* رام الله بقلم هشام عبد الله ا.ف.ب:
ظل الجيش الاسرائيلي وعلى مدار تسعة ايام متتالية يصب نيران مروحياته الهجومية ودباباته ومصفحاتة على نحو 12 الف فلسطيني في مخيم جنين بشمال الضفة الغربية مستهدفة المئات المقاتلين الذين أبوا الاستسلام وفضلوا القتال حتى آخر طلقة حيث نفدت ذخائرهم في نهاية الامر.
واعاد الهجوم الذي سقط فيه عدد غير مسبوق من الجنود الاسرائيليين إلى الاذهان قصة اللجوء الفلسطيني منذ نكبة عام 1948 والتي ظل المخيم الشاهدالرئيسي عليها.
ولم تمض ايام على اجتياح القوات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية في التاسع والعشرين من شهر اذار/مارس الماضي حتى راح الجيش الاسرائيلي يدفع بأفضل وحداته ويعزز حصاره على مخيم جنين.
وشرع الجيش الاسرائيلي الذي ارسل مروحياته ودباباته في سماء وعلى اطراف المخيم قصفا مكثفا لمنازل المخيم وحاراته الضيقة لدفع المقاتلين إلى الاستسلام.
لكن مجموعة المقاتلين المؤلفة من مختلف التنظيمات والفصائل الوطنية والاسلامية أبدت مقاومة نادرة بل انها تحولت إلى الهجوم وراحت توقع خسائر في صفوف الجنود الاسرائيليين.
ومع مرور الوقت وصمود المقاتلين قرر رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال شاؤول موفاز الاشراف بنفسه على إدارة المعركة. لكن الهجوم الذي أرادت له اسرائيل ان يظل عسكريا تحول في وقت قصير إلى مواجهة مع سكان المخيم العزل عندما راحت جرافات الجيش الاسرائيلي تدمر منازلهم لتفتح الطريق لدباباتها وجنوها للوصول إلى حارة الحواشين في قلب المخيم حيث تحصن المقاتلون.
وروى شهود معظمهم نساء واطفال طردهم الجيش من المخيم كيف دمر الجنود منازلهم وطاردوهم بالجرافات من منزل إلى آخر قبل ان يجبروهم على الفرار عراة حفاة.
وأكد هؤلاء انهم شاهدوا الجنود الاسرائيليين وهم يجبرون الرجال والشبان على الانبطاح ارضا ويطبعون اختاما على اجسادهم قبل ان يقتادوهم إلى جهات مجهولة.
وقالت ام رائد القريمي (45 عاما) إحدى الشهود وهي تجهش بالبكاء «لاحقتنا جرافاتهم من بيت إلى بيت ثم وصل الجنود واقتادوا زوجي وولدي».
وأضافت « لقد أردوا جارنا رجا ابو السباع (70 عاما) بدم بارد وقتلوا زوجة وابنة جارنا عيسى الوشاحي».
لكن نقطة التحول الأكبر كانت يوم الثلاثاء عندما سقط 13 جنديا اسرائيليا في كمين نصبه المقاتلون الفلسطينيون.
ولم تمض ساعات حتى شدد الجيش الاسرائيلي هجومه على المخيم ودفع بتعزيزات جديدة وصعد عملية قصفه الجوي والبري للمخيم.
وقال نايف سويطات وهو أحد مسوؤلي حركة فتح في مدينة جنين لوكالة فرانس برس «دفع الجيش الاسرائيلي نحو 100 دبابة وأكثر من الف جندي وكانت مروحيات الكوبرا والاباتشي الأمريكية الصنع تطلق صواريخها على المخيم دون انقطاع».
وفي غضون ذلك كانت جرافات الجيش تقوم بهدم عشرات المنازل في المخيم لشق طرق لدباباته للوصول إلى حي الوشاحين حيث المقاتلين.
وقال مقاتلون اتصلت بهم وكالة فرانس برس ان جثث الضحايا كانت تملأ الشوارع فيما غصت كل الاماكن بالجرحى في الوقت الذي ظل الجيش الاسرائيلي يمنع فيه دخول الطواقم الطبية وسيارات الاسعاف والصحافة.
وقال جمال ابو الهيجا احد المقاتلين «انهم (الجنود) يهدمون المنازل على من فيها وتقوم جرافاتهم بازالة ركام الانقاض والجثث تحته».
وأعرب عضو الكنيست الاسرائيلي احمد الطيبي عن خشيته من ان يكون الجيش الاسرائيلي «يحاول اخفاء معالم جريمته».
وقال الطيبي لوكالة فرانس برس «ان اصرار الجيش على منع دخول الطواقم الطبية والصحافة والتقارير التي تلقيناها من داخل المخيم تدل على انهم يحاولون دفن الجثث واخفاء معالم الجريمة».
وعند صباح يوم الاربعاء أكد ابو الهيجا لوكالة فرانس برس ان ذخيرة المقاتلين قد نفدت.
وقال «يقوم الجنود الاسرائيليون بإعدام مقاتلين واعتقال آخرين» لكن الجيش الاسرائيلي ظل يواصل حصاره للمخيم وكانت جرافاته تعمل على هدم منازل وشق طرق مكانها ومروحياته تلقي بصواريخها عليه. وفق ما أكد سويطات وشهود آخرون.
|