هذا مثل شعبي يضرب لمن تحسن إليه فيرد إحسانك بإساءة، ولعل هذا المثل مقتبس من حكاية تلك الأعرابية التي وجدت جرو ذئب ولدته أمه وماتت عنه.. فرحمته الاعرابية وأخذته إلى بيتها.. وغذته بلبن شاة عندها.. فلما كبر واشتد ساعده.. عدا على الشاة التي تغذيه بألبانها فعقرها.. وملأ بطنه من لحمها.. فلما جاءت صاحبتها ورأت ما فعل هذا الذئب الصغير بشاتها.. مقعيا يتلمظ بطعم لحم أمه، من الرضاعة، أنشدت تقول:
عقرتََ شُويهتي وفجعت قلبي فمَن أدراك أن أباك ذيب؟ إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا تأديب |
هذا الجرو الصغير الغادر.. وسلالة الذئاب المتوحشة.. هو المثل الحقيقي لحقد اليهود.. وغدرهم وحبهم لسفك دماء المسلمين.
وأمريكا بالخصوص.. وأوروبا بالعموم.. هم الذين «غذوا» هذه الذئاب اليهودية المتوحشة.. بالأموال التي دفعوها للدولة العبرية، وبالأسلحة الفتاكة التي استخدمها اليهود المحتلون ضد الشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ ثمانين سنة ضد الاحتلال والاغتصاب اليهودي لأرضه ومقدساته، بدءاً من ثورة عام 1936م حتى اليوم.
ولولا ما في نفوس الأمريكيين والأوروبيين من دوافع ومشاعر حقد وضغينة وكراهية للإسلام والعرب لما تركوا لشارون المجرم وعصابته أن يفعلوا بالشعب الفلسطيني ما يفعل الآن من إبادة بشرية، ودمار، وخراب، وتجويع، وتعطيش، وحصار قاتل..
وأمريكا قادرة بكل تأكيد على أن توقف هذه الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني لو أرادت ذلك ولكنها لا تريد.. اللهم إلا بعد أن يحقق الغزاة اليهود مآربهم كاملة.. كما يأمل هؤلاء وأولئك، وهو أمل لن يتحقق أبداً بإذن الله ما دام الشعب الفلسطيني بهذه الشجاعة العظيمة، والعزيمة الصلدة.. حتى يحقق إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة.ولكنه والله عار وأي عار على أمريكا وأوروبا التي أوجدت الدولة الصهيونية من العدم أن تقف هذا الموقف الفاحش المخزي لها ولأعوانها.. ولا تحرك ساكناً سوى (الكلام المخدر).
ما لها لم تفعل كما فعلت مع أضعف شعب وأصغر دولة وهي (تيمور) الإندونيسية التي فصلتها من أمها اندونيسيا.. وجعلتها دولة، لا لسبب سوى أن أكثر سكان ذلك الاقليم من النصارى..؟ وتركت الرئيس اليوغسلافي السابق يفعل في (البوسنة والهرسك) ثم في (كوسوفا) مثل ما يفعل الآن شارون بالفلسطينيين ولم يتدخل الغرب في تلك الحرب إلا بعد أن خاف الغرب من عواقب تلك الحرب على دوله وشعوبه.
وإذا كان حقاً أن من أمن العقاب أساء الأدب فإن أمريكا بكل أسف قد أساءت الأدب نحو الإسلام باتهامه بأنه دين ارهاب..! وأن المسلمين إرهابيون وذلك بعد غضبها الذي لم يهدأ.. عقب أحداث 11 سبتمبر.
وها هي تقلب الحق باطلاً بزعمها أن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال هو (إرهاب) أما الحرب الضروس التي تشنها اسرائيل على هذا الشعب فهي في نظر أمريكا (دفاع عن النفس)..!
عجباً لهذا المنطق الأهوج الأعرج..!
هل تريد من الفلسطينيين والعرب أن يرتبوا على أكتاف المحتلين ويقولوا لهم لا عليكم.. ابقوا إلى ما شئتم ونحن نرحب باحتلالكم أرضنا وذبحكم شعبنا وهدم منازلنا..؟!
وبعد:
فأين هي المواقف الحازمة ل 56 دولة تسمى (منظمة المؤتمر الإسلامي) أين مواقفها، حكومات وشعوباً من أمريكا التي هي الشر والبلاء..؟
بل أين هي اللجنة التي تحدثت عنها (قمة بيروت) أخيراً والتي ستسافر إلى أمريكا وتجتمع بالرئيس الأمريكي ومسؤولي إدارته..؟ هل ذابت نتائج هذه القمة.. وأصبحت كصرخة في وادٍٍ؟ أو نفخة في رماد..؟!
وقبل كل هذا وبعده.. لماذا لا يستغيث المسلمون بالقوي القادر في صلاتهم الجهرية بالدعاء الجماعي بنصر المجاهدين في فلسطين وهزيمة وخذلان أعداء الله الظالمين؟ إن الدعاء هو أعظم الأسلحة وأخطرها على الأعداء. قال نوح : {فّدّعّا رّبَّهٍ أّنٌَي مّغًلٍوبِ فّانتّصٌرً (10) فّفّتّحًنّا أّبًوّابّ پسَّمّاءٌ بٌمّاءُ مٍَنًهّمٌرُ (11)} والآيات في هذا كثيرة جداً لكنها تريد قلوباً واعية ونفوساً ضارعة، والاستجابة متحققة حتماً متى دعونا ونحن موقنون بالإجابة.
|