* مساء العاشر من شهر المحرم 1423ه، جاء إلى مكتبي شاب يبحث عن عمل ، سألته عن مستواه الدراسي، فقال: إنه خريج معهد مهني في الباحة، تخصص ميكانيكي ديزل .. وأنه واحد من ثلاثين في حرف مختلفة: ميكانيكا، كهرباء، نجارة، الإلكترونيات إلخ، وأنهم تخرجوا قبل سنة، وطافوا بورش العمل في بلد عريض جدة ، فلم يقبلهم أحد، لذلك فإنهم يبحثون عن أي عمل يدر عليهم دخلا يقتاتون به.!
* لقد أحزنني حال ذلك الشاب، ذي الواحد والعشرين ربيعا، لأن الأبواب موصدة في وجهه ووجوه زملائه.. ولو كان هذا الساعي، يحمل شهادة إعدادية أو ثانوية، ولم يجد عملا، لكان ذلك ذا مسوغ، لأن شهادته اليوم لا تتيح له عملا ودخلا كافيا.! أما أن يكون ورفاقه حرفيون وفي البلاد نحو أكثر من ثلاثة ملايين مستقدمين، يمارسون العمل نفسه، وتغلق الأبواب في وجه المواطن صاحب الحق، فهذا ما لا يقبل، ولابد من معالجة الأخطاء القائمة والسائدة.!
* أجل: ثمة خلل، وقد كتبت منذ سنين، وكتب غيري، في هذا الخلل الجاثم على الأعمال.. خاطبنا أمانات المدن وبلدياتها، وخاطبنا مكاتب العمل، التي تمنح تراخيص استقدام العمالة من كل مكان، أن تجولوا على هذه الورش التي تملأ البلاد طولا وعرضا.. ألزموا أصحابها بأن يقفوا فيها، اعطوهم مهلة محددة، فإذا لم يلتزموا، ألغوا التراخيص، وكلفوهم أن يسفروا من استقدموا، وبذلك تعالج الاخطاء، ويرعوي الذين لا يهمهم إلا أن يملأوا جيوبهم بالمال.. لا يهمهم الوطن، ولا أبناء الوطن، لا يهمهم سوى الحصول على المال بأي وجه كان.!
* أكثر أصحاب تلك الورش صوريون ، لهم مبالغ محددة من المال كل شهر، تزيد وتنقص، ولا شيء سوى ذلك، وهذه العمالة المستقدمة، تعبث وتخرب سلع الناس، وتتقاضى أجورا، وكأن البلاد سائبة، لا ضابط لها، ولا انضباط فيها، لم يسمع أحد نداءاتنا، وكأننا نؤذن في مالطة كما يقولون.. ولابد أن يحاسِب، حامي العمالة الوطنية، ورائد دعوة السعودة الأمير نايف بن عبدالعزيز، يحاسب المقصرين وغير المبالين، وتغير الوجوه في هذه الأجهزة الجامدة النائمة، لأنها تهدر مصالح الوطن وأبنائه.!
* هؤلاء الشبان الثالون، كما قال قائلهم، ينبغي ان ترعاهم وتحميهم مكاتب العمل، ويذهب بهم مفتشون من تلك المكاتب إلى تلك الورش، التي لا تحمل سوى: أسماء أصحابها الغائبين على الدوام، وان تحضرهم إلى مكاتبها، وتأخذ منهم تعهدات بالوقوف في أعمالهم أو إغلاقها، وأن يستقبلوا المواطنين الحرفيين، ويعطوهم فرص العمل عندهم، ويشجعوهم ويحثوهم على التطور واتقان ما تخصصوا فيه، وأن يرحلوا الأجانب، حين يحل محلهم مواطنون في مختلف التخصصات.!
* إن المسؤولية، ليست حبرا على ورق، وليست تصريحات في الصحافة، ولكنها أداء متقن، أداء واجب أمانة، وممارسة حقة، لتصحيح الاوضاع المختلة السائبة، لأنها: بلا رقابة، وبلا متابعة، ولكن كما يقال: الحبل على الغارب، وهذا ليس عملا، وليس إصلاحا، وليس تحمل مسؤولية، ولكنه تسيب ، يستحق العقاب الرادع، والأمير نايف حقيق بممارسة سلطته، في تقويم المعوج، وردع المنحرف، وعقاب المهمل وإحقاق الحق ليسود العدل.!
|