Tuesday 9th April,200210785العددالثلاثاء 26 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
اليوم معكم
د. خيرية إبراهيم السقاف

* * * يقف المرء أمام بعض «المفاهيم» في حيرة كيف يوظِّفها الآخرون؟، وهل هناك معانٍ أخرى للصِّدق مثلاً عند شخص أو شخوص، غيره عند غيرهم؟ إذ من البدهي أن يكون للصِّدق معنى موحَّد، مع اختلاف درجاته، ولكن ليس اختلاف مفهومه!!...
وقس على ذلك مفهوم، العطاء، الحب، الوفاء، الاتقان، الثِّقة،....وسواها
يبدو أن الإنسان في الرَّاهن اختلَّت عنده كافة الموازين!...
هذا لكم أما ما هو لي فأقول:
كتب باسم علي الشَّهراني يقول: «........... قدِّر لي أن أتلقى تعليمي في المنزل، لظروف أسرية شديدة الصّعوبة، فدرست بمفردي وكان جار لوالدي يقوم بتدريسي في المساء، وهو يدرِّس في النَّهار ضمن مجموعة من المختصين في مدرسة ثانوية، ولم يكن الرَّجل يتقاضى من أبي إلا الدَّعاء له، إذ لم تكن ظروفنا تسمح بتقديم ما يكافىء هذا الإنسان، وساعدني في الحصول على وثيقة الابتدائية، والمتوسطة، ثم الثانوية....، وكنت خلال الساعات الأخرى أعمل في مساعدة أبي، ثمَّ بمفردي لأقوم بجزء من واجبي نحو أسرتي التي تمرُّ بظروف حياة قاسية، وبقية الوقت أقرأ، وكان هذ المدرِّس الفاضل الورع يقترض لي الكتب من مكتبة الجامعة مرَّة، ومن المكتبات الأخرى، مرَّة ثانية، وفي مرَّات كان يمنحني فرصة قراءة ما عنده من كتب. ولم يكن يتركني إلاَّ وقد شرح لي ما يصعب علي. قرأت التاريخ الإسلامي، وأعجبت بشعراء الجاهلية ثم بقصص الأنبياء، وشروح التَّفاسير، ونقد الأدب، وعرفت تطوّر الأدب العربي، وقرأت مترجمات الأدب العالمي، وحيَّرتني الكتب المترجمة في مواقف كثيرة تحمل تناقضات، وتمنيت أن أتعلَّم الإنجليزية غير أنَّ أستاذي لم يكن يتقنها وتأسَّف على ذلك لأنَّها الوحيدة التي لم يستطع تعليمي إياها. وعندما أردت الآن المقارنة بين نماذج شخصيات المسلمين الذين عمَّروا العالم وفتحوا أقاصي البلاد، وهابهم القريب والبعيد بقوة إيمانهم، وبينهم وبين الذين يسجِّلون التَّاريخ الحديث للمستقبل القادم.
وقفت في الحيرة التي أوقفني فيها المترجمون...، أولئك لا ينقلون الفكر نقلاً صحيحاً؛ فتتداخل علينا الأمور، كما أنَّهم ينتخبون الكلمات والألفاظ التي تدلُّ على فهمهم لما يترجمونه فيأتي مشوَّهاً عمَّا يريد صاحبه، وهؤلاء يترجمون الواقع بأفعالهم التي تخصُّ كلَّ منهم فكيف يسجِّل دوره في التَّاريخ.
أكتب لكِ لأنَّني فقدتُ معلِّمي، إذ رحل إلى وجه بارئه قبل شهور، ولم يتح له عمره أن يرى بقية أسطورة المسلمين الحديثة، ولم أجد إلاَّ أن أسجِّل هذا الرأي عن طريق زاويتك التي كنت وهو نقرأها بحب وبشوق...، أنا الآن أعمل، وأعول هذه الأسرة ذات الظروف العديدة، لم أتزوَّج، بقيتُ لخدمة والديَّ وبقية أفراد الأسرة التي أريد من اللَّه أن يساعدني على أن أكون عوناً لها على ما قضى لها وقدَّر. فاللهمَّ ارحم، معلِّمي واجزه عنِّي كلَّ خير، واللَّهم ساعد هذه الكاتبة أن تتقبَّل تلميذها الجديد».
* * * ويا باسم: رسالتك فيها السُّؤال والإجابة...، وهي غنيَّة بدلالات ليس أمامها إلا التَّقدير سواء في شخصك وموقفك، أو في معلِّمك الأنموذج الفريد في هذا الزَّمن للعطاء دون حدود...، إنَّني سعيدة بك وبمثلك، يكفي ما أنت عليه من قدرة الصِّمود مع النَّجاح حتى قدرت أنْ تعبِّر بهذا الأسلوب الذي لا يستطيع أن يتناول به ما يريد من الأفكار من هم خريجو الجامعات، وفي ذلك ما يزيد ثقة في نجاحك الصَّادق...
لا أجدُ ما أقولُ تجاه موقفك من أسرتك فإنَّك بارٌّ... والبرُّ باب للفلاح الأبدي وهو غاية فمن الذي يمكنه أنْ يدرك غاياته؟.... وزد على ذلك عملك ودراستك.. فاللَّه تعالى أسأل لك مزيداً من الفلاح، والرَّحمة لمعلِّمك مع عظيم الأجر، ولوالديك السَّعادة بقرَّة العين في الدنيا والآخرة إن شاء الله... وفِّقت يا بني، وأنّي سعيدة بتقبلك ...وبقراءتك...
أمّا خلاصة تجربتك مع ما قرأت وما يكون، فكلُّنا مع حيرة المفارقة، ودهشة السُّؤال... حفظك اللَّه.

* عنوان المراسلة: الرياض 11683/ص.ب/93855

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved