا من أن يسير الجنود من بيت إلى بيت فإن البلدوزر سيقوم بالمهمة. وأضاف الكاتب إن الجيش الإسرائيلي يعزو إلى عملية السور الوقائي الإنجازات التالية: منع العمليات الإرهابية داخل إسرائيل ومنع الفلسطينيين من ابتزاز إسرائيل سياسيا من خلال العمليات الإرهابية ومعالجة الإرهاب إلى حد ما بالوسائل العسكرية.
ومن ناحية أخرى فإن الثمن يتمثل في: أن الدخول إلى المناطق الفلسطينية ليس نزهة حيث يدفع الجنود حياتهم لقاء هذا الدخول وأن العالم لا يوافق على الإجراءات العسكرية الإسرائيلية وأن أمريكا تمارس ضغطا وأوربا تقاطع، وأن الوقت آخذ في النفاد. أما في حي المقاطعة برام الله (حيث يوجد عرفات) وفي بيت لحم (حيث كنيسة المهد) فإن الفلسطينيين لقنوا إسرائيل درسا في حدود القوة. واستطرد الكاتب يقول: سيحاول الفلسطينيون بعد أن يخرج جيش الدفاع الإسرائيلي من المدن الفلسطينية أن يحصلوا على نوع آخر من الثمن من إسرائيل: فهم يعتزمون جمع جثث الشهداء في مقابر جماعية وعرضها كضحايا لمذبحة جماعية على غرار صبرا وشاتيلا وستبدو إسرائيل في نظر العالم كمجرمة حرب أكبر من الصرب في البوسنة وقد بدأ نقاش حول هذا الأمر المقلق بين الدوائر العسكرية (الإسرائيلية). وكان ثمة اتفاق بوجوب نقل هذه الجثث (الفلسطينية) إلى داخل إسرائيل ودفنها.
وفي جريدة «معاريف» الإسرائيلية كتب حيمي شاليف مقالا تحت عنوان و«ماذا بعد»؟ (بعد العملية العسكرية) جاء فيه ضمن أمور أخرى: دخلت إسرائيل حرب المناطق الفلسطينية بعاصفة لكنها ستخرج منها بولولة حقا أعد جيش الدفاع الإسرائيلي عشرات الأوامر العملياتية المفصلة والدقيقة لاحتلال المدن الفلسطينية لكنه لم يعد خطة واحدة للخروج منها أما الوضع على المستوى السياسي فإنه عكس ذلك تماما لكنه ليس أفضل فالحكومة لم تجر النقاش الاستراتيجي الذي وعدت به ولم يتضمن قرارها الخاص ببدء عملية السور الوقائي أي إشارة تحدد نهايته.
لقد عرفت إسرائيل جيدا كيف ولماذا تبدأ الحرب لكن ليس لديها فكرة كيف ستنتهي وقد تكون النتيجة شيوع الفوضى والعصابات المسلحة في المناطق التي سوف يخليها الجيش (بعد تدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية). والمعنى هو أن الانسحاب إذا حدث سيكون مؤقتا فقط ولذا قد تكون هذه العملية الحالية مقدمة فقط لسيطرة أشمل على ما تبقى من أراضي السلطة الفلسطينية.
|