لدينا جهاز حكومي ضخم جداً وأكبر بكثير مما ينبغي وهو كل يوم يزداد ترهلاً وروتيناً ودرقاً. ومنذ سنوات طويلة ونحن نسمع عن إصلاح إداري يستهدف التخلص من بعض القطاعات ودمج بعضها. ومنذ سنوات طويلة ونحن ننتظر تخصيص الكثير من القطاعات الحكومية ولكن ذلك لم يحدث!!
والذي يحدث العكس تماماً فما أن تطرأ مشكلة في مجال ما حتى تتنادى الأصوات للمطالبة بإنشاء جهاز حكومي في ذلك المجال. وللأسف الشديد غالباً ما تتم الاستجابة لتلك الأصوات لتبقى الإشكاليات على حالها ولتتنادى الأصوات مرة أخرى لحل إشكاليات الجهاز الحكومي الجديد حتى يستطيع حل المشكلة التي أنشئ لحلها!!
ومن وجهة نظري أن أكبر خطأ تنموي يمكن ارتكابه هو إنشاء أجهزة حكومية جديدة إلا إذا كانت ستعمل وفقا لآليات القطاع الخاص ولديها القدرة على تمويل ذاتها.
والحقيقة أنني اختلف تماما مع بعض الاخوة الذين يطالبون بإنشاء وزارة أو هيئة حكومية للاهتمام بشؤون المستهلك إذ أن مثل هذا النشاط الحيوي وغير النمطي لا يمكن أن يقوم به إلا المواطنون أنفسهم من خلال جمعيات أهلية متعددة لمتابعة ومراقبة المنتجات وكذلك الخدمات المقدمة للمواطن ومساعدة الجهات الرقابية والقضائية والإعلامية على التعرف على أي خلل أو غش أو ضعف في تلك المنتجات والخدمات ومن ثم الضغط على تلك الجهات لمحاسبة ومعاقبة كل مقصر ومهمل ومتابعة تنفيذ العقوبات الصادرة في حقهم وذلك كما هو معمول به في الدول المتطورة التي يوجد بها مئات الجمعيات الأهلية لحماية المستهلك وتضخ آلاف المواطنين من مختلف التخصصات.
وإذا ما أردنا أن نحمي أنفسنا كما هو الحال في تلك الدول فليس من المعقول أن نطلب ذلك من عدد محدود من الموظفين الحكوميين الذين يواجهون العديد من الصعوبات والمعوقات والإحباطات إذ أننا بتلك المطالبة نظلمهم ونظلم أنفسنا!
| 
