تنهال الصواريخ بالعشرات من طائرات الأباتشي الأمريكية الصنع على نابلس وجنين ومخيماتهما لكن أعداد الضحايا تظل في الكتمان بسبب السياج الذي فرضه الإرهابي ارييل شارون على وسائل الاعلام وحتى على المنظمات الانسانية التي يمكن أن تنقذ الجرحى وتحصي من خلال ذلك اعداد الشهداء...
حرب شارون شاملة بكل المعنى وهو أعطى اعتباراً كبيراً لما يمكن أن يتسرب إلى الخارج من هذه الجرائم البشعة، ولهذا انصب جانب كبير من جهده على تكميم أفواه الإعلام ومطاردة المراسلين واطلاق النار عليهم ومضايقتهم.
لكن القدر القليل الذي يتسرب من أنباء هذه الفظائع يكفي للالمام بأبعاد الكارثة.
صحيح أن شارون يتصرف وفقاً لعقلية إجرامية، لكن الصحيح أيضاً أن التقاعس الدولي تجاه ما يفعله إنما يشجعه على الاستمرار في هذه الجريمة، فالعالم عاجز حتى عن إجبار الحكومة الاسرائيلية على السماح بدخول سيارات الإسعاف، وإذا تسنى لهذه الجريمة أن تتوقف لبعض الوقت فإن المسعفين لن يكون أمامهم سوى لملمة الجثث المنتشرة في الشوارع وفي المنازل المدمرة.
القليل الذي يتسرب من المدن الفلسطينية والمخيمات، وعلى وجه الخصوص من جنين ونابلس يشير إلى أطفال يهيمون على وجوههم بين أنقاض المنازل بحثاً عن ذويهم وعن جرحى ينزفون حتى الموت دون أن يجرؤ أي إنسان على المجازفة بحياته لإنقاذهم، وحتى لو أفلح البعض في التقاط جريح فإن الدبابات التي تحيط بالمستشفيات تمنعهم من علاجه..
إنها جريمة بشعة تجري تحت مرأى العالم أجمع، ولايزال الكل بانتظار وزير الخارجية الأمريكي الذي استبق مهمته بالإعلان عن عدم تأكده فيما إذا كان سيقابل عرفات أم لا وهو بذلك يتحدث ضمناً عن مهمة لا يحالفها النجاح.إن كل المؤشرات تقول إن المذبحة ستستمر وان التحرك الامريكي المنحاز لإسرائيل ينظر الى كل هذه المذبحة في سياق الحرب ضد الإرهاب ولا يهم أن يكون الضحايا من بين الأطفال أو النساء أو المقاتلين، فكل هؤلاء يتم النظر إليهم كإرهابيين أو كمشاريع لإرهابيين في المستقبل.
|