بوح
مشكلات النشر
إبراهيم الناصر الحميدان

أعرف بأن الكثيرين من شبابنا الطموحين لديهم تطلعات ورغبة كبيرة في أن يرى إنتاجهم الفكري الضياء والنور لاسيما الذين قطعوا شوطاً كبيراً في المطالعة والمتابعة. وبما أن التواصل بين المتنورين مازال هامشياً في المنتديات الفكرية رغم تواجد هذه المؤسسات الضعيفة التي تتمثل في النوادي الأدبية أو الجمعيات إلى جانب خجل بعض الشباب عن إظهار عوزهم المادي إلى زملائهم. لذلك كله يبقى الكثير من الإبداعات الفكرية حبيسة المخابىء. مما جعل أحد الزملاء إلى إصدار مجلة دورية عن طريق الاشتراكات التي تدفع مقدماً وبهذه الوسيلة استطاعت تلك المطبوعة من الصدور رغم أنها عانت من المصائب المالية لاحقاً لعدم وجود إيرادات تغطي مصاريف الطباعة والجوانب الإدارية. إنما هي على الأقل فكرة جديدة تطرح لأول مرة. أردت أن يستفيد من هذه التجربة بعض شبابنا الذين تضيق بهم السبل في وجه إصداراتهم حتى يتعرف القارىء على مستويات نضوجهم ومن يدري فقد يكون بينهم مبدع عظيم أو ناقد سوف يكون له شأن كبير في المستقبل بعد أن يتخطى عوامل الإحباط في خطواته الأولى. إذ يتاح لنا نحن المخضرمين أن نطلع خفية على بعض الإنتاج الذي لم ير النور بعد أن يتشجع المبدع ليعرض علينا إنتاجه من قبيل حسن الظن فنشعر بالمسؤلية الأدبية ولكننا مثله لن نستطيع أن ندعم توجهه مادياً لمعرفتنا المسبقة بأن المجال الفكري لا يجد ذلك الدعم ما لم تسبق مؤلفة ضجة كبيرة أو يد قوية تستند إلى مركزها الوظيفي حتى تشجعه شرائياً بابتياع كمية مما طبعه لكي تنقذه من تكلفة الطباعة ولا أقول الحصول على عائد مادي يدخل جيب ذلك المؤلف خاصة وأن دور النشر مازال يواجهها الكثير من العوائق لانتشار المؤلفات المحلية من بينها تكاليف التوزيع لتغطي معظم المكتبات الموزعة في مدننا المتباعدة والفكرة التي أقترحها على هؤلاء الذين يتألمون لرؤية جهدهم الفكري حبيس منازلهم هي أن يؤلفوا فيما بينهم شراكة محدودة يساهمون عن طريقها بالتمويل الجزئي ليصدر لهم إنتاج مشترك كخطوة أولى في سبيل التعريف بإنتاجهم وهذه الخطوة في تقديري«قد» تغني مبدئياً عن الإنتاج الفردي الذي لا تستطيع ميزانيات الكثير من الشباب المبدعين من تحمله منفردين. ومثل هذا العمل جربه شباب بعض الأقطار العربية الذين يتقاربون في الطموح والإمكانيات مع شبابنا نحن إلى أن تتحرك الجهات التي تعنى بالجهد الثقافي سواء كانت رسمية أو أهلية للنظر في وضعنا الفكري الذي يعاني من مثبطات كبيرة في طليعتها التكاليف المادية التي لابد وأن نعترف بأنها عقبة كؤود في سبيل الانتشار الثقافي في عصرنا الراهن.